الاصحاح الأول
1
كُلُّ حِكْمَةٍ فَهِيَ مِنَ الرَّبِّ وَلاَ تَزَالُ مَعَهُ إِلَى الأَبَدِ.
2
مَنْ يُحْصِي رَمْلَ الْبِحَارِ وَقِطَارَ الْمَطَرِ وَأَيَّامَ الدَّهْرِ؟ وَمَنْ يَمْسَحُ سَمْكَ السَّمَاءِ وَرُحْبَ الأَرْضِ وَالْغَمْرَ؟
3
وَمَنْ يَسْتَقْصِي الْحِكْمَةَ الَّتِي هِيَ سَابِقَةُ كُلِّ شَيْءٍ؟
4
قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ حِيزَتِ الْحِكْمَةُ وَمُنْذُ الأَزَلِ فَهْمُ الْفِطْنَةِ.
5
يَنْبُوعُ الْحِكْمَةِ كَلِمَةُ اللهِ فِي الْعُلَى وَمَسَالِكُهَا الْوَصَايَا الأَزَلِيَّةُ.
6
لِمَنِ انْكَشَفَ أَصْلُ الْحِكْمَةِ وَمَنْ عَلِمَ دَهَاءَهَا؟
7
لِمَنْ تَجَلَّتْ مَعْرِفَةُ الْحِكْمَةِ وَمَنْ أَدْرَكَ كَثْرَةَ خُبْرَتِهَا؟
8
وَاحِدٌ هُوَ حَكِيمٌ، عَظِيمُ الْمَهَابَةِ، جَالِسٌ عَلَى عَرْشِهِ.
9
الرَّبُّ هُوَ حَازَهَا وَرَآهَا وَأَحْصَاهَا،
10
وَأَفَاضَهَا عَلَى جَمِيعِ مَصْنُوعَاتِهِ، فَهِيَ مَعَ كُلِّ ذِي جَسَدٍ عَلَى حَسَبِ عَطِيَّتِهِ، وَقَدْ مَنَحَهَا لِمُحِبِّيهِ.
11
مَخَافَةُ الرَّبِّ مَجْدٌ وَفَخْرٌ وَسُرُورٌ وَإِكْلِيلُ ابْتِهَاجٍ.
12
مَخَافَةُ الرَّبِّ تَلَذُّ لِلْقَلْبِ، وَتُعْطِي السُّرُورَ وَالْفَرَحَ وَطُولَ الأَيَّامِ.
13
اَلْمُتَّقِي لِلرَّبِّ يَطِيبُ نَفْساً فِي أَوَاخِرِهِ، وَيَنَالُ حُظْوَةً يَوْمَ مَوْتِهِ.
14
مَحَبَّةُ الرَّبِّ هِيَ الْحِكْمَةُ الْمَجِيدَةُ.
15
وَالَّذِينَ تَتَرَاءَى لَهُمْ يُحِبُّونَهَا عِنْدَ رُؤْيَتِهِمْ لَهَا وَتَأَمُّلِهِمْ لِعَظَائِمِهَا.
16
رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ اللهِ. إِنَّهَا تَوَلَّدَتْ فِي الرَّحِمِ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَعَلَتْ عُشَّهَا بَيْنَ النَّاسِ مَدَى الدَّهْرِ، وَسَتُسَلِّمُ نَفْسَهَا إِلَى ذُرِّيَّتِهِمْ.
17
مَخَافَةُ الرَّبِّ هِيَ عِبَادَتُهُ عَنْ مَعْرِفَةٍ.
18
اَلْعِبَادَةُ تَحْفَظُ الْقَلْبَ وَتُبَرِّرُهُ، وَتَمْنَحُ السُّرُورَ وَالْفَرَحَ.
19
اَلْمُتَّقِي لِلرَّبِّ يَطِيبُ نَفْساً، وَيَنَالُ حُظْوَةً فِي يَوْمِ وَفَاتِهِ.
20
كَمَالُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ. إِنَّهَا تُسْكِرُ بِثِمَارِهَا.
21
تَمْلأُ كُلَّ بَيْتِهَا رَغَائِبَ، وَمَخَازِنَهَا غِلاَلاً.
22
إِكْلِيلُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ. إِنَّهَا تُنْشِئُ السَّلاَمَ وَالشِّفَاءَ وَالْعَافِيَةَ،
23
وَقَدْ رَأَتِ الْحِكْمَةَ وَأَحْصَتْهَا، وَكِلْتَاهُمَا عَطِيَّةٌ مِنَ اللهِ.
24
الْحِكْمَةُ تَسْكُبُ الْمَعْرِفَةَ وَعِلْمَ الْفِطْنَةِ، وَتُعْلِي مَجْدَ الَّذِينَ يَمْلِكُونَهَا.
25
أَصْلُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ، وَفُرُوعُهَا طُولُ الأَيَّامِ.
26
فِي ذَخَائِرِ الْحِكْمَةِ الْعَقْلُ وَالْعِبَادَةُ عَنْ مَعْرِفَةٍ، أَمَّا عِنْدَ الْخُطَاةِ فَالْحِكْمَةُ رِجْسٌ.
27
مَخَافَةُ الرَّبِّ تَنْفِي الْخَطِيئَةَ.
28
غَضَبُ الأَثِيمِ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يُبَرَّرَ، لأَنَّ وِقْرَ غَضَبِهِ يُسْقِطُهُ.
29
اَلطَّوِيلُ الأَنَاةِ يَصْبِرُ إِلَى حِينٍ، ثُمَّ يُعَاوِدُهُ السُّرُورُ.
30
اَلْعَاقِلُ يَكْتُمُ كَلاَمَهُ إِلَى حِينٍ، وَشِفَاهُ الْمُؤْمِنِينَ تُثْنِي عَلَى عَقْلِهِ.
31
فِي ذَخَائِرِ الْحِكْمَةِ أَمْثَالُ الْمَعْرِفَةِ،
32
أَمَّا عِنْدَ الْخَاطِئِ فَعِبَادَةُ اللهِ رِجْسٌ.
33
يَا بُنَيَّ، إِنْ رَغِبْتَ فِي الْحِكْمَةِ، فَاحْفَظِ الْوَصَايَا، فَيَهَبَهَا لَكَ الرَّبُّ.
34
فَإِن الْحِكْمَةَ وَالتَّأْدِيبَ هُمَا مَخَافَةُ الرَّبِّ، وَالَّذِي يُرْضِيهِ
35
هُوَ: الإِيْمَانُ وَالْوَدَاعَةُ، فَيَغْمُرُ صَاحِبَهُمَا بِالْكُنُوزِ.
36
لاَ تُعَاصِ مَخَافَةَ الرَّبِّ، وَلاَ تَتَقَدَّمْ إِلَيْهِ بِقَلْبٍ وَقَلْبٍ.
37
لاَ تَكُنْ مُرَائِياً فِي وُجُوهِ النَّاسِ، وَكُنْ مُحْتَرِساً لِشَفَتَيْكَ.
38
لاَ تَتَرَفَّعْ لِئَلاَّ تَسْقُطَ؛ فَتَجْلُبَ عَلَى نَفْسِكَ الْهَوَانَ،
39
وَيَكْشِفَ الرَّبُّ خَفَايَاكَ، وَيَصْرَعَكَ فِي الْمَجْمَعِ،
40
لأَنَّكَ لَمْ تَتَوَجَّهْ إِلَى مَخَافَةِ الرَّبِّ، لكِنَّ قَلْبَكَ مَمْلُوءٌ مَكْراً.
الاصحاح الثاني
1
يَا بُنَيَّ، إِنْ أَقْبَلْتَ لِخِدْمَةِ الرَّبِّ الإِلهِ، فَاثْبُتْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَأَعْدِدْ نَفْسَكَ لِلتَّجْرِبَةِ.
2
أَرْشِدْ قَلْبَكَ وَاحْتَمِلْ. أَمِلْ أُذُنَكَ وَاقْبَلْ أَقْوَالَ الْعَقْلِ، وَلاَ تَعْجَلْ وَقْتَ النَّوَائِبِ.
3
اِنْتَظِرْ بِصَبْرٍ مَا تَنْتَظِرُ مِنَ اللهِ، لاَزِمْهُ وَلاَ تَرْتَدِدْ، لِكَيْ تَزْدَادَ حَيَاةً فِي أَوَاخِرِكَ.
4
مَهْمَا نَابَكَ فَاقْبَلْهُ، وَكُنْ صَابِراً عَلَى صُرُوفِ اتِّضَاعِكَ،
5
فَإِن الذَّهَبَ يُمَحَّصُ فِي النَّارِ، وَالْمَرْضِيِّينَ مِنَ النَّاسِ يُمَحَّصُونَ فِي أَتُونِ الاِتِّضَاعِ.
6
آمِنْ بِهِ فَيَنْصُرَكَ. قَوِّمْ طُرُقَكَ وَأَمِّلْهُ. احْفَظْ مَخَافَتَهُ، وَابْقَ عَلَيْهَا فِي شَيْخُوخَتِكَ.
7
أَيُّهَا الْمُتَّقُونَ لِلرَّبِّ، انْتَظِرُوا رَحْمَتَهُ، وَلاَ تَحِيدُوا لِئَلاَّ تَسْقُطُوا.
8
أَيُّهَا الْمُتَّقُونَ لِلرَّبِّ، آمِنُوا بِهِ؛ فَلاَ يَضِيعَ أَجْرُكُمْ.
9
أَيُّهَا الْمُتَّقُونَ لِلرَّبِّ، أَمِّلُوا الْخَيْرَاتِ وَالسُّرُورَ الأَبَدِيَّ وَالرَّحْمَةَ.
10
أَيُّهَا الْمُتَّقُونَ لِلرَّبِّ، أَحِبُّوهُ؛ فَتَسْتَنِيرَ قُلُوبُكُمْ.
11
اُنْظُرُوا إِلَى الأَجْيَالِ الْقَدِيمَةِ وَتَأَمَّلُوا. هَلْ تَوَكَّلَ أَحَدٌ عَلَى الرَّبِّ فَخَزِيَ؟
12
أَوْ ثَبَتَ عَلَى مَخَافَتِهِ فَخُذِلَ؟ أَوْ دَعَاهُ فَأُهْمِلَ؟
13
فَإِنَّ الرَّبَّ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ، يَغْفِرُ الْخَطَايَا وَيُخَلِّصُ فِي يَوْمِ الضِّيقِ.
14
وَيْلٌ لِلقُلُوبِ الْهَيَّابَةِ، وَلِلأَيْدِي الْمُتَرَاخِيَةِ، وَلِلْخَاطِئِ الَّذِي يَمْشِي فِي طَرِيقَيْنِ.
15
وَيْلٌ لِلْقَلْبِ الْمُتَوَانِي، إِنَّهُ لاَ يُؤْمِنُ وَلِذلِكَ لاَ حِمَايَةَ لَهُ.
16
وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الَّذِينَ فَقَدُوا الصَّبْرَ، وَتَرَكُوا الطُّرُقَ الْمُسْتَقِيمَةَ، وَمَالُوا إِلَى طُرُقِ السُّوءِ،
17
فَمَاذَا تَصْنَعُونَ يَوْمَ افْتِقَادِ الرَّبِّ؟
18
إِنَّ الْمُتَّقِينَ لِلرَّبِّ لاَ يُعَاصُونَ أَقْوَالَهُ، وَالْمُحِبِّينَ لَهُ يَحْفَظُونَ طُرُقَهُ.
19
إِنَّ الْمُتَّقِينَ لِلرَّبِّ يَبْتَغُونَ مَرْضَاتَهُ، وَالْمُحِبِّينَ لَهُ يَمْتَلِئُونَ مِنَ الشَّرِيعَةِ.
20
إِنَّ الْمُتَّقِينَ لِلرَّبِّ يُهَيِّئُونَ قُلُوبَهُمْ، وَيُخْضِعُونَ أَمَامَهُ نُفُوسَهُمْ.
21
إِنَّ الْمُتَّقِينَ لِلرَّبِّ يَحْفَظُونَ وَصَايَاهُ، وَيَصْبِرُونَ إِلَى يَوْمِ افْتِقَادِهِ،
22
قَائِلِينَ: «إِنْ لَمْ نَتُبْ، نَقَعْ فِي يَدَيِ الرَّبِّ لاَ فِي أَيْدِي النَّاسِ،
23
لأَنَّ رَحْمَتَهُ عَلَى قَدْرِ عَظَمَتِهِ».
الاصحاح الثالث
1
بَنُو الْحِكْمَةِ جَمَاعَةُ الصِّدِّيقِينَ، وَذُرِّيَّتُهُمْ أَهْلُ الطَّاعَةِ وَالْمَحَبَّةِ.
2
يَا بَنِيَّ، اِسْمَعُوا أَقْوَالَ أَبِيكُمْ، وَاعْمَلُوا بِهَا لِكَيْ تَخْلُصُوا.
3
فَإِنَّ الرَّبَّ قَدْ أَكْرَمَ الأَبَ فِي الأَوْلاَدِ، وَأَثْبَتَ حُكْمَ الأُمِّ فِي الْبَنِينَ.
4
مَنْ أَكْرَمَ أَبَاهُ، فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ خَطَايَاهُ، وَيَمْتَنِعُ عَنْهَا، وَيُسْتَجَابُ لَهُ فِي صَلاَةِ كُلِّ يَوْمٍ.
5
وَمَنِ احْتَرَمَ أُمَّهُ، فَهُوَ كَمُدَّخِرِ الْكُنُوزِ.
6
مَنْ أَكْرَمَ أَبَاهُ سُرَّ بِأَوْلاَدِهِ، وَفِي يَوْمِ صَلاَتِهِ يُسْتَجَابُ لَهُ.
7
مَنِ احْتَرَمَ أَبَاهُ طَالَتْ أَيَّامُهُ، وَمَنْ أَطَاعَ أَبَاهُ أَرَاحَ أُمَّهُ.
8
الَّذِي يَتَّقِي الرَّبَّ يُكْرِمُ أَبَوَيْهِ، وَيَخْدُمُ وَالِدَيْهِ بِمَنْزِلَةِ سَيِّدَيْنِ لَهُ.
9
أَكْرِمْ أَبَاكَ بِفِعَالِكَ وَمَقَالِكَ بِكُلِّ أَنَاةٍ،
10
لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيْكَ الْبَرَكَةُ مِنْهُ، وَتَبْقَى بَرَكَتُهُ إِلَى الْمُنْتَهَى.
11
فَإِنَّ بَرَكَةَ الأَبِ تُوَطِّدُ بُيُوتَ الْبَنِينَ، وَلَعْنَةَ الأُمِّ تَقْلَعُ أُسُسَهَا.
12
لاَ تَفْتَخِرْ بِهَوَانِ أَبِيكَ، فَإِنَّ هَوَانَ أَبِيكَ لَيْسَ فَخْراً لَكَ،
13
بَلْ فَخْرُ الإِنْسَانِ بِكَرَامَةِ أَبِيهِ، وَمَذَلَّةُ الأُمِّ عَارٌ لِلْبَنِينَ.
14
يَا بُنَيَّ، أَعِنْ أَبَاكَ فِي شَيْخُوخَتِهِ، وَلاَ تَحْزُنْهُ فِي حَيَاتِهِ.
15
وَإِنْ ضَعُفَ عَقْلُهُ فَاعْذِرْ، وَلاَ تُهِنْهُ وَأَنْتَ فِي وُفُورِ قُوَّتِكَ، فَإِنَّ الرَّحْمَةَ لِلْوَالِدِ لاَ تُنْسَى.
16
وَبِاحْتِمَالِكَ هَفَوَاتِ أُمِّكَ، تُجْزَى خَيْراً.
17
وَعَلَى بِرِّكَ يُبْنَى لَكَ بَيْتٌ، وَتُذْكَرُ يَوْمَ ضِيقِكَ، وَكَالْجَلِيدِ فِي الصَّحْوِ تُحَلُّ خَطَايَاكَ.
18
مَنْ خَذَلَ أَبَاهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُجَدِّفِ، وَمَنْ غَاظَ أُمَّهُ، فَهُوَ مَلْعُونٌ مِنَ الرَّبِّ.
19
يَا بُنَيَّ، اقْضِ أَعْمَالَكَ بالْوَدَاعَةِ، فَيُحِبَّكَ الإِنْسَانُ الصَّالِحُ.
20
إِزْدَدْ تَوَاضُعاً مَا ازْدَدْتَ عَظَمَةً، فَتَنَالَ حُظْوَةً لَدَى الرَّبِّ.
21
لأَنَّ قُدْرَةَ الرَّبِّ عَظِيمَةٌ، وَبِالْمُتَوَاضِعِينَ يُمَجَّدُ.
22
لاَ تَطْلُبْ مَا يُعْيِيكَ نَيْلُهُ، وَلاَ تَبْحَثْ عَمَّا يَتَجَاوَزُ قُدْرَتَكَ، لكِنْ مَا أَمَرَكَ اللهُ بِهِ، فِيهِ تَأَمَّلْ، وَلاَ تَرْغَبْ فِي اسْتِقْصَاءِ أَعْمَالِهِ الْكثِيرَةِ.
23
فَإِنَّهُ لاَ حَاجَةَ لَكَ أَنْ تَرَى الْمَغَيَّبَاتِ بِعَيْنَيْكَ،
24
وَمَا جَاوَزَ أَعْمَالَكَ، فَلاَ تُكْثِرِ الاِهْتِمَامَ بِهِ.
25
فَإِنَّكَ قَدْ أُطْلِعْتَ عَلَى أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ تُفُوقُ إِدْرَاكَ الإِنْسَانِ.
26
وَإِنَّ كَثِيرِينَ قَدْ أَضَلَّهُمْ زَعْمُهُمْ، وَأَزَلَّ عُقُولَهُمْ وَهْمُهُمُ الْفَاسِدُ.
27
الْقَلْبُ الْقَاسِي عَاقِبَتُهُ السُّوءُ، وَالَّذِي يُحِبُّ الْخَطَرَ يَسْقُطُ فِيهِ.
28
الْقَلْبُ السَّاعِي فِي طَرِيقَيْنِ لاَ يَنْجَحُ، وَالْفَاسِدُ الْقَلْبِ يَعْثُرُ فِيهِمَا.
29
الْقَلْبُ الْقَاسِي يُثَقَّلُ بِالْمَشَقَّاتِ، وَالْخَاطِئُ يَزِيدُ خَطِيئَةً عَلَى خَطِيئَةٍ.
30
دَاءُ الْمُتَكَبِّرِ لاَ دَوَاءَ لَهُ، لأَنَّ جُرْثُومَةَ الشَّرِّ قَدْ تَأَصَّلَتْ فِيهِ.
31
قَلْبُ الْعَاقِلِ يَتَأَمَّلُ فِي الْمَثَلِ، وَمُنْيَةُ الْحَكِيمِ أُذُنٌ سَامِعَةٌ.
32
الْقَلْبُ الْحَكِيمُ الْعَاقِلُ يَمْتَنِعُ مِنَ الْخَطَايَا، وَيَنْجَحُ فِي أَعْمَالِ الْبِرِّ.
33
الْمَاءُ يُطْفِئُ النَّارَ الْمُلْتَهِبَةَ، وَالصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الْخَطَايَا.
34
مَنْ صَنَعَ جَمِيلاً ذُكِرَ فِي أَوَاخِرِهِ، وَصَادَفَ سَنَداً فِي يَوْمِ سُقُوطِه.ِ
الاصحاح الرابع
1
يَا بُنَيَّ، لاَ تَحْرِمِ الْمِسْكِينَ مَا يَعِيشُ بِهِ، وَلاَ تُمَاطِلْ عَيْنَيِ الْمُعْوِزِ.
2
لاَ تَحْزُنِ النَّفْسَ الْجَائِعَةَ، وَلاَ تَغِظِ الرَّجُلَ فِي فَاقَتِهِ.
3
لاَ تَزِدِ الْقَلْبَ الْمَغِيظَ قَلَقاً، وَلاَ تُمَاطِلِ الْمُعْوِزَ بِعَطِيَّتِكَ.
4
لاَ تَأْبَ إِعْطَاءَ الْبَائِسِ سُؤْلَهُ، وَلاَ تُحَوِّلَ وَجْهَكَ عَنِ الْمِسْكِينِ.
5
لاَ تَصْرِفْ طَرْفَكَ عَنِ الْمُعْوِزِ، وَلاَ تَصْنَعْ شَيْئاً يَجْلُبُ عَلَيْكَ لَعْنَةَ الإِنْسَانِ.
6
فَإِنَّ مَنْ يَلْعَنُكَ بِمَرَارَةِ نَفْسِهِ، يَسْتَجِيبُ صَانِعُهُ دُعَاءَهُ.
7
كُنْ مُتَوَدِّداً إِلَى الْجَمَاعَةِ، وَاخْفِضْ رَأْسَكَ لِذِي الْوَجَاهَةِ.
8
أَمِلْ أُذُنَكَ إِلَى الْمِسْكِينِ، وَأَجِبْهُ بِرِفْقٍ وَوَدَاعَةٍ.
9
أَنْقِذِ الْمَظْلُومَ مِنْ يَدِ الظَّالِمِ، وَلاَ تَكُنْ صَغِيرَ النَّفْسِ فِي الْقَضَاءِ.
10
كُنْ أَباً لِلْيَتَامَى، وَبِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ لأُمِّهِمْ؛
11
فَتَكُونَ كَابْنِ الْعَلِيِّ، وَهُوَ يُحِبُّكَ أَكْثَرَ مِنْ أُمِّكَ.
12
الْحِكْمَةُ تُنْشِئُ لَهَا بَنِينَ، وَالَّذِينَ يَلْتَمِسُونَهَا تَضُمُّهُمْ إِلَيْهَا.
13
مَنْ أَحَبَّهَا أَحَبَّ الْحَيَاةَ، وَالَّذِينَ يَبْتَكِرُونَ إِلَيْهَا يَمْتَلِئُونَ سُرُوراً.
14
مَنْ مَلَكَهَا يَرِثُ مَجْداً، وَحَيْثُمَا دَخَلَتْ، فَهُنَاكَ بَرَكَةُ الرَّبِّ.
15
الَّذِينَ يَعْبُدُونَهَا يَخْدُمُونَ الْقُدُّوسَ، وَالَّذِينَ يُحِبُّونَهَا يُحِبُّهُمُ الرَّبُّ.
16
مَنْ سَمِعَ لَهَا يَحْكُمُ عَلَى الأُمَمِ، وَمَنْ أَقْبَلَ إِلَيْهَا يَسْكُنُ مُطْمَئِنًّا.
17
إِذَا اسْتَسْلَمَ لَهَا يَرِثُهَا، وَأَعْقَابُهُ يَبْقَوْنَ عَلَى امْتِلاَكِهَا.
18
فَإِنَّهَا فِي أَوَّلِ الأَمْرِ تَسْلُكُ مَعَهُ بِعِوَجٍ؛
19
فَتُلْقِي عَلَيْهِ الْخَوْفَ وَالرُّعْبَ، وَتَمْتَحِنُهُ بِتَأْدِيبِهَا إِلَى أَنْ تَثِقَ بِنَفْسِهِ، وَتَخْتَبِرَهُ فِي أَحْكَامِهَا.
20
ثُمَّ تَعُودُ فَتُعَامِلُهُ بِاسْتِقَامَةٍ وَتَسُرُّهُ،
21
وَتَكَشِفُ لَهُ أَسْرَارَهَا، وَتَجْمَعُ فِيهِ كُنُوزاً مِنَ الْعِلْمِ وَفَهْمِ الْبِرِّ.
22
وَأَمَّا إِذَا ذَهَبَ فِي الضَّلاَلِ؛ فَهِيَ تَخْذُلُهُ وَتُسَلِّمُهُ إِلَى مَصْرَعِهِ.
23
يَا بُنَيَّ، احْرِصْ عَلَى الزَّمَانِ، وَاحْتَفِظْ مِنَ الشَّرِّ.
24
وَلاَ تَسْتَحِيِ فِي أَمَرِ نَفْسِكَ،
25
فَإِنَّ مِنَ الْحَيَاءِ مَا يَجْلُبُ الْخَطِيئَةَ، وَمِنْهُ مَا هُوَ مَجْدٌ وَنِعْمَةٌ.
26
لاَ تُحَابِ الْوُجُوهَ، فَذلِكَ ضَرَرٌ لِنَفْسِكَ.
27
وَلاَ تَسْتَحِيِ حَيَاءً بِهِ هَلاَكُكَ.
28
لاَ تَمْتَنِعْ مِنَ الْكَلاَمِ فِي وَقْتِ الْخَلاَصِ، وَلاَ تَكْتُمْ حِكْمَتَكَ إِذَا جَمُلَ إِبْدَاؤُهَا.
29
فَإِنَّمَا تُعْرَفُ الْحِكْمَةُ بِالْكَلاَمِ، وَالتَّأْدِيبُ بِنُطْقِ اللِّسَانِ.
30
لاَ تُخَالِفِ الْحَقَّ، بَلِ اَسْتَحِي مِنْ جَهَالَتِكَ.
31
لاَ تَسْتَحِي أَنْ تَعْتَرِفَ بِخَطَايَاكَ، وَلاَ تُغَالِبْ مَجْرَى النَّهْرِ.
32
وَلاَ تَتَذَلَّلْ لِلْرَّجُلِ الأَحْمَقِ، وَلاَ تُحَابِ وَجْهَ الْمُقْتَدِرِ.
33
جَاهِدْ عَنِ الْحَقِّ إِلَى الْمَوْتِ، وَالرَّبُّ الإِلهُ يُقَاتِلُ عَنْكَ.
34
لاَ تَكُنْ جَافِياً فِي لِسَانِكَ، وَلاَ كَسِلاً مُتَوَانِياً فِي أَعْمَالِكَ.
35
لاَ تَكُنْ كَأَسَدٍ فِي بَيْتِكَ، وَكَمَجْنُونٍ بَيْنَ أَهْلِكَ.
36
لاَ تَكُنْ يَدُكَ مَبْسُوطَةً لِلأَخْذِ، مَقْبُوضَةً عَنِ الْعَطَاءِ.
الاصحاح الخامس
1
لاَ تَعْتَدَّ بِأَمْوَالِكَ، وَلاَ تَقُلْ: «لِي بِهَا كِفَايَةٌ».
2
لاَ تَتَّبِعْ هَوَاكَ وَلاَ قُوَّتَكَ، لِتَسِيرَ فِي شَهَوَاتِ قَلْبِكَ.
3
وَلاَ تَقُلْ: «مَنْ يَتَسَلَّطُ عَلَيَّ؟» فَإِنَّ الرَّبَّ يَنْتَقِمُ مِنْكَ انْتِقَاماً.
4
لاَ تَقُلْ: «قَدْ خَطِئْتُ، فَأَيُّ سُوءٍ أَصَابَنِي؛ فَإِنَّ الرَّبَّ طَوِيلُ الأَنَاةِ».
5
لاَ تَكُنْ بِلاَ خَوْفٍ مِنْ قِبَلِ الْخَطِيئَةِ الْمَغْفُورَةِ، لِتَزِيدَ خَطِيئَةً عَلَى خَطِيئَةٍ.
6
وَلاَ تَقُلْ: «رَحْمَتُهُ عَظِيمَةٌ، فَيَغْفِرُ كَثْرَةَ خَطَايَايَ»؛
7
فَإِن عِنْدَهُ الرَّحْمَةَ وَالْغَضَبَ، وَسُخْطُهُ يَحِلُّ عَلَى الْخُطَاةُ.
8
لاَ تُؤَخِّرِ التَّوْبَةَ إِلَى الرَّبِّ، وَلاَ تَتَبَاطَأَ مِنْ يَوْمٍ إِلَى يَوْمٍ؛
9
فَإِنَّ غَضَبَ الرَّبِّ يَنْزِلُ بَغْتَةً، وَيَسْتَأْصِلُ فِي يَوْمِ الانْتِقَامِ.
10
لاَ تَعْتَدَّ بِأَمْوَالِ الظُّلْمِ؛ فَإِنَّهَا لاَ تَنْفَعُكَ شَيْئاً فِي يَوْمِ الانْتِقَامِ.
11
لاَ تَنْقَلِبْ مَعَ كُلِّ رِيحٍ، وَلاَ تَسِرْ فِي كُلِّ طَرِيقٍ؛ فَإِنَّهُ كَذلِكَ يَفْعَلُ الْخَاطِئُ ذُو اللِّسَانَيْنِ.
12
بَلْ كُنْ ثَابِتاً فِي فَهْمِكَ، وَلِيَكُنْ كَلاَمُكَ وَاحِداً.
13
كُنْ سَرِيعاً فِي الاِسْتِمَاعِ، وَكَثِيرَ التَّأَنِّي فِي إِحَارَةِ الْجَوَابِ.
14
إِنْ كَانَ لَكَ فَهْمٌ؛ فَجَاوِبْ قَرِيبَكَ، وَإِلاَّ فَاجْعَلْ يَدَكَ عَلَى فَمِكَ.
15
فِي الْكَلاَمِ كَرَامَةٌ وَهَوَانٌ، وَلِسَانُ الإِنْسَانِ تَهْلُكَتُهُ.
16
لاَ تُدْعَ نَمَّاماً، وَلاَ تَخْتُلْ بِلِسَانِكَ.
17
فَإِنَّ لِلسَّارِقِ الْخِزْيَ، وَلِذِي اللِّسَانَيْنِ الْمَذَمَّةَ الشَّدِيدَةَ.
18
لاَ تَكُنْ جَاهِلاً فِي كَبِيرَةٍ وَلاَ فِي صَغِيرَةٍ.
الاصحاح السادس
1
وَلاَ تَصِرْ عَدُوًّا بَعْدَ أَنْ كُنْتَ صَدِيقاً، فَإِن الْقَبِيحَ السُّمْعَةِ يَرِثُ الْخِزْيَ وَالْعَارَ، وَكَذلِكَ الْخَاطِئُ ذُو اللِّسَانَيْنِ.
2
لاَ تَكُنْ كَثَوْرٍ، مُسْتَكْبِراً بِأَفْكَارِ قَلْبِكَ، لِئَلاَّ تُسْلَبَ نَفْسُكَ،
3
فَتَأْكُلَ أَوْرَاقَكَ، وَتُتْلِفَ أَثْمَارَكَ، وَتَتْرُكَ نَفْسَكَ كَالْخَشَبِ الْيَابِسِ.
4
النَّفْسُ الشِّرِّيرَةُ تُهْلِكُ صَاحِبَهَا، وَتَجْعَلُهُ شَمَاتَةً لأَعْدَائِهِ.
5
الْفَمُ الْعَذْبُ يُكَثِّرُ الأَصْدِقَاءَ، وَاللِّسَانُ اللَّطِيفُ يُكَثِّرُ الْمُؤَانَسَاتِ.
6
لِيَكُنِ الْمُسَالِمُونَ لَكَ كَثِيرِينَ، وَأَصْحَابُ سِرِّكَ مِنَ الأَلفِ وَاحِداً.
7
إِذَا اتَّخَذْتَ صَدِيقاً؛ فَاتَّخِذُهُ عَنْ خِبْرَةٍ، وَلاَ تَثِقْ بِهِ سَرِيعاً.
8
فَإِنَّ لَكَ صَدِيقاً فِي يَوْمِهِ، وَلكِنَّهُ لاَ يَثْبُتُ فِي يَوْمِ ضِيقِكَ.
9
وَصَدِيقاً يَصِيرُ عَدُوًّا، فَيَكْشِفُ عَارَ مُخَاصَمَتِكَ.
10
وَصَدِيقاً يَشْتَرِكُ فِي مَائِدَتِكَ، وَلكِنَّهُ لاَ يَثْبُتُ فِي يَوْمِ ضِيقِكَ.
11
يَكُونُ نَظِيرَكَ فِي أَمْوَالِكَ، وَيَتَّخِذُ دَالَّةً بَيْنَ أَهْلِ بَيْتِكَ،
12
لكِنَّهُ، إِذَا انْحَطَطْتَ، يَكُونُ ضِدَّكَ، وَيَتَوَارَى عَنْ وَجْهِكَ.
13
تَبَاعَدْ عَنْ أَعْدَائِكَ، وَاحْذَرْ مِنْ أَصْدِقَائِكَ.
14
الصَّدِيقُ الأَمِينُ مَعْقِلٌ حَصِينٌ، وَمَنْ وَجَدَهُ فَقَدْ وَجَدَ كَنْزاً.
15
الصَّدِيقُ الأَمِينُ لاَ يُعَادِلُهُ شَيْءٌ، وَصَلاَحُهُ لاَ مُوَازِنَ لَهُ.
16
الصَّدِيقُ الأَمِينُ دَوَاءُ الْحَيَاةِ، وَالَّذِينَ يَتَّقُونَ الرَّبَّ يَجِدُونَهُ.
17
مَنْ يَتَّقِ الرَّبَّ يَحْصُلْ عَلَى صَدَاقَةٍ صَالِحَةٍ، لأَنَّ صَدِيقَهُ يَكُونُ نَظِيرَهُ.
18
يَا بُنَيَّ، اتَّخِذِ التَّأْدِيبَ مُنْذُ شَبَابِكَ، فَتَجِدَ الْحِكْمَةَ إِلَى مَشِيبِكَ.
19
مِثْلَ الْحَارِثِ وَالزَّارِعِ؛ أَقْبِلْ إِلَيْهَا، وَانْتَظِرْ ثِمَارَهَا الصَّالِحَةَ.
20
فَإِنَّكَ تَتْعَبُ فِي حِرَاثَتِهَا قَلِيلاً، وَتَأْكُلُ مِنْ غَّلاَتِهَا سَرِيعاً.
21
مَا أَصْعَبَهَا عَلَى الْغَيْرِ الْمُتَأَدِّبِينَ. إِنْ فَاقِدَ اللُّبِّ لاَ يَسْتَمِرُّ عَلَيْهَا،
22
فَإِنَّهَا لَهُ كَحَجَرِ الاِمْتِحَانِ الثَّقِيلِ؛ فَلاَ يَلْبَثُ أَن يَتْرُكَهَا.
23
لأَنَّ الْحِكْمَةَ هِيَ كَاسْمِهَا، وَلاَ تَسْتَبِينُ لِكَثِيرِينَ، وَالَّذِينَ يَعْرِفُونَهَا تَثْبُتُ فِيهِمْ إِلَى مُشَاهَدَةِ اللهِ.
24
اِسْمَعْ يَا بُنَيَّ، وَاقْبَلْ رَأْيِي، وَلاَ تَنْبِذْ مَشُورَتِي،
25
وَأَدْخِلْ رِجْلَيْكَ فِي قُيُودِهَا، وَعُنُقَكَ فِي غُلِّهَا.
26
احْنِ عَاتِقَكَ وَاحْمِلْهَا، وَلاَ تَغْتَظْ مِنْ سَلاَسِلِهَا.
27
أَقْبِلْ إِلَيْهَا بِكُلِّ نَفْسِكَ، وَاحْفَظْ طُرُقَهَا بِكُلِّ قُوَّتِكَ.
28
ابْحَثْ وَاطْلُبْ فَتَتَعَرَّفَ لَكَ، وَإِذَا فُزْتَ بِهَا فَلاَ تُهْمِلْهَا.
29
فَإِنَّكَ فِي أَوَاخِرِكَ تَجِدُ رَاحَتَهَا، وَتَتَحَوَّلُ لَكَ مَسَرَّةً.
30
فَتَكُونُ لَكَ قُيُودُهَا حِمَايَةَ قُوَّةٍ، وَأَغْلاَلُهَا حُلَّةَ مَجْدٍ.
31
لأَنَّ عَلَيْهَا حَلْياً مِنْ ذَهَبٍ، وَسَلاَسِلَهَا سِلْكُ سَمَنْجُونِيٍّ.
32
فَتَلْبَسُهَا حُلَّةَ مَجْدٍ لَكَ، وَتَعْقِدُهَا إِكْلِيلَ ابْتِهَاجٍ.
33
إِنْ شِئْتَ، يَا بُنَيَّ، فَإِنَّكَ تَتَأَدَّبُ، وَإِنِ اسْتَسْلَمْتَ، تَسْتَفِيدُ دَهَاءً.
34
إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَسْمَعَ؛ فَإِنَّكَ تَعِي، وَإِنْ أَمَلْتَ أُذُنَكَ تَصِيرُ حَكِيماً.
35
قِفْ فِي جَمَاعَةِ الشُّيُوخِ، وَمَنْ كَانَ حَكِيماً فَلاَزِمْهُ. ارْغَبْ أَنْ تَسْمَعَ كُلَّ حَدِيثٍ إِلهِيٍّ، وَلاَ تُهْمِلْ أَمْثَالَ التَّعَقُّلِ.
36
وَإِنْ رَأَيْتَ عَاقِلاً؛ فَابْتَكِرْ إِلَيْهِ، وَلْتَطَأْ قَدَمُكَ دَرَجَ بَابِهِ.
37
تَرَوَّأْ فِي أَوَامِرِ الرَّبِّ، وَفِي وَصَايَاهُ تَأَمَّلْ كُلَّ حِينٍ؛ فَهُوَ يُثَبِّتُ قَلْبَكَ، وَيُنِيلُكَ مَا تَتَمَنَّاهُ مِنَ الْحِكْمَةِ.
الاصحاح السابع
1
لاَ تعْمَلِ الشَّرَّ، فَلاَ يَلْحَقَكَ الشَّرُّ.
2
تَبَاعَدْ عَنِ الأَثِيمِ، فَيَمِيلَ الأَثِيمُ عَنْكَ.
3
يَا بُنَيَّ، لاَ تَزْرَعْ فِي خُطُوطِ الإِثْمِ، لِئَلاَّ تَحْصُدَ مَا زَرَعْتَ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ.
4
لاَ تَلْتَمِسْ مِنَ الرَّبِّ رِئَاسَةً، وَلاَ مِنَ الْمَلِكِ كُرْسِيَّ مَجْدٍ.
5
لاَ تَدَّعِ الْبِرَّ أَمَامَ الرَّبِّ، وَلاَ الْحِكْمَةَ لَدَى الْمَلِكِ.
6
لاَ تَبْتَغِ أَنْ تَصِيرَ قَاضِياً، لَعَلَّكَ لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَسْتَأْصِلَ الظُّلْمَ؛ فَرُبَّمَا هِبْتَ وَجْهَ الْمُقْتَدِرِ؛ فَتَضَعُ فِي طَرِيقِ اسْتِقَامَتِكَ حَجَرَ عِثَارٍ.
7
لاَ تَخْطَأْ إِلَى جَمَاعَةِ الْمَدِينَةِ، وَلاَ تَطْرَحْ نَفْسَكَ بَيْنَ الْجُمْهُورِ.
8
لاَ تَعُدْ إِلَى الْخَطِيئَةِ ثَانِيَةً، فَإِنَّكَ لاَ تَكُونُ مُزَكًّى مِنَ الأُولَى.
9
لاَ تَكُنْ صَغِيرَ النَّفْسِ فِي صَلاَتِكَ.
10
وَلاَ تُهْمِلِ الصَّدَقَةَ.
11
لاَ تَقُلْ: «إِنَّ اللهَ يَنْظُرُ إِلَى كَثْرَةِ تَقَادِمِي، وَإِذَا قَرَّبْتُهَا لِلْعَلِيِّ فَهُوَ يَقْبَلُهَا».
12
لاَ تَسْتَهْزِئْ بِأَحَدٍ فِي مَرَارَةِ نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ يُوجَدُ مَنْ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ.
13
لاَ تَفْتَرِ الْكَذِبَ عَلَى أَخِيكَ، وَلاَ تَخْتَلِقْهُ عَلَى صَدِيقِكَ.
14
لاَ تَبْتَغِ أَنْ تَكْذِبَ بِشَيْءٍ؛ فَإِنَّ تَعَوُّدَ الْكَذِبِ لَيْسَ لِلْخَيْرِ.
15
لاَ تُكْثِرِ الْكَلاَمَ فِي جَمَاعَةِ الشُّيُوخِ، وَلاَ تُكَرِّرِ الأَلْفَاظَ فِي صَلاَتِكَ.
16
لاَ تَكْرَهِ الشُّغْلَ الْمُتْعِبَ، وَلاَ الْحِرَاثَةَ الَّتِي سَنَّهَا الْعَلِيُّ.
17
لاَ تَنْظِمْ نَفْسَكَ فِي عِدَادِ الْخَاطِئِينَ.
18
اُذْكُرْ أَنَّ الْغَضَبَ لاَ يُبْطِئُ.
19
ضَعْ نَفْسَكَ جِدًّا، لأَنَّ عِقَابَ الْمُنَافِقِ نَارٌ وَدُودٌ.
20
لاَ تُبْدِلْ صَدِيقاً بِشَيْءٍ زَمَنِيٍّ، وَلاَ أَخاً خَالِصاً بِذَهَبِ أُوفِيرَ.
21
لاَ تُفَارِقِ امْرَأَتَكَ، إِذَا كَانَتْ حَكِيمَةً صَالِحَةً فَإِنَّ نِعْمَتَهَا فَوْقَ الذَّهَبِ.
22
لاَ تُعْنِتْ عَبْداً يَجِدُّ فِي عَمَلِهِ، وَلاَ أَجِيراً يَبْذُلُ نَفْسَهُ.
23
لِتُحْبِبَ نَفْسُكَ الْعَبْدَ الْعَاقِلَ، وَلاَ تَمْنَعْهُ الْعِتْقَ.
24
إِنْ كَانَتْ لَكَ دَوَابُّ؛ فَتَعَهَّدْهَا، وَإِنْ كَانَ لَكَ مِنْهَا نَفْعٌ؛ فَأَبْقِهَا عِنْدَكَ.
25
إِنْ كَانَ لَكَ بَنُونَ؛ فَأَدِّبْهُمْ، وَأَخْضِعْ رِقَابَهُمْ مِنْ صَبَائِهِمْ.
26
إِنْ كَانَتْ لَكَ بَنَاتٌ؛ فَصُنْ أَجْسَامَهُنَّ، وَلاَ يَكُنْ وَجْهُكَ إِلَيْهِنَّ كَثِيرَ الطَّلاَقَةِ.
27
زَوِّجْ بِنْتَكَ، تَقْضِ أَمْراً عَظِيماً، وَسَلِّمْهَا إِلَى رَجُلٍ عَاقِلٍ.
28
إِنْ كَانَتْ لَكَ امْرَأَةٌ عَلَى وَفْقِ قَلْبِكَ؛ فَلاَ تَرْفُضْهَا، أَمَّا الْمَكْرُوهَةُ فَلاَ تُسَلِّمْ إِلَيْهَا نَفْسَكَ.
29
أَكْرِمْ أَبَاكَ بِكُلِّ قَلْبِكَ، وَلاَ تَنْسَ مَخَاضَ أُمِّكَ.
30
اُذْكُرْ أَنَّكَ بِهِمَا كُوِّنْتَ؛ فَمَاذَا تَجْزِيهِمَا مُكَافَأَةً عَمَّا جَعَلاَ لَكَ؟
31
اخْشَ الرَّبَّ بِكُلِّ نَفْسِكَ، وَاحْتَرِمْ كَهَنَتَهُ.
32
أَحْبِبْ صَانِعَكَ بِكُلِّ قُوَّتِكَ، وَلاَ تُهْمِلْ خُدَّامَهُ.
33
اتَّقِ الرَّبَّ، وَأَكْرِمَ الْكَاهِنَ.
34
وَأَعْطِهِ حِصَّتَهُ بِحَسَبِ مَا أُمِرْتَ بِهِ، وَالْبَاكُورَةَ لأَجْلِ الْخَطَاءِ،
35
وَعَطِيَّةَ الأَكْتَافِ وَذَبِيحَةَ التَّقْدِيسِ وَبَاكُورَةَ الأَقْدَاسِ.
36
وَابْسُطُ يَدَكَ لِلْفَقِيرِ، لِكَيْ تَكْمُلَ بَرَكَتُكَ.
37
كُنْ عَارِفاً لِلْجَمِيلِ مِنْ كُلِّ حَيٍّ، وَلاَ تُنْكِرْ عَلَى الْمَيْتِ جَمِيلَهُ.
38
لاَ تَتَوَارَ عَنِ الْبَاكِينَ، وَنُحْ مَعَ النَّائِحِينَ.
39
لاَ تَتَقَاعَدْ عَنْ عِيَادَةِ الْمَرْضَى؛ فَإِنَّكَ بِمِثْلِ ذلِكَ تَكُونُ مَحْبُوباً.
40
فِي جَمِيعِ أَعْمَالِكَ، اذْكُرْ أَوَاخِرَكَ؛ فَلَنْ تَخْطَأَ إِلَى الأَبَدِ.
الاصحاح الثامن
1
لاَ تُخَاصِمِ الْمُقْتَدِرَ، لِئَلاَّ تَقَعَ فِي يَدَيْهِ.
2
لاَ تُنَازِعِ الْغَنِيَّ، لِئَلاَّ يَجْعَلَ عَلَيْكَ ثِقَلاً.
3
فَإِن الذَّهَبَ أَهْلَكَ كَثِيرِينَ، وَأَزَاغَ قُلُوبَ الْمُلُوكِ.
4
لاَ تُخَاصِمِ الْفَتِيقَ اللِّسَانِ، وَلاَ تَجْمَعْ عَلَى نَارِهِ حَطَباً.
5
لاَ تُمَازِحِ النَّاقِصَ الأَدَبِ، لِئَلاَّ يُهِينَ أَسْلاَفَكَ.
6
لاَ تُعَيِّرِ الْمُرْتَدَّ عَنِ الْخَطِيئَةِ، اُذْكُرْ أَنَّا بِأَجْمَعِنَا نَسْتَوْجِبُ الْمُؤَاخَذَةَ.
7
لاَ تُهِنْ أَحَداً فِي شَيْخُوخَتِهِ، فَإِنَّ الَّذِينَ يَشِيخُونَ هُمْ مِنَّا.
8
لاَ تَشْمَتْ بِمَوْتِ أَحَدٍ، اُذْكُرْ أَنَّا بِأَجْمَعِنَا نَمُوتُ.
9
لاَ تَسْتَخِفَّ بِكَلاَمِ الْحُكَمَاءِ، بَلْ كُنْ لَهِجاً بِأَمْثَالِهِمْ.
10
فَإِنَّكَ مِنْهُمْ تَتَعَلَّمُ التَّأْدِيبَ، وَالْخِدْمَةَ لِلْعُظَمَاءِ.
11
لاَ تُهْمِلْ كَلاَمَ الشُّيُوخِ، فَإِنَّهُمْ تَعَلَّمُوا مِنْ آبَائِهِمْ،
12
وَمِنْهُمْ تَتَعَلَّمُ الْحِكْمَةَ، وَأَنْ تَرُدَّ الْجَوَابَ فِي وَقْتِ الْحَاجَةِ.
13
لاَ تُوقِدْ جَمْرَ الْخَاطِئِ، لِئَلاَّ تَحْتَرِقَ بِنَارِ لَهِيبِهِ.
14
لاَ تَنْتَصِبْ فِي وَجْهِ الشَّاتِمِ، لِئَلاَّ يَتَرَصَّدَ لِفَمِكَ فِي الْكَمِينِ.
15
لاَ تُقْرِضْ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْكَ، فَإِنْ أَقْرَضْتَهُ شَيْئاً، فَاحْسَبْ أَنَّكَ قَدْ أَضَعْتَهُ.
16
لاَ تَكْفُلْ مَا هُوَ فَوْقَ طَاقَتِكَ، فَإِنْ كَفَلْتَ، فَاهْتَمِّ اهْتِمَامَ مَنْ يَفِي.
17
لاَ تُحَاكِمِ الْقَاضِي، لأَنَّهُ يُحْكَمُ لَهُ بِحَسَبِ رَأْيِهِ.
18
لاَ تَسِرْ فِي الطَّرِيقِ مَعَ الْمُتَقَحِّمِ، لِئَلاَّ يَجْلُبَ عَلَيْكَ وَبَالاً، فَإِنَّهُ يَسْعَى فِي هَوَى نَفْسِهِ، فَتَهْلِكُ أَنْتَ بِجَهْلِهِ.
19
لاَ تُشَاجِرِ الْغَضُوبَ، وَلاَ تَسِرْ مَعَهُ فِي الْخَلاَءِ، فَإِنَّ الدَّمَ عِنْدَهُ كَلاَ شَيْءٍ، فَيَصْرَعُكَ حَيْثُ لاَ نَاصِرَ لَكَ.
20
لاَ تُشَاوِرِ الأَحْمَقَ، فَإِنَّهُ لاَ يَسْتَطِيعُ كِتْمَانَ الْكَلاَمِ.
21
لاَ تُبَاشِرْ أَمْراً سِرِّيًّا أَمَامَ الأَجْنَبِيِّ، فَإِنَّكَ لاَ تَعْلَمُ مَا سَيَبْدُو مِنْهُ.
22
لاَ تَكْشِفْ مَا فِي قَلْبِكَ لِكُلِّ إِنْسَانٍ، فَعَسَاهُ لاَ يَجْزِيكَ شُكْراً.
الاصحاح التاسع
1
لاَ تَغَرْ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي فِي حَجْرِكَ، وَلاَ تُعَلِّمْ عَلَيْكَ تَعْلِيماً سَيِّئاً.
2
لاَ تُسَلِّمْ نَفْسَكَ إِلَى الْمَرْأَةِ، لِئَلاَّ تَتَسَلَّطَ عَلَى قُدْرَتِكَ.
3
لاَ تَلْقَ الْمَرْأَةَ الْبَغِيَّ، لِئَلاَّ تَقَعُ فِي أَشْرَاكِهَا.
4
لاَ تَأْلَفِ الْمُغَنِّيَةَ، لِئَلاَّ تُصْطَادَ بِفُنُونِهَا.
5
لاَ تَتَفَرَّسْ فِي الْعَذْرَاءِ، لِئَلاَّ تُعْثِرَكَ مَحَاسِنُهَا.
6
لاَ تُسَلِّمْ نَفْسَكَ إِلَى الزَّوَانِي، لِئَلاَّ تُتْلِفَ مِيرَاثَكَ.
7
لاَ تُسَرِّحْ بَصَرَكَ فِي أَزِقَّةِ الْمَدِينَةِ، وَلاَ تَتَجَوَّلْ فِي أَخْلِيَتِهَا.
8
اصْرِفْ طَرْفَكَ عَنِ الْمَرْأَةِ الْجَمِيلَةِ، وَلاَ تَتَفَرَّسْ فِي حُسْنِ الْغَرِيبَةِ.
9
فَإِنَّ حُسْنَ الْمَرْأَةِ أَغْوَى كَثِيرِينَ، وَبِهِ يَتَلَهَّبُ الْعِشْقُ كَالنَّارِ.
10
كُلُّ امْرَأَةٍ زَانِيَةٍ تُدَاسُ كَالزِّبْلِ فِي الطَّرِيقِ.
11
كَثِيرُونَ افْتَتَنُوا بِجِمَالِ الْمَرْأَةِ الْغَرِيبَةِ، فَكَانَ حَظُّهُمُ الرَّذْلَ، لأَنَّ مُحَادَثَتَهَا تَتَلَهَّبُ كَالنَّارِ.
12
لاَ تُجَالِسْ ذَاتَ الْبَعْلِ الْبَتَّةَ، وَلاَ تَتَّكِئْ مَعَهَا عَلَى الْمِرْفَقِ.
13
وَلاَ تَكُنْ لَهَا مُنَادِماً عَلَى الْخَمْرِ، لِئَلاَّ تَمِيلَ نَفْسُكَ إِلَيْهَا، وَتَزِلَّ بِقَلْبِكَ إِلَى الْهَلاَكِ.
14
لاَ تُقَاطِعْ صَدِيقَكَ الْقَدِيمَ، فَإِنَّ الْحَدِيثَ لاَ يُمَاثِلُهُ.
15
الصَّدِيقُ الْحَدِيثُ خَمْرٌ جَدِيدَةٌ، إِذَا عَتُقَتْ، لَذَّ لَكَ شُرْبُهَا.
16
لاَ تَغَرْ مِنْ مَجْدِ الْخَاطِئِ، فَإِنَّكَ لاَ تَعْلَمُ كَيْفَ يَكُونُ انْقِلاَبُهُ.
17
لاَ تَرْتَضِ بِمَرْضَاةِ الْمُنَافِقِينَ. اُذْكُرْ أَنَّهُمْ إِلَى الْجَحِيمِ لاَ يَتَزَكَّوْنَ.
18
تَبَاعَدْ عَمَّنْ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الْقَتْلِ، فَلاَ تَجْرِيَ فِي خَاطِرِكَ مَخَافَةُ الْمَوْتِ.
19
وَإِنْ دَنَوْتَ مِنْهُ، فَلاَ تُجْرِمْ، لِئَلاَّ يَذْهَبَ بِحَيَاتِكَ.
20
اعْلَمْ أَنَّكَ تَتَخَطَّى بَيْنَ الْفِخَاخِ، وَتَتَمَشَّى عَلَى مَتَارِسِ الْمُدُنِ.
21
اخْتَبِرِ النَّاسَ مَا اسْتَطَعْتَ، وَشَاوِرِ الْحُكَمَاءَ مِنْهُمْ.
22
لِيَكُنْ مُؤَاكِلُوكَ مِنَ الأَبْرَارِ، وَافْتِخَارُكَ بِمَخَافَةِ الرَّبِّ.
23
اجْعَلْ عِشْرَتَكَ مَعَ الْعُقَلاَءِ، وَكُلَّ حَدِيثِكَ فِي شَرِيعَةِ الْعَلِيِّ.
24
يُثْنَى عَلَى عَمَلِ الصُّنَّاعِ لأَجْلِ أيْدِيهِمْ، أَمَّا رَئِيسُ الشَّعْبِ فَإِنَّهُ حَكِيمٌ لأَجْلِ كَلاَمِهِ.
25
الْفَتِيقُ اللِّسَانِ يُخَافُ مِنْهُ فِي مَدِينَتِهِ، وَالْهَاذِرُ فِي كَلاَمِهِ يُمْقَتُ.
الاصحاح العاشر
1
الْقَاضِي الْحَكِيمُ يُؤَدِّبُ شَعْبَهُ، وَتَدْبِيرُ الْعَاقِلِ يَكُونُ مُرَتَّباً.
2
كَمَا يَكُونُ قَاضِي الشَّعْبِ، يَكُونُ الْخَادِمُونَ لَهُ، وَكَمَا يَكُونُ رَئِيسُ الْمَدِينَةِ، يَكُونُ جَمِيعُ سُكَّانِهَا.
3
الْمَلِكُ الْفَاقِدُ التَّأْدِيبِ يُدَمِّرُ شَعْبَهُ، وَالْمَدِينَةُ تُعْمَرُ بِعَقْلِ وُلاَتِهَا.
4
مُلْكُ الأَرْضِ فِي يَدِ الرَّبِّ، فَهُوَ يُقِيمُ عَلَيْهَا فِي الأَوَانِ اللاَّئِقِ مَنْ بِهِ نَفْعُهَا.
5
فَوْزُ الرَّجُلِ فِي يَدِ الرَّبِّ، وَعَلَى وَجْهِ الْكَاتِبِ يَجْعَلُ مَجْدَهُ.
6
إِذَا ظَلَمَكَ الْقَرِيبُ فِي شَيْءٍ، فَلاَ تَحْنَقْ عَلَيْهِ، وَلاَ تَأْتِ شَيْئاً مِنْ أُمُورِ الشَّتْمِ.
7
الْكِبْرِيَاءُ مَمْقُوتَةٌ عِنْدَ الرَّبِّ وَالنَّاسِ، وَشَأْنُهَا ارْتِكَابُ الإِثْمِ أَمَامَ الْفَرِيقَيْنِ.
8
إِنَّمَا يُنْقَلُ الْمُلْكُ مِنْ أُمَّةٍ إِلَى أُمَّةٍ لأَجْلِ الْمَظَالِمِ وَالشَّتَائِمِ وَالأَمْوَالِ.
9
لاَ أَحَدٌ أَقْبَحَ جُرْماً مِنَ البَخِيلِ. لِمَاذَا يَتَكَبَّرُ التُّرَابُ وَالرَّمَادُ؟
10
لاَ أَحَدٌ أَكْبَرَ إِثْماً مِمَّنْ يُحِبُّ الْمَالَ، لأَنَّ ذَاكَ يَجْعَلُ نَفْسَهُ أَيْضاً سِلْعَةً، وَقَدِ اطَّرَحَ أَحْشَاءَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ.
11
كُلُّ سُلْطَانٍ قَصِيرُ الْبَقَاءِ. إِنَّ الْمَرَضَ الطَّوِيلَ يَثْقُلُ عَلَى الطَّبِيبِ.
12
فَيَحْسِمُ الطَّبِيبُ الْمَرَضَ قَبْلَ أَنْ يَطُولَ، هكَذَا الْمَلِكُ يَتَسَلَّطُ الْيَوْمَ وَفِي غَدٍ يَمُوتُ.
13
وَالإِنْسَانُ عِنْدَ مَمَاتِهِ يَرِثُ الأَفَاعِيَ وَالْوُحُوشَ وَالدُّودَ.
14
أَوَّلُ كِبْرِيَاءِ الإِنْسَانِ ارْتِدَادُهُ عَنِ الرَّبِّ،
15
إِذْ يَرْجِعُ قَلْبُهُ عَنْ صَانِعِهِ. فَالْكِبْرِيَاءُ أَوَّلُ الْخَطَاءِ، وَمَنْ رَسَخَتْ فِيهِ فَاضَ أَرْجَاساً.
16
وَلِذلِكَ أَنْزَلَ الرَّبُّ بِأَصْحَابِهَا نَوَازِلَ غَرِيبَةً، وَدَمَّرَهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ.
17
نَقَضَ الرَّبُّ عُرُوشَ السَّلاَطِينِ، وَأَجْلَسَ الْوُدَعَاءَ مَكَانَهُمْ.
18
قَلَعَ الرَّبُّ أُصُولَ الأُمَمِ، وَغَرَسَ الْمُتَوَاضِعِينَ مَكَانَهُمْ.
19
قَلَبَ الرَّبُّ بُلْدَانَ الأُمَمِ، وَأَبَادَهَا إِلَى أُسُسِ الأَرْضِ.
20
أَقْحَلَ بَعْضَهَا، وَأَبَادَ سُكَّانَهَا، وَأَزَالَ مِنَ الأَرْضِ ذِكْرَهُمْ.
21
مَحَا الرَّبُّ ذِكْرَ الْمُتَكَبِّرِينَ، وَأَبْقَى ذِكْرَ الْمُتَوَاضِعِينَ بِالرُّوحِ.
22
لَمْ تُخْلَقِ الْكِبْرِيَاءُ مَعَ النَّاسِ، وَلاَ الْغَضَبُ مَعَ مَوَالِيدِ النِّسَاءِ.
23
أَيُّ نَسْلٍ هُوَ الْكَرِيمُ؟ نَسْلُ الإِنْسَانِ. أَيُّ نَسْلٍ هُوَ الْكَرِيمُ؟ الْمُتَّقُونَ لِلرَّبِّ. أَيُّ نَسْلٍ هُوَ اللَّئِيمُ؟ نَسْلُ الإِنْسَانِ. أَيُّ نَسْلٍ هُوَ اللَّئِيمُ؟ الْمُتَعَدُّونَ لِلْوَصَايَا.
24
فِيمَا بَيْنَ الإِخْوَةِ يَكُونُ رَئِيسُهُمْ مُكَرَّماً، هكَذَا فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ الَّذِينَ يَتَّقُونَهُ.
25
الْغَنِيُّ وَالْمَجِيدُ وَالْفَقِيرُ فَخْرُهُمْ مَخَافَةُ الرَّبِّ.
26
لَيْسَ مِنَ الْحَقِّ أَنْ يُهَانَ الْفَقِيرُ الْعَاقِلُ، وَلاَ مِنَ اللاَّئِقِ أَنْ يُكْرَمَ الرَّجُلُ الْخَاطِئُ.
27
الْعَظِيمُ وَالْقَاضِي وَالْمُقْتَدِرُ يُكْرَمُونَ، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَعْظَمَ مِمَّنْ يَتَّقِي الرَّبَّ.
28
الْعَبْدُ الْحَكِيمُ يَخْدُمُهُ الأَحْرَارُ، وَالرَّجُلُ الْعَاقِلُ لاَ يَتَذَمَّرُ.
29
لاَ تَعْتَلَّ عَنِ الاِشْتِغَالِ بِالأَعْمَالِ، وَلاَ تَنْتَفِخْ فِي وَقْتِ الإِعْسَارِ.
30
فَإِنَّ الَّذِي يَشْتَغِلُ بِكُلِّ عَمَلٍ، خَيْرٌ مِمَّنْ يَتَمَشَّى أَوْ يَنْتَفِخُ وَهُوَ فِي فَاقَةٍ إِلَى الْخُبْزِ
31
يَا بُنَيَّ، مَجِّدْ نَفْسَكَ بالْوَدَاعَةِ، وَأَعْطِ لَهَا مِنَ الْكَرَامَةِ مَا تَسْتَحِقُّ.
32
مَنْ خَطِئَ إِلَى نَفْسِهِ فَمَنْ يُزَكِّيهِ؟ وَمَنْ يُكْرِمُ الَّذِي يُهِينُ حَيَاتَهُ؟
33
الْفَقِيرُ يُكْرَمُ لأَجْلِ عَمَلِهِ، وَالْغَنِيُّ يُكْرَمُ لأَجْلِ غِنَاهُ
34
مَنْ أُكْرِمَ مَعَ الْفَقْرِ فَكَيْفَ مَعَ الْغِنَى؟ وَمَنْ أُهِينَ مَعَ الْغِنَى فَكَيْفَ مَعَ الْفَقْرِ؟
الاصحاح الحادي عشر
1
حِكْمَةُ الْوَضِيعِ تَرْفَعُ رَأْسَهُ، وَتُجْلِسُهُ فِي جَمَاعَةِ الْعُظَمَاءِ.
2
لاَ تَمْدَحِ الرَّجُلَ لِجَمَالِهِ، وَلاَ تَذُمِّ الإِنْسَانَ لِمَنْظَرِهِ.
3
النَّحْلُ صَغِيرٌ فِي الطُّيُورِ، وَجَنَاهُ رَأْسُ كُلِّ حَلاَوَةٍ.
4
لاَ تَفْتَخِرْ بِتَرَدِّي الثِّيَابِ، وَلاَ تَتَرَفَّعْ فِي يَوْمِ الْكَرَامَةِ؛ فَإِن أَعْمَالَ الرَّبِّ عَجِيبَةٌ، وَأَفْعَالَهُ خَفِيَّةٌ عَنِ الْبَشَرِ.
5
كَثِيرُونَ مِنَ الْمُتَسَلِّطِينَ جَلَسُوا عَلَى التُّرَابِ، وَالْخَامِلُ الذِّكْرِ لَبِسَ التَّاجَ.
6
كَثِيرُونَ مِنَ الْمُقْتَدِرِينَ لَحِقَهُمْ أَشَدُّ الْهَوَانِ، وَالْمُكَرَّمُونَ سُلِّمُوا إِلَى أَيْدِي الآخَرِينَ.
7
لاَ تَذُمَّ قَبْلَ أَنْ تَفْحَصَ. تَفْهَّمْ أَوَّلاً ثُمَّ وَبِّخْ.
8
لاَ تُجَاوِبْ قَبْلَ أَنْ تَسْمَعَ، وَلاَ تَعْتَرِضْ حَدِيثَ أَحَدٍ قَبْلَ تَمَامِهِ.
9
لاَ تُجَادِلْ فِي أَمْرٍ لاَ يَعْنِيكَ، وَلاَ تَجْلِسْ لِلْقَضَاءِ مَعَ الْخَطَأَةِ.
10
يَا بُنَيَّ، لاَ تَتَشَاغَلْ بِأَعْمَالٍ كَثِيرَةٍ؛ فَإِنَّكَ إِنْ أَكْثَرْتَ مِنْهَا لَمْ تَخْلُ مِنْ مَلاَمٍ. إِنْ تَتَبَّعْتَهَا لَمْ تَحُشْهَا، وَإِنْ سَبَقْتَهَا لَمْ تَنْجُ.
11
رُبَّ إِنْسَانٍ يَنْصَبُ وَيَتْعَبُ وَيَجِدُّ وَلاَ يَزْدَادُ إِلاَّ فَاقَةً!
12
وَرُبَّ إِنْسَانٍ بَلِيدٍ، فَاقِدِ الْمَدَدِ، قَلِيلِ الْقُوَّةِ، كَثِيرِ الْفَقْرِ،
13
نَظَرَتْ إِلَيْهِ عَيْنَا الرَّبِّ بِالْخَيْرِ، فَنَعَشَهُ مِنْ ضَعَتِهِ، وَرَفَعَ رَأْسَهُ فَتَعَجَّبَ مِنْهُ كَثِيرُونَ.
14
الْخَيْرُ وَالشَّرُّ، الْحَيَاةُ وَالْمَوْتُ، الْفَقْرُ وَالْغِنَى مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ.
15
الْحِكْمَةُ وَالْعِلْمُ وَمَعْرِفَةُ الشَّرِيعَةِ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ. الْمَحَبَّةُ وَطُرُقُ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مِنْ عِنْدِهِ.
16
الضَّلاَلُ وَالظُّلْمَةُ خُلِقَا مَعَ الْخَطَأَةِ، وَالَّذِينَ يَرْتَاحُونَ إِلَى الشَّرِّ، فِي الشَّرِّ يَشِيخُونَ.
17
عَطِيَّةُ الرَّبِّ تَدُومُ لِلأَتْقِيَاءِ، وَمَرْضَاتُهُ تَفُوزُ إِلَى الأَبَدِ.
18
رُبَّ غَنِيٍّ اسْتَغْنَى بِاهتِمَامِهِ وَإِمْسَاكِهِ، وَإِنَّمَا حَظُّهُ مِنْ أُجْرَتِهِ،
19
أَنْ يَقُولَ: «قَدْ بَلَغْتُ الرَّاحَةَ، وَأَنَا الآنَ آكُلُ مِنْ خَيْرَاتِي»،
20
وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ كَمْ يَمْضِي مِنَ الزَّمَانِ حَتَّى يَتْرُكَ ذلِكَ لِغَيْرِهِ وَيَمُوتَ.
21
أَقِمْ عَلَى عَهْدِكَ، وَثَابِرْ عَلَيْهِ، وَشِخْ فِي عَمَلِكَ.
22
لاَ تَعْجَبْ مِنْ أَعْمَالِ الْخَطَأَةِ. آمِنْ بِالرَّبِّ وَابَقَ عَلَى جَهْدِكَ.
23
فَإِنَّهُ هَيِّنٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، أَنْ يُغْنِيَ الْمِسْكِينَ فِي الْحَالِ بَغْتَةً.
24
بَرَكَةُ الرَّبِّ فِي أُجْرَةِ الْتَّقِيِّ، وَهُوَ فِي لَحْظَةٍ يَجْعَلُ بَرَكَتَهُ مُزْهِرَةً.
25
لاَ تَقُلْ: «أَيُّ حَاجَةٍ لِي، وَأَيُّ خَيْرٍ يَحْصُلُ لِي مُنْذُ الآنَ».
26
لاَ تَقُلْ: «لِي مَا يَكْفِينِي، فَلِمَ أَتَعَنَّى مُنْذُ الآنَ؟»
27
إِنَّ الْبُؤُسَ تُنْسَى فِي يَوْمِ الْنِّعَمِ، وَالْنِعَمَ لاَ تُذْكَرُ فِي يَوْمِ الْبُؤُسِ.
28
فَإِنَّهُ هَيِّنٌ عِنْدَ الرَّبِّ أَنْ يُجَازِيَ الإِنْسَانِ بِحَسَبِ طُرُقِهِ يَوْمَ الْمَوْتِ.
29
شَرُّ سَاعَةٍ يُنْسِي اللَّذَّاتِ، وَفِي وَفَاةِ الإِنْسَانِ انْكِشَافُ أَعْمَالِهِ.
30
لاَ تُغَبِّطْ أَحَداً قَبْلَ مَوْتِهِ. إِنَّ الرَّجُلَ يُعْرَفُ بِبَنِيهِ.
31
لاَ تُدْخِلْ كُلَّ إِنْسَانٍ إِلَى بَيْتِكَ؛ فَإِنَّ مَكَايِدَ الْغَشَّاشِ كَثِيرَةٌ.
32
كَصِفَةِ الْحَجَلِ الصَّيَّادِ فِي الْقَفَصِ، صِفَةُ قَلْبِ الْمُتَكَبِّرِ، وَهُوَ كَرَاصِدٍ يَرْقُبُ السُّقُوطَ.
33
فَإِنَّهُ يَكْمُنُ، مُحَوِّلاً الْخَيْرَ إِلَى الشَّرِّ، وَيَصِمُ الْمُخْتَارِينَ بِالنَّقَائِصِ.
34
مِنْ شَرَارَةٍ وَاحِدَةٍ يَكْثُرُ الْحَرِيقُ، وَالرَّجُلُ الْخَاطِئُ يَكْمُنُ لِلدَّمِ.
35
احْذَرْ مِنَ الْخَبِيثِ الَّذِي يَخْتَرِعُ الْمَسَاوِئَ، لِئَلاَّ يَجْلُبَ عَلَيْكَ عَاراً إِلَى الأَبَدِ.
36
أَدْخِلِ الأَجْنَبِيَّ إِلَى بَيْتِكَ؛ فَيَقْلِبَ أَحْوَالَكَ بِالْمَشَاغِبِ، وَيَطْرُدَكَ عَنْ خَاصَّتِكَ.
الاصحاح الثاني عشر
1
إِذَا أَحْسَنْتَ، فَاعْلَمْ إِلَى مَنْ تُحْسِنُ، فَيَكُونَ مَعْرُوفُكَ مَرْضِيًّا.
2
أَحْسِنْ إِلَى الْتَّقِيِّ فَتَنَالَ جَزَاءً. إِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ عِنْدِهِ فَمِنْ عِنْدِ الْعَلِيِّ.
3
لاَ خَيْرَ لِمَنْ يُوَاظِبُ عَلَى الشَّرِّ وَلاَ يَتَصَدَّقُ، لأَنَّ الْعَلِيَّ يَمْقُتُ الْخَطَأَةَ، وَيَرْحَمُ التَّائِبِينَ.
4
أَعْطِ الْتَّقِيَّ وَلاَ تُمِدِّ الْخَاطِئَ؛ فَإِنَّهُ سَيَنْتَقِمُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَالْخَطَأَةِ، لكِنَّهُ يَحْفَظُهُمْ لِيَوْمِ الانْتِقَامِ.
5
أَعْطِ الصَّالِحَ، وَلاَ تُؤَاسِ الْخَاطِئَ.
6
أَحْسِنْ إِلَى الْمُتَوَاضِعِ، وَلاَ تُعْطِ الْمُنَافِقَ. امْنَعْ خُبْزَكَ وَلاَ تُعْطِهِ لَهُ، لِئَلاَّ يَتَقَوَّى بِهِ عَلَيْكَ،
7
فَتُصَادِفَ مِنَ الشَّرِّ أَضْعَافَ كُلِّ مَا كُنْتَ تَصْنَعُ إِلَيْهِ مِنَ الْمَعْرُوفِ. إِنَّ الْعَلِيَّ يَمْقُتُ الْخَطَأَةَ، وَيُكَافِئُ الْمُنَافِقِينَ بِالاِنْتِقَامِ.
8
لاَ يُعْرَفُ الصَّدِيقُ فِي السَّرَّاءِ، وَلاَ يَخْفَى الْعَدُوُّ فِي الضَّرَّاءِ.
9
فِي سَرَّاءِ الرَّجُلِ، أَعْدَاؤُهُ مَحْزُونُونَ، وَفِي ضَرَّائِهِ، الصَّدِيقُ أَيْضاً يَنْصَرِفُ.
10
لاَ تَثِقْ بِعَدُوِّكَ أَبَداً، فَإِنَّ خُبْثَهُ كَصَدَإِ النُّحَاسِ.
11
وَإِنْ كَانَ مُتَوَاضِعاً يَمْشِي مُطْرِقاً، فَتَنَبَّهْ لِنَفْسِكَ وَتَحَرَّزْ مِنْهُ؛ فَإِنَّكَ تَكُونُ مَعَهُ كَمَنْ جَلاَ مِرْآةً، وَسَتَعْلَمُ أَنَّ نَقَاءَهَا مِنَ الصَّدَإِ لاَ يَدُومُ.
12
لاَ تَجْعَلْهُ قَرِيباً مِنْكَ، لِئَلاَّ يَقْلِبَكَ وَيُقِيمَ فِي مَكَانِكَ. لاَ تُجْلِسْهُ عَنْ يَمِينِكَ، لِئَلاَّ يَطْمَعَ فِي كُرْسِيِّكَ. وَأَخِيراً تَفْهَمُ كَلاَمِي وَتُنْخَسُ بِأَقْوَالِي.
13
مَنْ يَرْحَمُ رَاقِياً قَدْ لَدَغَتْهُ الْحَيَّةُ؟ أَوْ يُشْفِقُ عَلَى الَّذِينَ يَدْنُونَ مِنَ الْوُحُوشِ؟ هكَذَا الَّذِي يُسَايِرُ الرَّجُلَ الْخَاطِئَ، يَمْتَزِجُ بِخَطَايَاهُ.
14
إِنَّهُ يَلْبَثُ مَعَكَ سَاعَةً، وَإِنْ مِلْتَ لاَ يَثْبُتُ.
15
الْعَدُوُّ يُظْهِرُ حَلاَوَةً مِنْ شَفَتَيْهِ، وَفِي قَلْبِهِ يَأْتَمِرُ أَنْ يُسْقِطَكَ فِي الْحُفْرَةِ.
16
الْعَدُوُّ تَدْمَعُ عَيْنَاهُ، وَإِنْ صَادَفَ فُرْصَةً يَشْبَعُ مِنَ الدَّمِ.
17
إِنْ صَادَفَكَ شَرٌّ، وَجَدْتَهُ هُنَاكَ قَدْ سَبَقَكَ،
18
وَفِيمَا يُوهِمُكَ أَنَّهُ مُعِينٌ لَكَ، يَعْقِلُ رِجْلَكَ.
19
يَهُزُّ رَأْسَهُ وَيُصَفِّقُ بِيَدَيْهِ، وَيَهْمِسُ بِأَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ، وَيُغَيِّرُ وَجْهَهُ.
الاصحاح الثالث عشر
1
مَنْ لَمَسَ الْقِيرَ تَوَسَّخَ، وَمَنْ قَارَنَ الْمُتَكَبِّرَ أَشْبَهَهُ.
2
لاَ تَرْفَعْ ثِقَلاً يَفُوقُ طَاقَتَكَ، وَلاَ تُقَارِنْ مَنْ هُوَ أَقْوَى وَأَغْنَى مِنْكَ.
3
كَيْفَ يُقْرَنُ بَيْنَ قِدْرِ الْخَزَفِ وَالْمِرْجَلِ؟ إِنَّهَا إِذَا صُدِمَتْ تَنْكَسِرُ.
4
الْغَنِيُّ يَظْلِمُ وَيَصْخَبُ، وَالْفَقِيرُ يُظْلَمُ وَيَتَضَرَّعُ.
5
إِنْ كُنْتَ نَافِعاً اسْتَغَلَّكَ، وَإِنْ كُنْتَ عَقِيماً خَذَلَكَ.
6
إِنْ كَانَ لَكَ مَالٌ عَاشَرَكَ، وَاسْتَنْفَذَ مَالَكَ وَهُوَ لاَ يَتْعَبُ.
7
إِنْ كَانَتْ لَهُ بِكَ حَاجَةٌ، غَرَّكَ وَتَبَسَّمَ إِلَيْكَ وَوَعَدَكَ وَكَلَّمَكَ بِالْخَيْرِ، وَقَالَ: «مَا حَاجَتُكَ؟»
8
وَقَدَّمَ لَكَ مِنَ الأَطْعِمَةِ مَا يُخْجِلُكَ، حَتَّى يَسْتَنْفِذَ مَا لَكَ فِي مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثٍ، وَأَخِيراً يَسْتَهْزِئُ بِكَ وَيَرَاكَ بَعْدَ ذلِكَ فَيَخْذُلُكَ، وَيُنْغِضُ رَأْسَهُ عَلَيْكَ.
9
اخْشَعْ للهِ، وَانْتَظِرْ يَدَهُ.
10
احْذَرْ أَنْ تَغْتَرَّ وَتَتَذَلَّلَ فِي جَهَالَتِكَ.
11
لاَ تَكُنْ ذَلِيلاً فِي حِكْمَتِكَ، لِئَلاَّ يَسْتَدْرِجَكَ الذُّلُّ إِلَى الْجَهَالَةِ.
12
إِذَا دَعَاكَ مُقْتَدِرٌ فَتَوَارَ؛ فَبِذَلِكَ يَزِيدُ فِي دَعْوَتِهِ لَكَ.
13
لاَ تَقْتَحِمْ، لِئَلاَّ تُطْرَدَ، وَلاَ تَقِفْ بَعِيداً لِئَلاَّ تُنْسَى.
14
لاَ تُقْدِمْ عَلَى مُحَادَثَتِهِ، وَلاَ تَثِقْ بِكَلاَمِهِ الْكَثِيرِ؛ فَإِنَّهُ بِكَثْرَةِ مُخَاطَبَتِهِ يَخْتَبِرُكَ، وَبِتَبَسُّمِهِ إِلَيْكَ يَفْحَصُكَ.
15
إِنَّهُ بِلاَ رَحْمَةٍ. لاَ يُنْجِزُ مَا وَعَدَ، وَلاَ يُمْسِكُ عَنِ الإِسَاءَةِ وَالْقُيُودِ.
16
احْتَرِزْ وَتَنَبَّهْ جِدًّا؛ فَإِنَّكَ عَلَى شَفَا السُّقُوطِ.
17
وَإِنْ سَمِعْتَ بِهذِهِ فِي مَنَامِكَ فَتَيَقَّظْ.
18
فِي حَيَاتِكَ كُلِّهَا، أَحْبِبِ الرَّبَّ وَادْعُهُ لِخَلاَصِكَ.
19
كُلُّ حَيَوَانٍ يُحِبُّ نَظِيرَهُ، وَكُلُّ إِنْسَانٍ يُحِبُّ قَرِيبَهُ.
20
كُلُّ ذِي جَسَدٍ يُصَاحِبُ نَوْعَهُ، وَالرَّجُلُ يُلاَزِمُ نَظِيرَهُ.
21
أَيُقَارِنُ الذِّئْبُ الْحَمَلَ؟ كَذلِكَ شَأْنُ الْخَاطِئِ مَعَ الْتَّقِيِّ.
22
أَيُّ سَلاَمٍ بَيْنَ الضَّبْعِ وَالْكَلْبِ؟ وَأَيُّ سَلاَمٍ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ؟
23
الْفِرَاءُ فِي الْبَرِّيَّةِ صَيْدُ الأُسُودِ، وَكَذلِكَ الْفُقَرَاءُ هُمْ مَرَاعِي الأَغْنِيَاءِ.
24
التَّوَاضُعُ رِجْسٌ عِنْدَ الْمُتَكَبِّرِ، وَهكَذَا الْفَقِيرُ رِجْسٌ عِنْدَ الْغَنِيِّ.
25
الْغَنِيُّ إِذَا تَزَعْزَعَ يُثَبِّتُهُ أَصْدِقَاؤُهُ، وَالْمُتَوَاضِعُ إِذَا سَقَطَ فَأَصْدِقَاؤُهُ يَطْرُدُونَهُ.
26
يَزِلُّ الْغَنِيُّ فَيُعِينُهُ كَثِيرُونَ. يَتَكَلَّمُ بِالْمُنْكَرَاتِ فَيُبَرِّئُونَهُ.
27
يَزِلُّ الْمُتَوَاضِعُ فَيُوَبِّخُونَهُ. يَنْطِقُ بِعَقْلٍ، فَلاَ يَجْعَلُونَ لِكَلاَمِهِ مَوْضِعاً.
28
يَتَكَلَّمُ الْغَنِيُّ فَيَنْصِتُ الْجَمِيعُ، وَيَرْفَعُونَ مَقَالَتَهُ إِلَى السَّحَابِ.
29
يَتَكَلَّمُ الْفَقِيرُ فَيَقُولُونَ: «مَنْ هذَا؟» وَإِنْ عَثَرَ يَصْرَعُونَهُ.
30
أَلْغِنَى يَحْسُنُ بِمَنْ لاَ خَطِيَّئةَ لَهُ، وَالْفَقْرُ مُسْتَقْبَحٌ فِي فَمِ الْمُنَافِقِ.
31
قَلْبُ الإِنْسَانِ يُغَيِّرُ وَجْهَهُ؛ إِمَّا إِلَى الْخَيْرِ؛ وَإِمَّا إِلَى الشَّرِّ.
32
طَلاَقَةُ الْوَجْهِ مِنْ طِيبِ الْقَلْبِ، وَالْبَحْثُ عَنِ الأَمْثَالِ يَجْهَدُ الأَفْكَارَ.
الاصحاح الرابع عشر
1
طُوبَى لِلْرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَزِلَّ بِفِيهِ، وَلَمْ يَنْخَسْهُ النَّدَمُ عَلَى الْخَطِيئَةِ.
2
طُوبَى لِمَنْ لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ ضَمِيرُهُ، وَلَمْ يَسْقُطْ مِنْ رَجَائِهِ.
3
الْغِنَى لاَ يَجْمُلُ بِالرَّجُلِ الشَّحِيحِ، وَمَا مَنْفَعَةُ الأَمْوَالِ مَعَ الإِنْسَانِ الْحَسُودِ؟
4
مَنِ اخْتَزَنَ بِخُسْرَانِ نَفْسِهِ؛ فَإِنَّمَا يَخْتَزِنُ لِلآخَرِينَ، وَيَتَنَعَّمُ بِخَيْرَاتِهِ غَيْرُهُ.
5
مَنْ أَسَاءَ إِلَى نَفْسِهِ؛ فَإِلَى مَنْ يُحْسِنُ؟ أَلَمْ تَرَهُ لاَ يَتَمَتَّعُ مِنْ أَمْوَالِهِ.
6
لاَ أَسْوَأَ مِمَّنْ يَحْسُدُ نَفْسَهُ. إِنَّ ذلِكَ جَزَاءُ خُبْثِهِ.
7
وَإِنْ هُوَ أَحْسَنَ، فَعَنْ سَهْوٍ، وَفِي الآخِرِ يُبْدِي خُبْثَهُ.
8
لاَ أَخْبَثَ مِمَّنْ يَحْسُدُ بِعَيْنِهِ، وَيُحَوِّلُ وَجْهَهُ، وَيَحْتَقِرُ النُّفُوسَ.
9
عَيْنُ الْبَخِيلِ لاَ تَشْبَعُ مِنْ حَظِّهِ، وَظُلْمُ الشِّرِّيرِ يُضْنِي نَفْسَهُ.
10
الْعَيْنُ الشِّرِّيرَةُ تَحْسُدُ عَلَى الْخُبْزِ، وَعَلَى مَائِدَتِهَا تَكُونُ فِي عَوَزٍ.
11
يَا بُنَيَّ، أَنْفِقْ عَلَى نَفْسِكَ بِحَسَبِ مَا تَمْلِكُ، وَقَرِّبْ لِلرَّبِّ تَقَادِمَ تَلِيقُ بِهِ.
12
اُذْكُرْ أَنَّ الْمَوْتَ لاَ يُبْطِئُ. أَلَمْ يَبْلُغْكَ عَهْدُ الْجَحِيمِ؟
13
قَبْلَ أَنْ تَمُوتَ أَحْسِنْ إِلَى صَدِيقِكَ، وَعَلَى قَدْرِ طَاقَتِكَ ابْسُطْ يَدَكَ وَأَعْطِهِ.
14
لاَ تَخْسَرْ يَوْماً صَالِحاً، وَلاَ يَفُتْكَ حَظُّ خَيْرٍ شَهِيٍّ.
15
أَلَسْتَ مُخَلِّفاً أَتْعَابَكَ لآخَرَ، وَمَا جَهَدْتَ فِيهِ لِلاقْتِسَامِ بِالْقُرْعَةِ؟
16
أَعْطِ وَخُذْ وَزَكِّ نَفْسَكَ.
17
قَبْلَ وَفَاتِكَ اِصْنَعِ الْبِرَّ؛ فَإِنَّهُ لاَ سَبِيلَ إِلَى الْتِمَاسِ الطَّعَامِ فِي الْجَحِيمِ.
18
كُلُّ جَسَدٍ يَبْلَى مِثْلَ الثَّوْبِ، لأَنَّ الْعَهْدَ مِنَ الْبَدْءِ؛ أَنَّهُ يَمُوتُ مَوْتاً. فَكَمَا أَنَّ أَوْرَاقَ شَجَرَةٍ كَثِيفَةٍ،
19
بَعْضُهَا يَسْقُطُ وَبَعْضُهَا يَنْبُتُ، كَذلِكَ جِيلُ اللَّحْمِ وَالدَّمِ، بَعْضُهُمْ يَمُوتُ وَبَعْضُهُمْ يُولَدُ.
20
كُلُّ عَمَلٍ فَاسِدٍ يَزُولُ، وَعَامِلُهُ يَذْهَبُ مَعَهُ.
21
وَكُلُّ عَمَلٍ مُنْتَقًى يُبَرَّرُ، وَعَامِلُهُ يُكْرَمُ لأَجْلِهِ.
22
طُوبَى لِلْرَّجُلِ الَّذِي يَتَأَمَّلُ فِي الْحِكْمَةِ، وَيَتَحَدَّثُ بِهَا فِي عَقْلِهِ،
23
وَيَتَفَكَّرُ فِي طُرُقِهَا بِقَلْبِهِ، وَيَتَبَصَّرُ فِي أَسْرَارِهَا. يَنْطَلِقُ فِي إِثْرِهَا كَالْبَاحِثِ، وَيَتَرَقَّبُ عِنْدَ مَدَاخِلِهَا،
24
وَيَتَطَلَّعُ مِنْ كَوَّاتِهَا، وَيَتَسَمَّعُ عِنْدَ أَبْوَابِهَا،
25
وَيَحِلُّ بِقُرْبِ بَيْتِهَا، وَيَضْرِبُ وَتَداً فِي حَائِطِهَا، وَيَنْصِبُ خَيْمَتَهُ بِجَانِبِهَا، وَيَنْزِلُ بِمَنْزِلِ الْخَيْرَاتِ.
26
يَجْعَلُ بَنِيهِ فِي كَنَفِهَا، وَيَسْكُنُ تَحْتَ أَغْصَانِهَا.
27
يَسْتَتِرُ بِظِلِّهَا مِنَ الْحَرِّ، وَفِي مَجْدِهَا يَجِدُ رَاحَةً.
الاصحاح الخامس عشر
1
الَّذِي يَتَّقِي الرَّبَّ يَعْمَلُ ذلِكَ، وَالَّذِي يَتَمَسَّكُ بِالشَّرِيعَةِ يَنَالُ الْحِكْمَةَ.
2
تُبَادِرُ إِلَيْهِ كَأُمٍّ، وَتَتَّخِذُهُ كَامْرَأَةٍ بِكْرٍ.
3
تُطْعِمُهُ خُبْزَ الْعَقْلِ، وَتَسْقِيهِ مَاءَ الْحِكْمَةِ، فِيهَا يَتَرَسَّخُ فَلاَ يَتَزَعْزَعُ،
4
وَعَلَيْهَا يَعْتَمِدُ فَلاَ يُخْزَى، فَتَرْفَعُ مَقَامَهُ عِنْدَ أَصْحَابِهِ،
5
وَتَفْتَحُ فَاهُ فِي الْجَمَاعَةِ، وَتَمْلأُهُ مِنْ رُوحِ الْحِكْمَةِ وَالْعَقْلِ، وَتُلْبِسُهُ حُلَّةَ الْمَجْدِ.
6
فَيَرِثُ السُّرُورَ وَإِكْلِيلَ الاِبْتِهَاجِ وَاسْماً أَبَدِيًّا.
7
الْجُهَّالُ مِنَ النَّاسِ لاَ يُدْرِكُونَهَا، أَمَّا الْعُقَلاَءُ فَيُبَادِرُونَ إِلَيْهَا، وَالْخَطَأَةُ لاَ يَرَوْنَهَا، لأَنَّهَا بَعِيدَةٌ عَنِ الْكِبْرِيَاءِ وَالْمَكْرِ.
8
الْكَذَّابُونَ مِنَ النَّاسِ لاَ يَذْكُرُونَهَا، أَمَّا الصَّادِقُونَ فَيُوجَدُونَ فِيهَا وَيُفْلِحُونَ، إِلَى أَنْ يُشَاهِدُوا اللهَ.
9
لاَ يَجْمُلُ الْحَمْدُ فِي فَمِ الْخَاطِئِ،
10
لأَنَّ الْخَاطِئَ لَمْ يُرْسِلْهُ الرَّبُّ. إِنَّمَا يَنْطِقُ بِالْحَمْدِ ذُو الْحِكْمَةِ، وَالرَّبُّ يُنْجِحُهُ.
11
لاَ تَقُلْ: «إِنَّمَا ابْتِعَادِي عَنْهَا مِنَ الرَّبِّ»، بَلِ امْتَنِعْ عَنْ عَمَلِ مَا يُبْغِضُهُ.
12
لاَ تَقُلْ: «هُوَ أَضَلَّنِي»، فَإِنَّهُ لاَ حَاجَةَ لَهُ فِي الرَّجُلِ الْخَاطِئِ.
13
كُلُّ رِجْسٍ مُبْغَضٌ عِنْدَ الرَّبِّ، وَلَيْسَ بِمَحْبُوبٍ عِنْدَ الَّذِينَ يَتَّقُونَهُ.
14
هُوَ صَنَعَ الإِنْسَانَ فِي الْبَدْءِ، وَتَرَكَهُ فِي يَدِ اخْتِيَارِهِ،
15
وَأَضَافَ إِلَى ذلِكَ وَصَايَاهُ وَأَوَامِرَهُ.
16
فَإِنْ شِئْتَ، حَفِظْتَ الْوَصَايَا وَوَفَّيْتَ مَرْضَاتَهُ.
17
وَعَرَضَ لَكَ النَّارَ وَالْمَاءَ؛ فَتَمُدُّ يَدَكَ إِلَى مَا شِئْتَ.
18
الْحَيَاةُ وَالْمَوْتُ أَمَامَ الإِنْسَانِ؛ فَمَا أَعْجَبَهُ يُعْطَى لَهُ.
19
إِنَّ حِكْمَةَ الرَّبِّ عَظِيمَةٌ. هُوَ شَدِيدُ الْقُدْرَةِ، وَيَرَى كُلَّ شَيْءٍ،
20
وَعَيْنَاهُ إِلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَهُ، وَيَعْلَمُ كُلَّ أَعْمَالِ الإِنْسَانِ.
21
لَمْ يُوصِ أَحَداً أَنْ يُنَافِقَ، وَلاَ أَذِنَ لأَحَدٍ أَنْ يَخْطَأَ،
22
لأَنَّهُ لاَ يُحِبُّ كَثْرَةَ الْبَنِينَ الْكَفَرَةِ الَّذِينَ لاَ خَيْرَ فِيهِمْ.
الاصحاح السادس عشر
1
لاَ تَشْتَهِ كَثْرَةَ أَوْلاَدٍ لاَ خَيْرَ فِيهِمْ، وَلاَ تَفْرَحْ بِالْبَنِينَ الْمُنَافِقِينَ، وَلاَ تُسَرَّ بِكَثْرَتِهِمْ، إِذَا لَمْ تَكُنْ فِيهِمْ مَخَافَةُ الرَّبِّ.
2
لاَ تَثِقْ بِحَيَاتِهِمْ، وَتَلْتَفِتْ إِلَى مَكَانِهِمْ.
3
وَلَدٌ وَاحِدٌ يَتَّقِي الرَّبَّ، خَيْرٌ مِنَ أَلْفٍ مُنَافِقِينَ.
4
وَالْمَوْتُ بِلاَ وَلَدٍ، خَيْرٌ مِنَ الأَوْلاَدِ الْمُنَافِقِينَ.
5
لأَنَّهُ بِعَاقِلٍ وَاحِدٍ تُعْمَرُ الْمَدِينَةُ، وَقَبِيلَةٌ مِنَ الأُثَمَاءِ تُخْرَبُ.
6
كَثِيرٌ مِنْ أَمْثَالِ هذِهِ رَأَيْتُهُ بِعَيْنَيَّ، وَأَعْظَمُ مِنْهَا سَمِعَتْ بِهِ أُذُنِي.
7
فِي مَجْمَعِ الْخَطَأَةِ تَتَّقِدُ النَّارُ، وَفِي الأُمَّةِ الْكَافِرَةِ يَضْطَرِمُ الْغَضَبُ.
8
لَمْ يَعْفُ عَنِ الْجَبَابِرَةِ الأَوَّلِينَ الَّذِينَ تَمَرَّدُوا بِقُوَّتِهِمْ،
9
وَلَمْ يُشْفِقْ عَلَى جِيلِ لُوطٍ، الَّذِينَ مَقَتَهُمْ لِكِبْرِيَائِهِمْ،
10
وَلَمْ يَرْحَمْ أُمَّةَ الْهَلاَكِ الْمُتَعَظِّمِينَ بِخَطَايَاهُمْ.
11
وَكَذلِكَ السِّتُّ مِئَةَ أَلْفٍ مِنَ الرَّجَّالَةِ، الَّذِينَ تَعَصَّبُوا بِقَسَاوَةِ قُلُوبِهِمْ، بَلْ لَوْ وُجِدَ وَاحِدٌ قَاسِي الرَّقَبَةِ، لَكَانَ مِنَ الْعَجَبِ أَنْ يُصْفَحَ عَنْهُ.
12
لأَنَّ الرَّحْمَةَ وَالْغَضَبَ مِنْ عِنْدِهِ. هُوَ رَبُّ الْعَفْوِ، وَسَاكِبُ الْغَضَبِ.
13
كَمَا أَنَّهُ كَثِيرُ الرَّحْمَةِ، هكَذَا هُوَ شَدِيدُ الْعِقَابِ؛ فَيَقْضِي عَلَى الرَّجُلِ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِ.
14
لاَ يُفْلِتُ الْخَاطِئُ بِغَنَائِمِهِ، وَلاَ يُضَيِّعُ الرَّبُّ صَبْرَ الْتَّقِيِّ.
15
لِكُلِّ رَحْمَةٍ يَجْعَلُ مَوْضِعاً، وَكُلُّ وَاحِدٍ يَلْقَى مَا تَسْتَحِقُّ أَعْمَالُهُ.
16
لاَ تَقُلْ: «سَأَتَوَارَى عَنِ الرَّبِّ، أَلَعَلَّ أَحَداً مِنَ الْعُلَى يَذْكُرُنِي؟
17
إِنِّي فِي شَعْبٍ كَثِيرٍ لاَ أُذْكَرُ، فَمَاذَا تُعْتَبَرُ نَفْسِي فِي خَلْقٍ لاَ يُقَدَّرُ؟»
18
هَا إِنَّ السَّمَاءَ وَسَمَاءَ سَمَاءِ اللهِ وَالْغَمْرَ وَالأَرْضَ تَتَزَعْزَعُ عِنْدَ افْتِقَادِهِ.
19
وَالْجِبَالَ وَأُسُسَ الأَرْضِ تَرْتَعِدُ رُعْباً عِنْدَمَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا.
20
وَفِي ذلِكَ لاَ يَتَأَمَّلُ الْقَلْبُ،
21
وَلَيْسَ مَنْ يَفْهَمُ طُرُقَهُ. رُبَّ زَوْبَعَةٍ لاَ يُبْصِرُهَا الإِنْسَانُ؛
22
فَإِنَّ أَكْثَرَ أَعْمَالِ الرَّبِّ فِي الْخَفَاءِ. أَعْمَالُ الْعَدْلِ مَنْ يُخْبِرُ بِهَا أَوْ مَنْ يَحْتَمِلُهَا. إِنَّ الْعَهْدَ بَعِيدٌ، وَالْفَحْصَ عَنِ الْجَمِيعِ يَكُونُ عِنْدَ الاِنْقِضَاءِ.
23
الْمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ يَتَأَمَّلُ فِي ذلِكَ، أَمَّا الرَّجُلُ الْجَاهِلُ الضَّالُّ فَيَتَأَمَّلُ فِي الْحَمَاقَاتِ.
24
اِسْمَعْ لِي يَا بُنَيَّ، وَتَعَلَّمِ الْعِلْمَ، وَوَجِّهْ قَلْبَكَ إِلَى كَلاَمِي.
25
إِنِّي أُعَبِّرُ عَنِ التَّأْدِيبِ بِوَزْنٍ، وَأُبْدِي الْعِلْمَ بِتَدْقِيقٍ.
26
جَمِيعُ أَعْمَالِ الرَّبِّ مِنَ الْبَدْءِ قَدَّرَهَا بِحِكْمَةٍ، وَمُنْذُ إِنْشَائِهَا مَيَّزَ أَجْزَاءَهَا.
27
زَيَّنَ أَعْمَالَهُ إِلَى الدَّهْرِ، وَمَبَادِئَهَا إِلَى أَحْقَابِهَا، فَلَمْ تَجُعْ وَلَمْ تَتْعَبْ وَلَمْ تَزَلْ تعْمَلُ،
28
وَلَمْ يُضَايِقْ بَعْضُهَا بَعْضاً،
29
وَهِيَ لاَ تُعَاصِي كَلِمَتَهُ مَدَى الدَّهْرِ.
30
وَبَعْدَ ذلِكَ نَظَرَ الرَّبُّ إِلَى الأَرْضِ وَمَلأَهَا مِنْ خَيْرَاتِهِ.
31
وَنُفُوسُ ذَوِي الْحَيَاةِ تُغَطِّي وَجْهَهَا وَإِلَيْهَا تَعُودُ.
الاصحاح السابع عشر
1
خَلَقَ الرَّبُّ الإِنْسَانَ مِنَ الأَرْضِ،
2
وَإِلَيْهَا أَعَادَهُ.
3
جَعَلَ لَهُمْ وَقْتاً وَأَيَّاماً مَعْدُودَةً، وَأَتَاهُمْ سُلْطَاناً عَلَى كُلِّ مَا فِيهَا، وَأَلْبَسَهُمْ قُوَّةً بِحَسَبِ طَبِيعَتِهِمْ، وَصَنَعَهُمْ عَلَى صُورَتِهِ.
4
أَلْقَى رُعْبَهُ عَلَى كُلِّ ذِي جَسَدٍ، وَسَلَّطَهُ عَلَى الْوَحْشِ وَالطَّيْرِ.
5
خَلَقَ مِنْهُ عَوْناً بِإِزَائِهِ، وَأَعْطَاهُمُ اخْتِيَاراً وَلِسَاناً وَعَيْنَيْنِ وَأُذُنَيْنِ وَقَلْباً يَتَفَكَّرُ،
6
وَمَلأَهُمْ مِنْ مَعْرِفَةِ الْحِكْمَةِ، وَأَرَاهُمُ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ.
7
وَجَعَلَ عَيْنَهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، لِيُظْهِرَ لَهُمْ عَظَائِمَ أَعْمَالِهِ.
8
لِيَحْمَدُوا اسْمَهُ الْقُدُّوسَ، وَيُخْبِرُوا بِعَظَائِمِ أَعْمَالِهِ.
9
وَزَادَهُمُ الْعِلْمَ، وَأَوْرَثَهُمْ شَرِيعَةَ الْحَيَاةِ.
10
وَعَاهَدَهُمْ عَهْدَ الدَّهْرِ وَأَرَاهُمْ أَحْكَامَهُ.
11
فَرَأَتْ عُيُونُهُمْ عَظَائِمَ الْمَجْدِ، وَسَمِعَتْ آذَانُهُمْ مَجْدَ صَوْتِهِ. وَقَالَ لَهُمُ: «اِحْتَرِزُوا مِنْ كُلِّ ظُلْمٍ».
12
وَأَوْصَاهُمْ كُلَّ وَاحِدٍ فِي حَقِّ الْقَرِيبِ.
13
طُرُقُهُمْ أَمَامَهُ فِي كُلِّ حِينٍ، فَهِيَ لاَ تَخْفَى عَنْ عَيْنَيْهِ.
14
لِكُلِّ أُمَّةٍ أَقَامَ رَئِيساً،
15
أَمَّا إِسْرَائِيلُ، فَهُوَ نَصِيبُ الرَّبِّ.
16
جَمِيعُ أَعْمَالِهِمْ كَالشَّمْسِ أَمَامَهُ، وَعَيْنَاهُ عَلَى الدَّوَامِ تَنْظُرَانِ إِلَى طُرُقِهِمْ.
17
لَمْ تَخْفَ عَنْهُ آثَامُهُمْ، بَلْ جَمِيعُ خَطَايَاهُمْ أَمَامَ الرَّبِّ.
18
صَدَقَةُ الرَّجُلِ كَخَاتِمٍ عِنْدَهُ، فَيَحْفَظُ إِحْسَانَ الإِنْسَانِ كَحَدَقَةِ عَيْنِهِ.
19
وَبَعْدَ ذلِكَ يَقُومُ وَيُجَازِيهِمْ. يُجَازِيهِمْ جَزَاءَهُمْ عَلَى رُؤُوسِهِمْ، وَيُهْبِطُهُمْ إِلَى بُطُونِ الأَرْضِ.
20
لكِنَّهُ جَعَلَ لِلتَّائِبِينَ مَرْجِعًا، وَعَزَّى ضُعَفَاءَ الصَّبْرِ، وَرَسَمَ لَهُمْ نَصِيبَ الْحَقِّ.
21
فَتُبْ إِلَى الرَّبِّ، وَأَقْلِعْ عَنِ الْخَطَايَا،
22
تَضَرَّعْ أَمَامَ وَجْهِهِ، وَأَقْلِلْ مِنَ الْعَثَرَاتِ.
23
اِرْجِعْ إِلَى الْعَلِيِّ، وَأَعْرِضْ عَنِ الإِثْمِ، وَأَبْغِضِ الرِّجْسَ أَشَدَّ بُغْضٍ، فَهَلْ مِنْ حَامِدٍ لِلْعَلِيِّ فِي الْجَحِيمِ؟
24
تَعَلَّمْ أَوَامِرَ اللهِ وَأَحْكَامَهُ. وَكُنْ ثَابِتاً عَلَى حَظِّ التَّقْدِمَةِ وَالصَّلاَةِ لِلْعَلِيِّ.
25
أُدْخُلْ فِي مِيرَاثِ الدَّهْرِ الْمُقَدَّسِ، مَعَ الأَحْيَاءِ الْمُعْتَرِفِينَ لِلرَّبِّ.
26
لاَ تَلْبَثْ فِي ضَلاَلِ الْمُنَافِقِينَ. اعْتَرِفْ قَبْلَ الْمَوْتِ، فَإِنَّ الاِعْتِرَافَ يُعْدَمُ مِنَ الْمَيْتِ، إِذْ يَعُودُ كَلاَ شَيْءٍ.
27
إِنَّكَ مَا دُمْتَ حَيًّا مُعَافًى، تَحْمَدُ الرَّبَّ، وَتَفْتَخِرُ بِمَرَاحِمِهِ.
28
مَا أَعْظَمَ رَحْمَةَ الرَّبِّ وَعَفْوَهُ، لِلَّذِينَ يَتُوبُونَ إِلَيْهِ.
29
لاَ يَسْتَطِيعُ النَّاسُ أَنْ يَحُوزُوا كُلَّ شَيْءٍ، لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَيْسَ بِخَالِدٍ.
30
أَيُّ شَيْءٍ أَضْوَأُ مِنَ الشَّمْسِ؟ وَهذِهِ أَيْضاً تَكْسِفُ، وَالشِّرِّيرُ يُفَكِّرُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ.
31
الرَّبُّ يَسْتَعْرِضُ جُنُودَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا، أَمَّا الْبَشَرُ فَجَمِيعُهُمْ تُرَابٌ وَرَمَادٌ.
الاصحاح الثامن عشر
1
الْحَيُّ الدَّائِمُ خَلَقَ جَمِيعَ الأَشْيَاءِ عَامَّةً. الرَّبُّ وَحْدَهُ يَتَزَكَّى.
2
لَمْ يَسْمَحْ لأَحَدٍ أَنْ يُخْبِرَ بِأَعْمَالِهِ،
3
وَمَنِ الَّذِي اسْتَقْصَى عَظَائِمَهُ؟
4
مَنْ يُعَدِّدُ قُوَّةَ عَظَمَتِهِ؟ وَمَنْ يُقْدِمُ عَلَى تَبْيَانِ مَرَاحِمِهِ؟
5
لَيْسَ لِلإِنْسَانِ أَنْ يُسْقِطَ مِنْ عَجَائِبِ الرَّبِّ، وَلاَ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا، وَلاَ أَنْ يَسْبُرَهَا.
6
إِذَا أَتَمَّ الإِنْسَانُ، فَحِينَئِذٍ يَبْتَدِئُ، وَإِذَا اسْتَرَاحَ، فَحِينَئِذٍ يَتَحَيَّرُ.
7
مَا الإِنْسَانُ، وَمَا مَنْفَعَتُهُ؟ مَا خَيْرُهُ، وَمَا شَرُّهُ؟
8
عِدَّةُ أَيَّامِ الإِنْسَانِ عَلَى الأَكْثَرِ مِئَةُ سَنَةٍ. كَنُقْطَةِ مَاءٍ مِنَ الْبَحْرِ، وَكَذَرَّةٍ مِنَ الرَّمْلِ، هكَذَا سِنُونَ قَلِيلَةٌ فِي يَوْمِ الأَبَدِيَّةِ.
9
فَلِذلِكَ طَالَتْ عَلَيْهِمْ أَنَّاةُ الرَّبِّ، وَأَفَاضَ عَلَيْهِمْ رَحْمَتَهُ.
10
رَأَى و عَلِمَ أَنَّ مُنْقَلَبَهُمْ
11
فَلِذلِكَ أَكْثَرَ مِنَ الْعَفْوِ.
12
رَحْمَةُ الإِنْسَانِ لِقَرِيبِهِ، أَمَّا رَحْمَةُ الرَّبِّ فَلِكُلِّ ذِي جَسَدٍ.
13
يُوَبِّخُ وَيُؤَدِّبُ وَيُعَلِّمُ وَيَرُدُّ، كَالرَّاعِي رَعِيَّتَهُ.
14
يَرْحَمُ الَّذِينَ يَقْبَلُونَ تَأْدِيبَهُ، وَيُبَادِرُونَ إِلَى الْعَمَلِ بِأَحْكَامِهِ.
15
يَا بُنَيَّ، لاَ تَقْرِنِ الصَّنِيعَةَ بِالْمَلاَمِ، وَلاَ الْعَطِيَّةَ بِكَلاَمِ التَّنْغِيصِ.
16
أَلَيْسَ النَّدَى يُبَرِّدُ الْحَرَّ؟ هكَذَا الْكَلاَمُ أَفْضَلُ مِنَ الْعَطِيَّةَ.
17
أَمَا تَرَى أَنَّ الْكَلاَمَ أَفْضَلُ مِنَ الْعَطِيَّةِ، وَكِلاَهُمَا عِنْدَ الرَّجُلِ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِ.
18
تَعْيِيرُ الأَحْمَقِ مَكْرُوهٌ، وَعَطِيَّةُ الْحَاسِدِ تُكِلُّ الْعُيُونَ.
19
قَبْلَ الْقَضَاءِ كُنْ عَلَى يَقِينٍ مِنَ الْحَقِّ، وَقَبْلَ الْكَلاَمِ تَعْلَّمْ.
20
قَبْلَ الْمَرَضِ اسْتَطِبَّ، وَقَبْلَ الْقَضَاءِ افْحَصْ نَفْسَكَ، فَتَنَالَ الْعَفْوَ سَاعَةَ الاِفْتِقَادِ.
21
قَبْلَ الْمَرَضِ كُنْ مُتَوَاضِعاً، وَعِنْدَ ارْتِكَابِ الْخَطَايَا أَرِ تَوْبَتَكَ.
22
لاَ يَحْبِسْكَ شَيْءٌ عَنْ قَضَاءِ نَذْرِكَ فِي وَقْتِهِ، وَلاَ تُحْجِمْ عَنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ حَتَّى الْمَوْتِ، فَإِنَّ ثَوَابَ الرَّبِّ يَبْقَى إِلَى الأَبَدِ.
23
قَبْلَ الصَّلاَةِ أَهِبْ نَفْسَكَ، وَلاَ تَكُنْ كَإِنْسَانٍ يُجَرِّبُ الرَّبَّ.
24
اُذْكُرِ الْغَضَبَ فِي أَيَّامِ الاِنْقِضَاءِ، وَوَقْتَ الاِنْتِقَامِ عِنْدَ تَحَوُّلِ الْوَجْهِ.
25
فِي وَقْتِ الشِّبَعِ اذْكُرْ وَقْتَ الْجُوعِ، وَفِي أَيَّامِ الْغِنَى اذْكُرِ الْفَقْرَ وَالْعَوَزَ.
26
بَيْنَ الْغَدَاةِ إِلَى الْعَشِيِّ يَتَغَيَّرُ الزَّمَانُ، وَكُلُّ شَيْءٍ سَرِيعُ التَّحَوُّلِ أَمَامَ الرَّبِّ.
27
الْحَكِيمُ يَتَحَذَّرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَفِي أَيَّامِ الْخَطَايَا يَحْتَرِزُ مِنَ الْهَفَوَاتِ.
28
كُلُّ عَاقِلٍ يَعْرِفُ الْحِكْمَةَ، وَيَعْتَرِفُ لِمَنْ يَجِدُهَا.
29
الْعُقَلاَءُ فِي الْكَلاَمِ يُتِمُّونَ أَعْمَالَهُمْ بِالْحِكْمَةِ، وَيُفِيضُونَ الأَمْثَالَ السَّدِيدَةَ.
30
لاَ تَكُنْ تَابِعاً لِشَهَوَاتِكَ، بَلْ عَاصِ أَهْوَاءَكَ.
31
فَإِنَّكَ إِنْ أَبَحْتَ لِنَفْسِكَ الرِّضَى بِالشَّهْوَةِ، جَعَلَتْكَ شَمَاتَةً لأَعْدَائِكَ.
32
لاَ تَتَلَذَّذْ بِكَثْرَةِ الْمَآدِبِ، وَلاَ تُلْزِمْ نَفْسَكَ الإِنْفَاقَ عَلَيْهَا.
33
لاَ تُفْقِرْ نَفْسَكَ بِالْمَآدِبِ، تُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنَ الدَّيْنِ، وَلَيْسَ فِي كِيسِكَ شَيْءٌ، فَإِنَّكَ بِذلِكَ تَكْمُنُ لِحَيَاتِكَ.
الاصحاح التاسع عشر
1
الْعَامِلُ الشِّرِّيبُ لاَ يَسْتَغْنِي، وَالَّذِي يَحْتَقِرُ الْيَسِيرَ يَسْقُطُ شَيْئاً فَشَيْئاً.
2
الْخَمْرُ وَالنِّسَاءُ تَجْعَلاَنِ الْعُقَلاَءَ أَهْلَ رِدَّةٍ.
3
وَالَّذِي يُخَالِطُ الزَّوَانِي يَزْدَادُ وَقَاحَةً. السُّوسُ وَالدُّودُ يَرِثَانِهِ، وَالنَّفْسُ الْوَقِحَةُ تُسْتَأْصَلُ.
4
مَنْ أَسْرَعَ إِلَى التَّصْدِيقِ فَهُوَ خَفِيفُ الْعَقْلِ، وَمَنْ خَطِئَ فَهُوَ مُجْرِمٌ عَلَى نَفْسِهِ.
5
الَّذِي يَتَلَذَّذُ بِالإِثْمِ يَلْحَقُهُ الْوَصْمُ، وَالَّذِي يَكْرَهُ التَّكَلُّمَ يُقَلِّلُ الذُّنُوبَ.
6
الَّذِي يَخْطَأْ إِلَى نَفْسِهِ يَنْدَمُ، وَالَّذِي يَتَلَذَّذُ بِالشَّرِّ يَلْحَقُهُ الْوَصْمُ.
7
لاَ تَنْقُلْ كَلاَمَ السُّوءِ، فَلَسْتَ بِخَاسِرٍ شَيْئاً.
8
لاَ تُطْلِعْ عَلَى سِرِّكَ صَدِيقَكَ وَلاَ عَدُوَّكَ، وَلاَ تَكْشِفْ مَا فِي نَفْسِكَ لأَحَدٍ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيكَ خَطِيئَةٌ.
9
فَإِنَّهُ يَسْمَعُكَ ثُمَّ يَرْصُدُكَ، وَيَصِيرُ يَوْماً عَدُوًّا لَكَ.
10
إِنْ سَمِعْتَ كَلاَماً فَلْيَمُتْ عِنْدَكَ. ثِقْ فَإِنَّهُ لاَ يَشُقُّكَ.
11
الأَحْمَقُ يَمْخَضُ بِالْكَلِمَةِ مَخَاضَ الْوَالِدَةِ بِالْجَنِينِ.
12
الْكَلِمَةُ فِي جَوْفِ الأَحْمَقِ كَنَبْلٍ مَغْرُوزٍ فِي فَخْذٍ لَحِيمَةٍ.
13
عَاتِبْ صَدِيقَكَ فَلَعَلَّهُ لَمْ يَفْعَلْ، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ فَلاَ يَعُودُ يَفْعَلُ.
14
عَاتِبْ صَدِيقَكَ فَلَعَلَّهُ لَمْ يَقُلْ، وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَ فَلاَ يُكَرِّرُ الْقَوْلَ.
15
عَاتِبْ صَدِيقَكَ فَإِنَّ النَّمِيمَةَ كَثِيرَةٌ.
16
وَلاَ تُصَدِّقْ كُلَّ كَلاَمٍ، فَرُبَّ زَالٍّ لَيْسَتْ زَلَّتُهُ مِنْ قَلْبِهِ.
17
وَمَنِ الَّذِي لَمْ يَخْطَأْ بِلِسَانِهِ. عَاتِبْ قَرِيبَكَ قَبْلَ أَنْ تُهَدِّدَهُ.
18
وَأَبْقِ مَكَاناً لِشَرِيعَةِ الْعَلِيِّ. كُلُّ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ، وَفِي كُلِّ حِكْمَةٍ الْعَمَلُ بِالشَّرِيعَةِ.
19
لَيْسَتِ الْحِكْمَةُ عِلْمَ الشَّرِّ، وَحَيْثُ تَكُونُ مَشُورَةُ الْخَطَأَةِ، فَلَيْسَتْ هُنَاكَ الْفِطْنَةُ.
20
فَإِنَّ مِنَ الشَّرِّ مَا هُوَ رِجْسٌ، وَمِنَ الْجُهَّالِ مَنْ نَقَصَ حَظُّهُ مِنَ الْحِكْمَةِ.
21
نَاقِصُ الْعَقْلِ وَهُوَ تَقِيٌّ، خَيْرٌ مِنْ وَافِرِ الْفِطْنَةِ وَهُوَ يَتَعَدَّى الشَّرِيعَةَ.
22
رُبَّ دَهَاءٍ يَكُونُ مُحْكَماً، وَهُوَ جَائِرٌ.
23
وَرُبَّ رَجُلٍ يَهْدِمُ الْمَحَبَّةَ، لِيُبْدِيَ الْعَدْلَ. رُبَّ شِرِّيرٍ يَمْشِي مُكِبًّا فِي الْحِدَادِ، وَبَوَاطِنُهُ مَمْلُوءَةٌ مَكْراً.
24
يُكِبُّ بِوَجْهِهِ وَيُصِمُّ إِحْدَى أُذُنَيْهِ، وَحِينَ لاَ تَشْعُرُ يُفَاجِئُكَ.
25
وَإِنْ مَنَعَهُ الْعَجْزُ مِنَ الإِسَاءَةِ، فَإِذَا صَادَفَ فُرْصَةً فَعَلَ.
26
مِنْ مَنْظَرِهِ يُعْرَفُ الرَّجُلُ، وَمِنِ اسْتِقْبَالِ الْوَجْهِ يُعْرَفُ الْعَاقِلُ.
27
لِبْسَةُ الرَّجُلِ، وَضِحْكَةُ الأَسْنَانِ، وَمِشْيَةُ الإِنْسَانِ، تُخْبِرُ بِمَا هُوَ عَلَيْهِ.
28
رُبَّ عِتَابٍ لاَ يَجْمُلُ، وَرُبَّ صَامِتٍ عَنْ فِطْنَةٍ.
الاصحاح العشرون
1
الْعِتَابُ خَيْرٌ مِنَ الْحِقْدِ، وَالْمُقِرُّ يُكْفَى الْخُسْرَانَ.
2
الْخَصِيُّ الْمُتَشَهِّي يُفْسِدُ الْبِكْرَ،
3
وَهكَذَا فِعْلُ مَنْ يَقْضِي قَضَاءَ الْجَوْرِ.
4
مَا أَحْسَنَ إِبْدَاءَكَ النَّدَامَةَ إِذَا وُبِّخْتَ؛ فَإِنَّكَ بِذلِكَ تَجْتَنِبُ الْخَطِيئَةَ الاِخْتِيَارِيَّةَ.
5
رُبَّ سَاكِتٍ يُعَدُّ حَكِيماً، وَرُبَّ مُتَكَلِّمٍ يُكْرَهُ لِطُولِ حَدِيثِهِ.
6
مِنَ السَّاكِتِينَ مَنْ يَسْكُتُ، لأَنَّهُ لاَ يَجِدُ جَوَاباً، وَمَنْ يَسْكُتُ لأَنَّهُ يَعْرِفُ الأَوْقَاتَ.
7
الإِنْسَانُ الْحَكِيمُ يَسْكُتُ إِلَى حِينٍ، أَمَّا الْعَاتِي وَالْجَاهِلُ فَلاَ يُبَالِي بِالأَوْقَاتِ.
8
الْكَثِيرُ الْكَلاَمِ يُمْقَتُ، وَالْمُتَسَلِّطُ جَوْراً يُبْغَضُ.
9
رُبَّ نَجَاحٍ يَكُونُ لأَذَى صَاحِبِهِ، وَرُبَّ وِجْدَانٍ يَكُونُ لِخُسْرَانِهِ.
10
رُبَّ عَطِيَّةٍ لاَ تَنْفَعُكَ، وَرُبَّ عَطِيَّةٍ تَكُونُ مُضَاعَفَةَ الْجَزَاءِ.
11
رُبَّ انْحِطَاطٍ سَبَّبَهُ الْمَجْدُ، وَرُبَّ تَوَاضُعٍ يُرْفَعُ بِهِ الرَّأْسُ.
12
رُبَّ مُشْتَرٍ كَثِيراً بِقَلِيلٍ، يَدْفَعُ ثَمَنَهُ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ.
13
الْحَكِيمُ يُحَبِّبُ نَفْسَهُ بِالْكَلاَمِ، وَنِعَمُ الْحَمْقَى تُفَاضُ سُدًى.
14
عَطِيَّةُ الْجَاهِلِ لاَ تَنْفَعُكَ، لأَنَّ لَهُ عِوَضَ الْعَيْنَيْنِ عُيُوناً.
15
يُعْطِي يَسِيراً، وَيَمْتَنُّ كَثِيراً، وَيَفْتَحُ فَاهُ مِثْلَ الْمُنَادِي.
16
يُقْرِضُ الْيَوْمَ وَيُطَالِبُ غَدًا. إِنَّ إِنْسَاناً مِثْلَ هذَا لَبَغِيضٌ.
17
يَقُولُ الأَحْمَقُ لاَ صَدِيقَ لِي، وَصَنَائِعِي غَيْرُ مَشْكُورَةٍ.
18
إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ خُبْزِي خُبَثَاءُ اللِّسَانِ. مَا أَكْثَرَ الْمُسْتَهْزِئِينَ بِهِ، وَأَكْثَرَ اسْتِهْزَاءَاتِهِمْ.
19
فَإِنَّهُ لاَ يُدْرِكُ حَقَّ الإِدْرَاكِ مَاذَا يَسْتَبْقِي، وَلاَ يُبَالِي بِمَا لاَ يَسْتَبْقِي.
20
الزَّلَّةَ عَنِ السَّطْحِ وَلاَ الزَّلَّةَ مِنَ اللِّسَانِ؛ فَإِن سُقُوطَ الأَشْرَارِ يُفَاجِئُ سَرِيعاً.
21
الإِنْسَانُ السَّمِجُ كَحَدِيثٍ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ لاَ يَزَالُ فِي أَفْوَاهِ فَاقِدِي الأَدَبِ.
22
يُرْذَلُ الْمَثَلُ مِنْ فَمِ الأَحْمَقِ، لأَنَّهُ لاَ يَقُولُهُ فِي وَقْتِهِ.
23
رُبَّ إِنْسَانٍ يَمْنَعُهُ إِقْلاَلُهُ عَنِ الْخَطِيئَةِ، وَفِي رَاحَتِهِ لاَ يَنْخَسُهُ ضَمِيرُهُ.
24
مِنَ النَّاسِ مَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنَ الْحَيَاءِ، وَإِنَّمَا يُهْلِكُهَا لأَجْلِ شَخْصِ الْجَاهِلِ.
25
وَمَنْ يَعِدُ صَدِيقَهُ مِنَ الْحَيَاءِ؛ فَيُصَيِّرُهُ عَدُوًّا لَهُ بِغَيْرِ سَبَبٍ.
26
الْكَذِبُ عَارٌ قَبِيحٌ فِي الإِنْسَانِ، وَهُوَ لاَ يَزَالُ فِي أَفْوَاهِ فَاقِدِي الأَدَبِ.
27
السَّارِقُ خَيْرٌ مِمَّنْ يَأْلَفُ الْكَذِبَ، لكِنَّ كِلَيْهِمَا يَرِثَانِ الْهَلاَكَ.
28
شَأْنُ الإِنْسَانِ الْكَذُوبِ الْهَوَانُ، وَخِزْيُهُ مَعَهُ عَلَى الدَّوَامِ.
29
الْحَكِيمُ فِي الْكَلاَمِ يَشْتَهِرُ، وَالإِنْسَانُ الْفَطِنُ يُرْضِي الْعُظَمَاءَ.
30
الَّذِي يَفْلَحُ الأَرْضَ يُعْلِي كُدْسَهُ، وَالَّذِي يُرْضِي الْعُظَمَاءَ يُكَفِّرُ الذَّنْبَ.
31
الْهَدَايَا وَالرُّشَى تُعْمِي أَعْيُنَ الْحُكَمَاءِ، وَكَلِجَامٍ فِي الْفَمِ تَحْجُزُ تَوْبِيخَاتِهِمْ.
32
الْحِكْمَةُ الْمَكْتُومَةُ، وَالْكَنْزُ الْمَدْفُونُ، أَيُّ مَنْفَعَةٍ فِيهِمَا؟
33
الإِنْسَانُ الَّذِي يَكْتُمُ حَمَاقَتَهُ خَيْرٌ مِنَ الإِنْسَانِ الَّذِي يَكْتُمُ حِكْمَتَهُ.
الاصحاح الحادي والعشرون
1
يَا بُنَيَّ، إِنْ خَطِئْتَ فَلاَ تَزِدْ بَلِ اسْتَغْفِرْ عَمَّا سَلَفَ مِنَ الْخَطَاءِ.
2
اهْرُبْ مِنَ الْخَطِيئَةِ هَرَبَكَ مِنَ الْحَيَّةِ؛ فَإِنَّهَا إِنْ دَنَوْتَ مِنْهَا لَدَغَتْكَ.
3
أَنْيَابُهَا أَنْيَابُ أَسَدٍ، تَقْتُلُ نُفُوسَ النَّاسِ.
4
كُلُّ إِثْمٍ كَسَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، لَيْسَ مِنْ جُرْحِهِ شِفَاءٌ.
5
التَّقْرِيعُ وَالشَّتْمُ يَسْلُبَانِ الْغِنَى، وَبِمِثْلِ ذلِكَ يُسْلَبُ بَيْتُ الْمُتَكَبِّرِ.
6
تَضَرُّعُ الْفَقِيرِ يَبْلُغُ إِلَى أُذُنَيِ الرَّبِّ، فَيُجْرَى لَهُ الْقَضَاءُ سَرِيعاً.
7
مَنْ مَقَتَ التَّوْبِيخَ، فَهُوَ فِي إِثْرِ الْخَاطِئِ، وَمَنِ اتَّقَى الرَّبَّ، يَتُوبُ بِقَلْبِهِ.
8
السَّلِيطُ اللِّسَانِ بَعِيدُ السُّمْعَةِ، لكِنَّ الْعَاقِلَ يَعْلَمُ مَتَى يَسْقُطُ.
9
مَنْ بَنَى بَيْتاً بِأَمْوَالِ غَيْرِهِ، فَهُوَ كَمَنْ يَجْمَعُ حِجَارَتَهُ فِي الشِّتَاءِ.
10
جَمَاعَةُ الأُثَمَاءِ مَشَاقَةٌ مَجْمُوعَةٌ، وَغَايَتُهَا لَهِيبُ نَارٍ.
11
طَرِيقُ الْخَطَأَةِ مَفْرُوشٌ بِالْبَلاَطِ، وَفِي مُنْتَهَاهُ حُفْرَةُ الْجَحِيمِ.
12
مَنْ حَفِظَ الشَّرِيعَةَ فَطِنَ لِرُوحِهَا.
13
وَغَايَةُ مَخَافَةِ الرَّبِّ الْحِكْمَةُ.
14
من لم يكن ذا دهاء لم يؤدب
15
ورب دهاء يكثر المرارة
16
علم الحكيم يفيض كالعباب ومشورته كينبوع حياة
17
باطن الاحمق كاناء مكسور لا يضبط شيئا من العلم
18
العالم اذا سمع كلام حكمة مدحه وزاد عليه اما الخليع فاذا سمعه كرهه ونبذه وراء ظهره
19
حديث الاحمق كحمل في الطريق وانما اللطف على شفتي العاقل
20
فم الفطن يبتغى في الجماعة وكلامه يتامل به في القلب
21
الحكمة للاحمق كبيت مخرب وعلم الجاهل كلام لا يفهم
22
التاديب للجهال كالقيود في الرجلين وكالوثاق في اليد اليمنى
23
الاحمق يرفع صوته عند الضحك اما ذو الدهاء فيبتسم قليلا بسكون
24
التاديب للفطن كحلية من ذهب وكسوار في ذراعه اليمنى
25
قدم الاحمق تسرع الى داخل البيت اما الانسان الواسع الخبرة فيستحيي
26
الجاهل يتطلع من الباب الى داخل البيت اما الرجل المتادب فيقف خارجا
27
من قلة الادب التسمع على الباب والفطن يستثقل ذلك الهوان
28
شفاه الجهال تحدث بالخزعبلات وكلام الفطنين يوزن بالميزان
29
قلوب الحمقى في افواههم وافواه الحكماء في قلوبهم
30
اذا لعن المنافق الشيطان فقد لعن نفسه
31
النمام ينجس نفسه ومعاشرته مكروهة
الاصحاح الثاني والعشرون
1
الْكَسْلاَنُ أَشْبَهُ بِحَجَرٍ قَذِرٍ، كُلُّ أَحَدٍ يَصْفِرُ لِهَوَانِهِ.
2
الْكَسْلاَنُ أَشْبَهُ بِزِبْلِ الْدِّمَنِ، كُلُّ مَنْ قَبَضَهُ يَنْفُضُ يَدَهُ.
3
الاِبْنُ الْفَاقِدُ الأَدَبِ عَارٌ لأَبِيهِ، وَالْبِنْتُ إِنَّمَا تُعْقِبُ الْخُسْرَانَ.
4
الْبِنْتُ الْفَطِينَةُ مِيرَاثٌ لِرَجُلِهَا، وَالْبِنْتُ الْمُخْزِيَةُ غَمٌّ لِوَالِدِهَا.
5
الْوَقِحَةُ تُخْزِي أَبَاهَا وَرَجُلَهَا، وَكِلاَهُمَا يُهِينَانِهَا.
6
الْكَلاَمُ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ كَالْغِنَاءِ فِي النَّوْحِ، أَمَّا السِّيَاطُ وَالتَّأْدِيبُ فَهُمَا فِي كُلِّ وَقْتٍ حِكْمَةٌ.
7
الَّذِي يُعَلِّمُ الأَحْمَقَ، يَجْبُرُ إِنَاءً مِنْ خَزَفٍ،
8
وَيُنَبِّهُ مُسْتَغْرِقاً فِي نَوْمِهِ.
9
مَنْ كَلَّمَ الأَحْمَقَ، فَإِنَّمَا يُكَلِّمُ مُتَنَاعِساً؛ فَإِذَا انْتَهَى قَالَ: «مَاذَا؟»
10
إِبْكِ عَلَى الْمَيْتِ، لأَنَّهُ فَقَدَ النُّورَ، وَابْكِ عَلَى الأَحْمَقِ، لأَنَّهُ فَقَدَ الْعَقْلَ.
11
أَقْلِلْ مِنَ الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيْتِ فَإِنَّهُ فِي رَاحَةٍ،
12
أَمَّا الأَحْمَقُ فَحَيَاتُهُ أَشْقَى مِنْ مَوْتِهِ.
13
النَّوْحُ عَلَى الْمَيْتِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَالنَّوْحُ عَلَى الأَحْمَقِ وَالْمُنَافِقِ جَمِيعَ أَيَّامِ حَيَاتِهِ.
14
لاَ تُكْثِرِ الْكَلاَمَ مَعَ الْجَاهِلِ، وَلاَ تُخَالِطِ الْغَبِيَّ.
15
تَحَفَّظْ مِنْهُ، لِئَلاَّ يُعْنِتَكَ وَيُنَجِّسَكَ بِرِجْسِهِ.
16
أَعْرِضْ عَنْهُ فَتَجِدَ رَاحَةً، وَلاَ يَغُمَّكَ سَفَهُهُ.
17
أَيُّ شَيْءٍ أَثْقَلُ مِنَ الرَّصَاصِ؟ وَمَاذَا يُسَمَّى إِلاَّ أَحْمَقَ.
18
الرَّمْلُ وَالْمِلْحُ وَالْحَدِيدُ أَخَفُّ حِمْلاً مِنَ الإِنْسَانِ الْجَاهِلِ!
19
عَرَقُ الْخَشَبِ الْمَرْبُوطَةُ فِي الْبِنَاءِ، لاَ تَتَفَكَّكُ فِي الزَّلْزَلَةِ، كَذلِكَ الْقَلْبُ الْمُعْتَمِدُ عَلَى مَشُورَةٍ سَدِيدَةٍ، لاَ يَخَافُ أَصْلاً.
20
الْقَلْبُ الْمُسْتَنِدُ عَلَى رَأْيٍ عَاقِلٍ، كَزِينَةٍ مِنْ رَمْلٍ عَلَى حَائِطٍ مَصْقُولٍ.
21
كَمَا أَنَّ الأَوْتَادَ الْمَوْضُوعَةَ فِي مَكَانٍ عَالٍ، لاَ تَثْبُتُ أَمَامَ الرِّيحِ،
22
كَذلِكَ قَلْبُ الأَحْمَقِ الْخَائِفُ الأَفْكَارِ، لاَ يَثْبُتُ أَمَامَ هَوْلٍ مِنَ الأَهْوَالِ.
23
قَلْبُ الأَحْمَقِ يَخَافُ فِي أَفْكَارِهِ، أَمَّا الَّذِي يَسْتَمِرُّ عَلَى وَصَايَا اللهِ فِي كُلِّ حِينٍ؛ فَلاَ يَخَافُ أَبَداً.
24
مَنْ نَخَسَ الْعَيْنَ أَسَالَ الدُّمُوعَ، وَمَنْ نَخَسَ الْقَلْبَ أَبْرَزَ الْحِسَّ.
25
مَنْ رَمَى الطُّيُورَ بِالْحَجَرِ نَفَّرَهَا، وَمَنْ عَيَّرَ صَدِيقَهُ قَطَعَ الصَّدَاقَةَ.
26
إِنْ جَرَّدْتَ السَّيْفَ عَلَى صَدِيقِكَ؛ فَلاَ تَيْأَسْ؛ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ.
27
إِنْ فَتَحْتَ فَمَكَ عَلَى صَدِيقِكَ، فَلاَ تَخَفْ فَإِنَّهُ يُصَالِحُ، إِلاَّ فِي التَّعْيِيرِ وَالتَّكَبُّرِ وَإِفْشَاءِ السِّرِّ وَالْجُرْحِ بَالْمَكْرِ؛ فَإِنَّهُ فِي هذِهِ يَفِرُّ كُلُّ صَدِيقٍ.
28
إِبْقَ أَمِيناً لِلْقَرِيبِ فِي فَقْرِهِ، لِكَيْ تَشْبَعَ مَعَهُ مِنْ خَيْرَاتِهِ.
29
اُثْبُتْ مَعَهُ فِي وَقْتِ ضِيقِهِ، لِكَيْ تَشْتَرِكَ فِي مِيرَاثِهِ.
30
قَبْلَ النَّارِ بُخَارُ الأَتُونِ وَالدُّخَانُ، وَكَذلِكَ قَبْلَ الدِّمَاءِ التَّقْرِيعَاتُ.
31
لاَ أَسْتَحْيِي أَنْ أَدْفَعَ عَنْ صَدِيقِي، وَلاَ أَتَوَارَى عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ إِنْ أَصَابَنِي مِنْهُ شَرٌّ،
32
فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ بِذلِكَ يَتَحَفَّظُ مِنْهُ.
33
مَنْ يَجْعَلُ حَارِساً لِفَمِي، وَخَاتَماً وَثِيقاً عَلَى شَفَتَيَّ، لِئَلاَّ أَسْقُطَ بِسَبَبِهِمَا وَيُهْلِكَنِي لِسَانِي.
الاصحاح الثالث والعشرون
1
أَيُّهَا الرَّبُّ الأَبُ، يَا سَيِّدَ حَيَاتِي، لاَ تَتْرُكْنِي وَمَشُورَةَ شَفَتَيَّ، وَلاَ تَدَعْنِي أَسْقُطُ بِهِمَا.
2
مَنْ يَأْخُذُ أَفْكَارِي بِالسِّيَاطِ وَقَلْبِي بِتَأْدِيبِ الْحِكْمَةِ، بِحَيْثُ لاَ يُشْفَقُ عَلَى جَهَالاَتِي، وَلاَ تُهْمَلُ خَطَايَايَ.
3
لِكَيْ لاَ تَتَكَاثَرَ جَهَالاَتِي وَتَتَوَافَرَ خَطَايَايَ؛ فَأَسْقُطَ تُجَاهَ أَضْدَادِي وَيَشْمَتَ عَدُوِّي بِي.
4
أَيُّهَا الرَّبُّ الأَبُ، يَا إِلهَ حَيَاتِي، لاَ تَتْرُكْنِي وَمَشُورَةَ شَفَتَيَّ.
5
لاَ تَدَعْنِي أَطْمَحُ بِعَيْنَيَّ وَالْهَوَى اصْرِفْهُ عَنِّي.
6
لاَ تَمْلِكْنِي شَهْوَةُ الْبَطْنِ وَلاَ الزِّنَا وَلاَ تُسَلِّمْنِي إِلَى نَفْسٍ وَقِحَةٍ.
7
أَيُّهَا الْبَنُونَ، دُونَكُمْ أَدَبَ الْفَمِ؛ فَإِنَّ مَنْ يَحْفَظُهُ لاَ يُؤْخَذُ بِشَفَتَيْهِ
8
إِنَّهُ بِهِمَا يُصْطَادُ الْخَاطِئُ وَبِهِمَا يَعْثُرُ الْقَاذِفُ وَالْمُتَكَبِّرُ.
9
لاَ تُعَوِّدْ فَاكَ الْحَلِفَ،
10
وَلاَ تأْلَفَ تَسْمِيَةَ الْقُدُّوسِ.
11
فَإِنَّهُ كَمَا أَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي لاَ يَزَالُ يُفْحَصُ، لاَ يَخْلُو مِنَ الْحَبَطِ، كَذلِكَ مَنْ لَمْ يَبْرَحْ يَحْلِفُ وَيُسَمِّي، لاَ يَتَزَكَّى.
12
الرَّجُلُ الْحَلاَّفُ يَمْتَلِئُ إِثْماً، وَلاَ يَبْرَحُ السَّوْطُ مِنْ بَيْتِهِ.
13
وَهُوَ إِنْ لَمْ يَفِ فَعَلَيْهِ خَطِيئَةٌ، وَإِنِ اسْتَخَفَّ فَخَطِيئَتُهُ مُضَاعَفَةٌ.
14
وَإِنْ حَلَفَ بَاطِلاً لاَ يُبَرَّرُ، وَبَيْتُهُ يُمْلأُ نَوَائِبَ.
15
وَمِنَ الْكَلاَمِ كَلاَمٌ آخَرُ يُلاَبِسُهُ الْمَوْتُ. لاَ كَانَ فِي مِيرَاثِ يَعْقُوبَ.
16
إِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَبْعُدُ عَنِ الأَتْقِيَاءِ؛ فَلاَ يَتَمَرَّغُونَ فِي الْخَطَايَا.
17
لاَ تُعَوِّدْ فَاكَ فُحْشَ الْكَلاَمِ؛ فَإِنَّ ذلِكَ لاَ يَخْلُو مِنْ خَطِيئَةٍ.
18
تَذَكَّرْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ إِذَا جَلَسْتَ بَيْنَ الْعُظَمَاءِ،
19
لِئَلاَّ تَنْسَاهُمَا أَمَامَهُمْ، وَيُسَفِّهَكَ تَعُوُّدُ مُعَاشَرَتِهِمْ؛ فَتَوَدَّ لَوْ لَمْ تُولَدْ مِنْهُمَا وَتَلْعَنَ يَوْمَ وِلاَدَتِكَ.
20
مَنْ تَعَوَّدَ كَلاَمَ الشَّتِيمَةِ، لاَ يَتَأَدَّبُ طُولَ أَيَّامِهِ.
21
مِنَ النَّاسِ صِنْفَانِ يُكْثِرَانِ مِنَ الْخَطَايَا، وَصِنْفٌ ثَالِثٌ يَجْلِبُ الْغَضَبَ.
22
النَّفْسُ الْمُتَوَهِّجَةُ كَنَارٍ مُلْتَهِبَةٍ؛ فَلاَ تَنْطَفِئُ إِلَى أَنْ تَفْنَى.
23
وَالإِنْسَانُ الزَّانِي بِنَجَاسَةِ لَحْمِهِ؛ فَلاَ يَكُفُّ إِلَى أَنْ يُوقِدَ النَّارَ.
24
لأَنَّ الإِنْسَانَ الزَّانِي كُلُّ خُبْزٍ يَحْلُو لَهُ؛ فَلاَ يَكِلُّ إِلَى أَنْ يَفْرُغَ.
25
وَالإِنْسَانُ الَّذِي يَتَعَدَّى عَلَى فِرَاشِهِ، قَائِلاً فِي نَفْسِهِ: «منْ يَرَانِي؟»
26
حَوْلِيَ الظُّلْمَةُ وَالْحِيطَانُ تَسْتُرُنِي، وَلاَ أَحَدَ يَرَانِي؛ فَمَاذَا أَخْشَى؟ إِنَّ الْعَلِيَّ لاَ يَذْكُرُ خَطَايَايَ.
27
وَهُوَ إِنَّمَا يَخَافُ مِنْ عُيُونِ الْبَشَرِ،
28
وَلاَ يَعْلَمُ أَنَّ عَيْنَيِ الرَّبِّ أَضْوَأُ مِنَ الشَّمْسِ عَشَرَةَ آلاَفِ ضِعْفٍ؛ فَتُبْصِرَانِ جَمِيعَ طُرُقِ الْبَشَرِ، وَتَطَّلِعَانِ عَلَى الْخَفَايَا.
29
هُوَ عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ؛ فَكَذلِكَ بَعْدَ أَنِ انْقَضَى.
30
فَهذَا يُعَاقَبُ فِي شَوَارِعِ الْمَدِينَةِ، وَحَيْثُ لاَ يَظُنُّ، يُقْبَضُ عَلَيْهِ،
31
وَيُهَانُ مِنَ الْجَمِيعِ، لأَنَّهُ لَمْ يَفْهَمْ مَخَافَةَ الرَّبِّ.
32
هكَذَا أَيْضاً الْمَرْأَةُ الَّتِي تَتْرُكُ بَعْلَهَا، وَتَجْعَلُ لَهُ وَارِثاً مِنَ الْغَرِيبِ.
33
لأَنَّهَا أَوَّلاً عَصَتْ شَرِيعَةَ الْعَلِيِّ، وَثَانِياً خَانَتْ رَجُلَهَا، وَثَالِثاً تَنَجَّسَتْ بِالزِّنَى، وَأَقَامَتْ نَسْلاً مِنْ رَجُلٍ غَرِيبٍ.
34
فَهذِهِ يُؤْتَى بِهَا إِلَى الْجَمَاعَةِ، وَتُبْحَثُ أَحْوَالُ أَوْلاَدِهَا.
35
إِنَّ أَوْلاَدَهَا لاَ يَتَأَصَّلُونَ، وَأَغْصَانَهَا لاَ تُثْمِرُ.
36
وَهِيَ تُخَلِّفُ ذِكْراً مَلْعُوناً، وَفَضِيحَتُهَا لاَ تُمْحَى.
37
فَيَعْرِفُ الْمُتَخَلِّفُونَ أَنْ لاَ شَيْءَ أَفْضَلُ مِنْ مَخَافَةِ الرَّبِّ، وَلاَ شَيْءَ أَعْذَبُ مِنْ رِعَايَةِ وَصَايَا الرَّبِّ.
38
إِنَّ اتِّبَاعَ اللهِ مَجْدٌ عَظِيمٌ، وَفِي قَبُولِهِ لَكَ طُولَ أَيَّامٍ.
الاصحاح الرابع والعشرون
1
الْحِكْمَةُ تَمْدَحُ نَفْسَهَا، وَتَفْتَخِرُ بَيْنَ شَعْبِهَا.
2
تَفْتَحُ فَاهَا فِي جَمَاعَةِ الْعَلِيِّ، وَتَفْتَخِرُ أَمَامَ جُنُودِهِ،
3
وَتُعَظَّمُ فِي شَعْبِهَا، وَتُمَجَّدُ فِي مَلإِ الْقِدِّيسِينَ،
4
وَتُحْمَدُ فِي جَمْعِ الْمُخْتَارِينَ، وَتُبَارَكُ بَيْنَ الْمُبَارَكِينَ، وَتَقُولُ:
5
«إِنِّي خَرَجْتُ مِنْ فَمِ الْعَلِيِّ بِكْراً قَبْلَ كُلِّ خَلِيقَةٍ،
6
وَجَعَلْتُ النُّورَ يُشْرِقُ فِي السَّمَوَاتِ عَلَى الدَّوَامِ، وَغَشَّيْتُ الأَرْضَ كُلَّهَا بِمِثْلِ الضَّبَابِ،
7
وَسَكَنْتُ فِي الأَعَالِي، وَجَعَلْتُ عَرْشِي في عَمُودِ الْغَمَامِ.
8
أَنَا وَحْدِي جُلْتُ فِي دَائِرَةِ السَّمَاءِ، وَسَلَكْتُ فِي عُمْقِ الْغِمَارِ، وَمَشَيْتُ عَلَى أَمْوَاجِ الْبَحْرِ،
9
وَدَاسَتْ قَدَمِي كُلَّ الأَرْضِ، وَعَلَى كُلِّ شَعْبٍ،
10
وَكُلِّ أُمَّةٍ تَسَلَّطْتُ،
11
وَوَطِئْتُ بِقُدْرَتِي قُلُوبَ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ. فِي هذِهِ كُلِّهَا الْتَمَسْتُ الرَّاحَةَ، وَبِأَيِّ مِيرَاثٍ أَحِلُّ».
12
حِينَئِذٍ أَوْصَانِي خَالِقُ الْجَمِيعِ، وَالَّذِي حَازَنِي عَيَّنَ مَقَرَّ مَسْكَنِي،
13
وَقَالَ: «اسْكُنِي فِي يَعْقُوبَ، وَرِثِي فِي إِسْرَائِيلَ».
14
قَبْلَ الدَّهْرِ مِنَ الأَوَّلِ حَازَنِي، وَإِلَى الدَّهْرِ لاَ أَزُولُ، وَقَدْ خَدَمْتُ أَمَامَهُ فِي الْمَسْكَنِ الْمُقَدَّسِ.
15
وَهكَذَا فِي صِهْيُونَ تَرَسَّخْتُ، وَجَعَلَ لِي مَقَرًّا فِي الْمَدِينَةِ الْمَحْبُوبَةِ، وَسَلْطَنَتِي هِيَ فِي أُورُشَلِيمَ.
16
فَتَأَصَّلْتُ فِي شَعْبٍ مَجِيدٍ، وَفِي نَصِيبِ الرَّبِّ نَصِيبِ مِيرَاثِهِ، وَفِي مَلإِ الْقِدِّيسِينَ مُقَامِي.
17
ارْتَفَعْتُ كَالأَرْزِ فِي لُبْنَانَ، وَكَالسَّرْوِ فِي جِبَالِ حَرْمُونَ.
18
كَالنَّخْلِ فِي السَّوَاحِلِ، وَكَغِرَاسِ الْوَرْدِ فِي أَرِيحَا.
19
كَالزَّيْتُونِ النَّضِيرِ فِي السَّهْلِ، وَكَالدُّلْبِ عَلَى مَجَارِي الْمِيَاهِ فِي الشَّوَارِعِ.
20
فَاحَ عَرْفِي كَالدَّارَصِينِيِّ وَالْقُنْدُولِ الْعَطِرِ، وَانْتَشَرَتْ رَائِحَتِي كَالْمُرِّ الْمُنْتَقَى.
21
كَالْقِنَّةِ وَالْجَزْعِ وَالْمَيْعَةِ، وَمِثْلَ بْخُورِ اللُّبَانِ فِي الْمَسْكِنِ.
22
إِنِّي مَدَدْتُ أَغْصَانِي كَالْبُطْمَةِ، وَأَغْصَانِي أَغْصَانُ مَجْدٍ وَنِعْمَةٍ.
23
أَنَا كَالْكَرْمَةِ الْمُنْبِتَةِ النِّعْمَةَ، وَأَزْهَارِي ثِمَارُ مَجْدٍ وَغِنًى.
24
أَنَا أُمُّ الْمَحَبَّةِ الْبَهِيَّةِ، وَالْمَخَافَةِ وَالْعِلْمِ وَالرَّجَاءِ الطَّاهِرِ.
25
فِيَّ كُلُّ نِعْمَةِ الطَّرِيقِ وَالْحَقِّ، وَكُلُّ رَجَاءِ الْحَيَاةِ وَالْفَضِيلَةِ.
26
تَعَالَوْا إِلَيَّ أَيُّهَا الرَّاغِبُونَ فِيَّ، وَاشْبَعُوا مِنْ ثِمَارِي.
27
فَإِنَّ رُوحِي أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَمِيرَاثِي أَلَذُّ مِنْ شَهْدِ الْعَسَلِ،
28
وَذِكْرِي يَبْقَى فِي أَجْيَالِ الدُّهُورِ.
29
مَنْ أَكَلَنِي عَادَ إِلَيَّ جَائِعاً، وَمَنْ شَرِبَنِي عَادَ ظَامِئاً.
30
مَنْ سَمِعَ لِي فَلاَ يُخْزَى، وَمَنْ عَمِلَ بِإِرْشَادِي فَلاَ يَخْطَأُ.
31
مَنْ شَرَحَنِي فَلَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.
32
هذِهِ كُلُّهَا هِيَ سِفْرُ الْحَيَاةِ، وَعَهْدُ الْعَلِيِّ وَعِلْمُ الْحَقِّ.
33
إِنَّ مُوسَى أَمَرَ بِالشَّرِيعَةِ، وَأَحْكَامِ الْعَدْلِ مِيرَاثِ آلِ يَعْقُوبَ وَمَوَاعِيدِ إِسْرَائِيلَ.
34
إِنَّ الرَّبَّ وَعَدَ دَاوُدَ عَبْدَهُ، أَنْ يُقِيمَ مِنْهُ الْمَلِكَ الْقَدِيرَ الْجَالِسَ عَلَى عَرْشِ الْمَجْدِ إِلَى الأَبَدِ.
35
هُوَ يُفِيضُ الْحِكْمَةَ كَفِيشُونَ، وَمِثْلَ دِجْلَةَ فِي أَيَّامِ الْغِلاَلِ،
36
وَيَمْلأُ فَهْماً كَالْفُرَاتِ، وَمِثْلَ الأُرْدُنِّ فِي أَيَّامِ الْحَصَادِ،
37
وَيُبْدِي التَّأْدِيبَ كَالنُّورِ، وَمِثْلَ جِيحُونَ فِي أَيَّامِ الْقِطَافِ.
38
الْحِكْمَةُ لاَ يَسْتَوفِي مَعْرِفَتَهَا الأَوَّلُ، وَلاَ يَسْتَقْصِيهَا الآخِرُ،
39
لأَنَّ فِكْرَهَا أَوْسَعُ مِنَ الْبَحْرِ، وَمَشُورَتَهَا أَعْمَقُ مِنَ الْغَمْرِ الْعَظِيمِ.
40
أَنَا الْحِكْمَةَ مُفِيضَةُ الأَنْهَارِ.
41
أَنَا كَسَاقِيَةٍ مِنَ النَّهْرِ، وَكَقَنَاةٍ خَرَجَتْ إِلَى الْفِرْدَوْسِ.
42
قُلْتُ أَسْقِي جَنَّتِي، وَأُرْوِي رَوْضَتِي؛
43
فَإِذَا بِسَاقِيَتِي قَدْ صَارَتْ نَهْراً، وَبِنَهْرِي قَدْ صَارَ بَحْراً.
44
فَإِنِّي أُضِيءُ بِالتَأْدِيبِ مِثْلَ الْفَجْرِ وَأُذِيعُهُ إِلَى الأَقَاصِي.
45
أَنْفُذُ إِلَى جَمِيعِ أَعْمَاقِ الأَرْضِ وَأَنْظُرُ إِلَى جَمِيعِ الرَّاقِدِينَ، وَأُنِيرُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يَرْجُونَ الرَّبَّ.
46
إِنِّي أُفِيضُ الْتَّعْلِيمَ مِثْلَ نُبُوَّةٍ، وَأُخَلِّفُهُ لأَجْيَالِ الدُّهُورِ.
47
فَانْظُرُوا كَيْفَ لَمْ يَكُنْ عَنَائِي لِي وَحْدِي، بَلْ أَيْضاً لِجَمِيعِ الَّذِينَ يَلْتَمِسُونَ الْحِكْمَةَ.
الاصحاح الخامس والعشرون
1
ثَلاَثٌ هُنَّ زِينَةٌ لِي، وَبِهِنَّ قُمْتُ جَمِيلَةً أَمَامَ الرَّبِّ وَالنَّاسِ:
2
اتِّفَاقُ الإِخْوَةِ، وَحُبُّ الْقَرِيبِ، وَالْمُصَافَاةُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَرَجُلِهَا.
3
ثَلاَثَةٌ تُبْغِضُهُمْ نَفْسِي وَتَمْقُتُ حَيَاتَهُمْ:
4
الْفَقِيرُ الْمُتَكَبِّرُ، وَالْغَنِيُّ الْكَذَّابُ، وَالشَّيْخُ الزَّانِي الْفَاقِدُ الْفَهْمِ.
5
إِنْ لَمْ تَدَّخِرْ فِي شَبَابِكَ؛ فَكَيْفَ تَجِدُ فِي شَيْخُوخَتِكَ؟
6
مَا أَجْمَلَ الْقَضَاءَ لِلشِّيْبِ، وَحُسْنَ الْمَشُورَةِ لِلشُّيُوخِ.
7
مَا أَجْمَلَ الْحِكْمَةَ لِلشُّيُوخِ، وَالرَّأْيَ وَالْمَشُورَةَ لأَرْبَابِ الْمَجْدِ.
8
كَثْرَةُ الْخِبْرَةِ إِكْلِيلُ الشُّيُوخِ، وَمَخَافَةُ الرَّبِّ فَخْرُهُمْ.
9
تِسْعُ خِصَالٍ غَبَّطْتُهَا فِي قَلْبِي، وَالْعَاشِرَةُ يَنْطِقُ بِهَا لِسَانِي.
10
مَغْبُوطٌ الإِنْسَانُ الَّذِي يُفَرَّحُ بِالأَوْلاَدِ، وَالَّذِي يَرَى فِي حَيَاتِهِ سُقُوطَ أَعْدَائِهِ.
11
مَغْبُوطٌ مَنْ يُسَاكِنُ امْرَأَةً عَاقِلَةً، وَمَنْ لَمْ يَزْلِلْ بِلِسَانِهِ، وَمَنْ لَمْ يَخْدُمْ مَنْ لاَ يَسْتَأْهِلُهُ.
12
مَغْبُوطٌ مَنْ وَجَدَ الْفِطْنَةَ، وَمَنْ يَجْعَلُ حَدِيثَهُ فِي أُذُنٍ وَاعِيَةٍ.
13
مَا أَعْظَمَ مَنْ وَجَدَ الْحِكْمَةَ؛ لكِنَّهُ لَيْسَ أَفْضَلَ مِمَّنْ يَتَّقِي الرَّبَّ.
14
مَخَافَةُ الرَّبِّ أَعْلَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
15
الَّذِي يَحُوزُهَا، بِمَنْ يُشَبَّهُ؟
16
مَخَافَةُ الرَّبِّ أَوَّلُ مَحَبَّتِهِ، وَالإِيْمَانُ أَوَّلُ الاِتِّصَالِ بِهِ.
17
غَايَةُ الأَلَمِ أَلَمُ الْقَلْبِ، وَغَايَةُ الْخُبْثِ خُبْثُ الْمَرْأَةِ.
18
كُلَّ أَلَمٍ وَلاَ أَلَمَ الْقَلْبِ.
19
وَكُلَّ خُبْثٍ وَلاَ خُبْثَ الْمَرْأَةِ.
20
وَكُلَّ نَائِبَةٍ وَلاَ النَائِبَةَ مِنَ الْمُبْغِضِينَ.
21
وَكُلَّ انْتِقَامٍ وَلاَ انْتِقَامَ الأَعْدَاءِ.
22
لاَ رَأْسَ شَرٌّ مِنْ رَأْسِ الْحَيَّةِ.
23
وَلاَ غَضَبَ شَرٌّ مِنْ غَضَبِ الْمَرْأَةِ. مُسَاكَنَةُ الأَسَدِ وَالتِّنِّينِ خَيْرٌ عِنْدِي مِنْ مُسَاكَنَةِ الْمَرْأَةِ الْخَبِيثَةِ.
24
خُبْثُ الْمَرْأَةِ يُغَيِّرُ مَنْظَرَهَا، وَيَرُدُّ وَجْهَهَا أَسْوَدَ كَالْمِسْحِ.
25
رَجُلُهَا يَكْمَدُ بَيْنَ أَصْحَابِهِ، وَإِذَا سَمِعَ تَأَوَّهَ بِمَرَارَةٍ.
26
كُلُّ سُوءٍ بِإِزَاءِ سُوءِ الْمَرْأَةِ خَفِيفٌ. لِتَقَعْ قُرْعَةُ الْخَاطِئِ عَلَيْهَا.
27
مَثَلُ الْعَقَبَةِ الْكثِيرَةِ الرَّمْلِ لِقَدَمَيِ الشَّيْخِ؛ مَثَلُ الْمَرْأَةِ الْخَبِيثَةِ اللِّسَانِ لِلْرَّجُلِ الْهَادِئِ.
28
لاَ يُعْثِرْكَ جَمَالُ امْرَأَةٍ، وَلاَ تَشْتَهِ امْرَأَةً لِحُسْنِهَا.
29
غَضَبٌ وَوَقَاحَةٌ وَفَضِيحَةٌ عَظِيمَةٌ،
30
الْمَرْأَةُ الَّتِي تَتَسَلَّطُ عَلَى رَجُلِهَا.
31
الْمَرْأَةُ الشِّرِّيرَةُ ذِلَّةٌ لِلْقَلْبِ، وَتَقْطِيبٌ لِلْوَجْهِ، وَأَلَمٌ لِلْفُؤَادِ.
32
الَّتِي لاَ تُنْشِئُ سَعَادَةَ رَجُلِهَا، إِنَّمَا هِيَ تَرَاخٍ لِلْيَدَيْنِ، وَتَخَلُّعٌ لِلرُّكْبَتَيْنِ.
33
مِنَ المَرْأَةِ ابْتَدَأَتِ الْخَطِيئَةُ، وَبِسَبَبِهَا نَمُوتُ نَحْنُ أَجْمَعُونَ.
34
لاَ تَجْعَلْ لِلْمَاءِ مَخْرَجاً، وَلاَ لِلْمَرْأَةِ الشِّرِّيرَةِ سُلْطَاناً.
35
إِنْ لَمْ تَسْلُكْ طَوْعَ يَدِكَ، تُخْزِيكَ أَمَامَ أَعْدَائِكَ.
36
فَاقْطَعْهَا عَنْ جَسَدِكَ، لِئَلاَّ تُؤْذِيَكَ عَلَى الدَّوَامِ.
الاصحاح السادس والعشرون
1
رَجُلُ الْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ مَغْبُوطٌ، وَعَدَدُ أَيَّامِهِ مُضَاعَفٌ.
2
الْمَرْأَةُ الْفَاضِلَةُ تَسُرُّ رَجُلَهَا، وَتَجْعَلُهُ يَقْضِي سِنِيهِ بِالسَّلاَمِ.
3
الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ نَصِيبٌ صَالِحٌ، تُمْنَحُ حظًّا لِمَنْ يَتَّقِي الرَّبَّ،
4
فَيَكُونُ قَلْبُهُ جَذِلاً، وَوَجْهُهُ بَهِجاً كُلَّ حِينٍ، غَنِيًّا كَانَ أَمْ فَقِيراً.
5
ثَلاَثٌ خَافَ مِنْهُنَّ قَلْبِي، وَعَلَى الرَّابِعَةِ ابْتَهَلْتُ بِوَجْهِي:
6
شِكَايَةُ الْمَدِينَةِ، وَتَأَلُّبُ الْجَمْعِ،
7
وَالْبُهْتَانُ. كُلُّ ذلِكَ أَثْقَلُ مِنَ الْمَوْتِ.
8
لكِنَّ الْمَرْأَةَ الْغَائِرَةَ مِنَ المَرْأَةِ، وَجَعُ قَلْبٍ وَنَوْحٌ،
9
وَلِسَانُهَا سَوْطٌ يُصِيبُ الْجَمِيعَ.
10
الْمَرْأَةُ الشِّرِّيرَةُ نِيرٌ قَلِقٌ، وَمَثَلُ مُتَّخِذِهَا؛ مَثَلُ مَنْ يُمْسِكُ عَقْرَباً.
11
الْمَرْأَةُ السِّكِّيرَةُ سُخْطٌ عَظِيمٌ، وَفَضِيحَتُهَا لاَ تُسْتَرُ.
12
زِنَى الْمَرْأَةِ فِي طُمُوحِ الْبَصَرِ، وَيُعْرَفُ مِنْ جَفْنَيْهَا.
13
وَاظِبْ عَلَى مُرَاقَبَةِ الْبِنْتِ الْقَلِيلَةِ الْحَيَاءِ، لِئَلاَّ تَجِدَ فُرْصَةً فَتَبْذُلَ نَفْسَهَا.
14
تَنَبَّهْ لِطَرْفِهَا الْوَقِحِ، وَلاَ تَعْجَبْ إِذَا عَقَّتْكَ.
15
تَفْتَحُ فَمَهَا كَالْمُسَافِرِ الْعَطْشَانِ، وَتَشْرَبُ مِنْ كُلِّ مَاءٍ صَادَفَتْهُ، وَتَجْلِسُ عِنْدَ كُلِّ جِذْعٍ، وَتَفْتَحُ الْكِنَانَةَ تُجَاهَ كُلِّ سَهْمٍ.
16
لُطْفُ الْمَرْأَةِ يُنْعِّمُ رَجُلَهَا،
17
وَأَدَبُهَا يُسَمِّنُ عِظَامَهُ.
18
الْمَرْأَةُ الْمُحِبَّةُ لِلصَّمْتِ عَطِيَّةٌ مِنَ الرَّبِّ، وَالنَّفْسُ الْمُتَأَدِّبَةُ لاَ يُسْتَبْدَلُ بِهَا.
19
الْمَرْأَةُ الْحَيِيَّةُ نِعْمَةٌ عَلَى نِعْمَةٍ.
20
وَالنَّفْسُ الْعَفِيفَةُ لاَ قِيمَةَ تُوَازِنُهَا.
21
الشَّمْسُ تُشْرِقُ فِي عُلَى الرَّبِّ، وَجَمَالُ الْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ فِي عَالَمِ بَيْتِهَا.
22
السِّرَاجُ يُضِيءُ عَلَى الْمَنَارَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَحُسْنُ الْوَجْهِ عَلَى الْقَامَةِ الرَّزِينَةِ.
23
الْعَمَدُ مِنَ الذَّهَبِ تَقُومُ عَلَى قَوَاعِدَ مِنَ الْفِضَّةِ، وَالسَّاقَانِ الْجَمِيلَتَانِ عَلَى أَخْمَصَيْ ذَاتِ الْوَقَارِ.
24
الأُسُسُ عَلَى الصَّخْرِ تَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ، وَوَصَايَا الرَّبِّ فِي قَلْبِ الْمَرْأَةِ الطَّاهِرَةِ.
25
اثْنَانِ يَحْزَنُ لَهُمَا قَلْبِي، وَالثَّالِثُ يَأْخُذُنِي عَلَيْهِ الْغَضَبُ:
26
رَجُلُ الْحَرْبِ إِذَا أَعْجَزَتْهُ الْفَاقَةُ، وَالرِّجَالُ الْعُقَلاَءُ إِذَا أُهِينُوا،
27
أَمَّا مَنِ ارْتَدَّ عَنِ الْبِرِّ إِلَى الْخَطِيئَةِ، فَالرَّبُّ يَسْتَبْقِيهِ لِلسَّيْفِ.
28
قَلَّمَا يَتَخَلَّصُ التَّاجِرُ مِنَ الإِثْمِ، وَالْخَمَّارُ لاَ يَتَزَكَّى مِنَ الْخَطِيئَةِ.
الاصحاح السابع والعشرون
1
كَثِيرُونَ خَطِئُوا لأَجْلِ عَرَضِ الدُّنْيَا، وَالَّذِي يَطْلُبُ الْغِنَى يُغْضِي طَرْفَهُ.
2
بَيْنَ الْحِجَارَةِ الْمُتَضَامَّةِ يُغْرَزُ الْوَتَدِ، وَبَيْنَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ تَنْشَبُ الْخَطِيئَةُ.
3
وَسَيُسْحَقُ الإِثْمُ مَعَ الأَثِيمِ.
4
مَنْ لَمْ يَحْرِصْ عَلَى الثَّبَاتِ فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ، يُهْدَمُ بَيْتُهُ سَرِيعاً.
5
عِنْدَ هَزِّ الْغُرْبَالِ يَبْقَى الزِّبْلُ، كَذلِكَ كُسَاحَةُ الإِنْسَانِ عِنْدَ تَفَكُّرِهِ.
6
آنِيَةُ الْخَزَّافِ تُخْتَبَرُ بِالأَتُونِ، وَالإِنْسَانُ يُمْتَحَنُ بِحَدِيثِهِ.
7
حِرَاثَةُ الشَّجَرِ تَظْهَرُ مِنْ ثَمَرِهَا، كَذلِكَ تَفَكُّرُ قَلْبِ الإِنْسَانِ يَظْهَرُ مِنْ كَلاَمِهِ.
8
لاَ تَمْدَحْ رَجُلاً قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ؛ فَإِنَّهُ بِهذَا يُمْتَحَنُ النَّاسُ.
9
إِذَا تَعَقَّبْتَ الْعَدْلَ فَإِنَّكَ تُدْرِكُهُ، وَتَلْبَسُهُ حُلَّةَ مَجْدٍ، وَتَسْكُنُ مَعَهُ؛ فَيَصُونُكَ إِلَى الأَبَدِ، وَفِي يَوْمِ الاِفْتِقَادِ تَجِدُ سَنَداً.
10
الطُّيُورُ تَأْوِي إِلَى أَشْكَالِهَا، وَالْحَقُّ يَعُودُ إِلَى الْعَامِلِينَ بِهِ.
11
الأَسَدُ يَكْمُنُ لِلْفَرِيسَةِ، كَذلِكَ الْخَطَايَا تَكْمُنُ لِفَاعِلِي الإِثْمِ.
12
حَدِيثُ الْتَّقِيِّ فِي كُلِّ حِينٍ حِكْمَةٌ، أَمَّا الْجَاهِلُ فَيَتَغَيَّرُ كَالْقَمَرِ.
13
بَيْنَ السُّفَهَاءِ تَرَقَّبِ الْفُرْصَةَ، وَبَيْنَ الْعُقَلاَءِ كُنْ مُوَاظِباً.
14
حَدِيثُ الْحَمْقَى مَكْرُوهٌ، وَضَحِكُهُمْ فِي مَلَذَّاتِ الْخَطِيئَةِ.
15
مُحَادَثَةُ الْحَلاَّفِ تُقِفُّ الشَّعَرَ، وَمُخَاصَمَتُهُ سَدُّ الآذَانِ.
16
مُخَاصَمَةُ الْمُتَكَبِّرِينَ سَفْكُ الدِّمَاءِ، وَمُشَاتَمَتُهُمْ سَمَاعٌ ثَقِيلٌ.
17
الَّذِي يُفْشِي الأَسْرَارَ يَهْدِمُ الثِّقَةَ. وَلاَ يَجِدُ صَدِيقاً لِنَفْسِهِ.
18
أَحْبِبِ الصَّدِيقَ، وَكُنْ مَعَهُ أَمِيناً،
19
لكِنْ إِنْ أَفْشَيْتَ أَسْرَارَهُ؛ فَلاَ تَطْلُبْهُ مِنْ بَعْدُ.
20
فَإِنَّ مَنْ أَتْلَفَ صَدَاقَةَ الْقَرِيبِ، كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَتْلَفَ عَدُوَّهُ.
21
وَمَثَلُ تَسْرِيحِكَ لِلْقَرِيبِ؛ مَثَلُ إِطْلاَقِكَ طَائِراً مِنْ يَدِكَ فَلاَ تَعُودُ تَصْطَادُهُ.
22
لاَ تَطْلُبْهُ؛ فَإِنَّهُ قَدِ ابْتَعَدَ وَفَرَّ، كَالظَّبْيِ مِنَ الْفَخِّ.
23
إِنَّ الْجُرْحَ لَهُ ضِمَادٌ، وَالْمُشَاتَمَةَ بَعْدَهَا صُلْحٌ،
24
أَمَّا الَّذِي يُفْشِي الأَسْرَارَ؛ فَشَأْنُهُ الْيَأْسُ.
25
الْغَامِزُ بِالْعَيْنِ يَخْتَلِقُ الشُّرُورَ، وَلَيْسَ مَنْ يَتَجَنَّبُهُ.
26
أَمَامَ عَيْنَيْكَ يَحْلُو بِفَمِهِ، وَيَسْتَحْسِنُ كَلاَمَكَ، ثُمَّ يَقْلِبُ مَنْطِقَهُ، وَمِنْ كَلاَمِكَ يُلْقِي أَمَامَكَ مَعْثَرَةً.
27
قَدْ أَبْغَضْتُ أُمُوراً كَثِيرَةً، وَلكِنْ لاَ كَبُغْضِي لَهُ، وَالرَّبُّ سَيُبْغِضُهُ.
28
مَنْ رَمَى حَجَراً إِلَى فَوْقُ؛ فَقَدْ رَمَاهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَالضَّرْبَةُ بَالْمَكْرِ تَجْرَحُ الْمَاكِرَ.
29
مَنْ حَفَرَ حُفْرَةً سَقَطَ فِيهَا، وَمَنْ نَصَبَ شَرَكاً اصْطِيدَ بِهِ.
30
مَنْ صَنَعَ الْمَسَاوِئَ فَعَلَيْهِ تَنْقَلِبُ، وَلاَ يَشْعُرُ مِنْ أَيْنَ تَقَعُ عَلَيْهِ.
31
الاِسْتِهْزَاءُ وَالتَّعْيِيرُ شَأْنُ الْمُتَكَبِّرِينَ، وَالاِنْتِقَامُ يَكْمُنُ لَهُمْ مِثْلَ الأَسَدِ.
32
الشَّامِتُونَ بِسُقُوطِ الأَتْقِيَاءِ، يُصْطَادُونَ بِالشَّرَكِ، وَالْوَجَعُ يُفْنِيهِمْ قَبْلَ مَوْتِهِمْ.
33
الْحِقْدُ وَالْغَضَبُ كِلاَهُمَا رِجْسٌ، وَالرَّجُلُ الْخَاطِئُ مُتَمَسِّكٌ بِهِمَا.
الاصحاح الثامن والعشرون
1
مَنِ انْتَقَمَ، يُدْرِكُهُ الانْتِقَامُ مِنْ لَدُنِ الرَّبِّ، وَيَتَرَقَّبُ الرَّبُّ خَطَايَاهُ.
2
اِغْفِرْ لِقَرِيبِكَ ظُلْمَهُ لَكَ فَإِذَا تَضَرَّعْتَ تُمْحَى خَطَايَاكَ.
3
أَيَحْقِدُ إِنْسَانٌ عَلَى إِنْسَانٍ، ثُمَّ يَلْتَمِسُ مِنَ الرَّبِّ الشِّفَاءَ؟
4
أَمْ لاَ يَرْحَمُ إِنْسَاناً مِثْلَهُ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ عَنْ خَطَايَاهُ.
5
إِنْ أَمْسَكَ الْحِقْدَ وَهُوَ بَشَرٌ؛ فَمَنْ يُكَفِّرُ خَطَايَاهُ؟
6
اُذْكُرْ أَوَاخِرَكَ وَاكْفُفْ عَنِ الْعَدَاوَةِ.
7
اُذْكُرِ الْفَسَادَ وَالْمَوْتَ، وَاثْبُتْ عَلَى الْوَصَايَا.
8
اُذْكُرِ الْوَصَايَا وَلاَ تَحْقِدْ عَلَى الْقَرِيبِ.
9
اُذْكُرْ مِيثَاقَ الْعَلِيِّ وَأَغْضِ عَنِ الْجَهَالَةِ.
10
أَمْسِكْ عَنِ النِّزَاعِ؛ فَتُقَلِّلَ الْخَطَايَا.
11
فَإِنَّ الإِنْسَانَ الْغَضُوبَ يُضْرِمُ النِّزَاعَ، وَالرَّجُلَ الْخَاطِئَ يُبَلْبِلُ الأَصْدِقَاءَ، وَيُلْقِي الشِّقَاقَ بَيْنَ الْمُسَالِمِينَ.
12
بِحَسَبِ الْحَطَبِ تَضْطَرِمُ النَّارُ، وَبِحَسَبِ قُوَّةِ الإِنْسَانِ يَكُونُ غَيْظُهُ، وَبِحَسَبِ غِنَاهُ يُثِيرُ غَضَبَهُ، وَبِحَسَبِ شِدَّةِ النِّزَاعِ يَسْتَشِيطُ.
13
الْخُصُومَةُ عَنْ عَجَلَةٍ تُضْرِمُ النَّارَ، وَالنِّزَاعُ عَنْ عَجَلَةٍ يَسْفِكُ الدَّمَ.
14
إِذَا نَفَخْتَ فِي شَرَارَةٍ اضْطَرَمَتْ، وَإِذَا تَفَلْتَ عَلَيْهَا انْطَفَأَتْ، وَكِلاَهُمَا مِنْ فَمِكَ.
15
النَّمَّامُ وَذُو اللِّسَانَيْنِ أَهْلٌ لِلَّعْنَةِ، لإِهْلاَكِهِمَا كَثِيرِينَ مِنْ أَهْلِ الْمُسَالَمَةِ.
16
اللِّسَانُ الثَّالِثُ أَقْلَقَ كَثِيرِينَ، وَبَدَّدَهُمْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَى أُمَّةٍ،
17
وَهَدَمَ مُدُناً مُحَصَّنَةً، وَخَرَّبَ بُيُوتَ الْعُظَمَاءِ،
18
وَكَسَرَ جُيُوشَ الشُّعُوبِ، وَأَفْنَى أُمَماً ذَاتَ اقْتِدَارٍ.
19
اللِّسَانُ الثَّالِثُ طَرَدَ نِسَاءً فَاضِلاَتٍ، وَسَلَبَهُنَّ أَتْعَابَهُنَّ.
20
مَنْ أَصْغَى إِلَيْهِ لاَ يَجِدُ رَاحَةً، وَلاَ يَسْكُنُ مُطْمَئِنًّا.
21
ضَرْبَةُ السَّوْطِ تُبْقِي حَبَطاً، وَضَرْبَةُ اللِّسَانِ تَحْطِمُ الْعِظَامَ.
22
كَثِيرُونَ سَقَطُوا بِحَدِّ السَّيْفِ، لكِنَّهُمْ لَيْسُوا كَالسَّاقِطِينَ بِحَدِّ اللِّسَانِ.
23
طُوبَى لِمَنْ وُقِيَ شَرَّهُ، وَلَمْ يُعْرَضْ عَلَى غَضَبِهِ، وَلَمْ يَحْمِلْ نِيرَهُ وَلَمْ يُوثَقْ بِقُيُودِهِ،
24
فَإِنَّ نِيرَهُ نِيرٌ مِنْ حَدِيدٍ، وَقُيُودَهُ قُيُودٌ مِنْ نُحَاسٍ.
25
الْمَوْتُ بِهِ مَوْتٌ قَاسٍ، وَالْجَحِيمُ أَنْفَعُ مِنْهُ.
26
لكِنَّهُ لاَ يَتَسَلَّطُ عَلَى الأَتْقِيَاءِ، وَلاَ هُمْ يَحْتَرِقُونَ بِلَهِيبِهِ،
27
بَلِ الَّذِينَ يَتْرُكُونَ الرَّبَّ يَقَعُونَ تَحْتَ سُلْطَانِهِ، فَيَشْتَعِلُ فِيهِمْ وَلاَ يَنْطَفِئُ. يُطْلَقُ عَلَيْهِمْ كَالأَسَدِ، وَيَفْتَرِسُهُمْ كَالنَّمِرِ.
28
سَيِّجْ مِلْكَكَ بِالشَّوْكِ.
29
اِحْبِسْ فِضَّتَكَ وَذَهَبَكَ، وَاجْعَلْ لِكَلاَمِكَ مِيزَاناً وَمِعْيَاراً، وَلِفَمِكَ بَاباً وَمِزْلاَجاً،
30
وَاحْذَرْ أَنْ تَزِلَّ بِهِ، فَتَسْقُطَ أَمَامَ الْكَامِنِ لَكَ.
الاصحاح التاسع والعشرون
1
الَّذِي يَصْنَعُ رَحْمَةً يُقْرِضُ الْقَرِيبَ، وَالسَّخِيُّ الْيَدِ يَحْفَظُ الْوَصَايَا.
2
أَقْرِضِ الْقَرِيبَ فِي وَقْتِ حَاجَتِهِ، وَاقْضِهِ مَا لَهُ عَلَيْكَ فِي أَجَلِهِ.
3
حَقِّقْ مَا نَطَقْتَ بِهِ وَكُنْ أَمِيناً مَعَهُ؛ فَتَنَالَ فِي كُلِّ حِينٍ بُغْيَتَكَ.
4
كَثِيرُونَ حَسِبُوا الْقَرْضَ لُقْطَةً؛ فَعَنَّوُا الَّذِينَ أَمَدُّوهُمْ.
5
قَبْلَ أَنْ يَقْبِضُ يُقَبِّلُ الْيَدَ، وَيَخْشَعُ بِصَوْتِهِ، حَتَّى يَنَالَ مَالَ الْقَرِيبِ.
6
فَإِذَا آنَ الرَّدُّ مَاطَلَ، وَنَطَقَ بِكَلاَمٍ مُضْجِرٍ، وَشَكَا صَرْفَ الدَّهْرِ.
7
إِنْ كَانَ الرَّدُّ فِي طَاقَتِهِ، لَمْ يَكَدْ يَرُدُّ النِّصْفَ، وَيَحْسَبُ مَا رَدَّهُ لُقْطَةً.
8
وَإِلاَّ فَيَسْلُبُهُ أَمْوَالَهُ، وَيَتَّخِذُهُ عَدُوًّا بِلاَ سَبَبٍ.
9
يَجْزِيهِ اللَّعْنَةَ وَالشَّتِيمَةَ، وَبَدَلَ الإِكْرَامِ يُكَافِئُهُ الإِهَانَةَ.
10
كَثِيرُونَ أَمْسَكُوا لأَجْلِ خُبْثِ النَّاسِ، مَخَافَةَ أَنْ يُسْلَبُوا بِغَيْرِ سَبَبٍ.
11
مَعَ ذلِكَ كُنْ طَوِيلَ الأَنَاةِ عَلَى الْبَائِسِ، وَلاَ تُمَاطِلْهُ فِي الصَّدَقَةِ.
12
لأَجْلِ الْوَصِيَّةِ أَعِنِ الْمِسْكِينَ، وَفِي عَوَزِهِ لاَ تَرْدُدْهُ فَارِغاً.
13
أَتْلِفْ فِضَّتَكَ عَلَى أَخِيكَ وَصَدِيقِكَ، وَلاَ تَدَعْهَا تَصْدَأُ تَحْتَ الْحَجَرِ وَتَتْلَفُ.
14
أَنْفِقْ ذَخِيرَتَكَ بِحَسَبِ وَصَايَا الْعَلِيِّ؛ فَتَنْفَعَكَ أَكْثَرَ مِنَ الذَّهَبِ.
15
16 أَغْلِقْ عَلَى الصَّدَقَةِ فِي أَخَادِيرِكَ؛ فَهِيَ تُنْقِذُكَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ.
17
18 تُقَاتِلُ عَنْكَ عَدُوَّكَ، أَكْثَرَ مِنْ تُرْسِ الْبَأْسِ وَرُمْحِ
19
الرَّجُلُ الصَّالِحُ يَكْفُلُ الْقَرِيبَ، وَالَّذِي فَقَدْ كُلَّ حَيَاءٍ يَخْذُلُهُ.
20
لاَ تَنْسَ نِعَمَ الْكَافِلِ؛ فَإِنَّهُ بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِكَ.
21
الْخَاطِئُ يَهْرُبُ مِنْ كَافِلِهِ، وَاللَّئِيمُ الرُّوحِ يَخْذُلُهُ.
22
الْخَاطِئُ يُدَمِّرُ خَيْرَاتِ الْكَافِلِ، وَجَاحِدُ الْجَمِيلِ يَخْذُلُ مُخَلِّصَهُ.
23
مِنَ النَّاسِ مَنْ يَكْفُلُ قَرِيبَهُ، لكِنَّهُ يَفْقِدُ كُلَّ حَيَاءٍ فَيَخْذُلُهُ.
24
كَثِيرُونَ كَانُوا فِي نُجْحٍ؛ فَأَهْلَكَتْهُمُ الكَفَالَةُ وَأَقْلَقَتْهُمْ كَأَمْوَاجِ الْبَحْرِ.
25
أَلْجَأَتْ رِجَالاً مُقْتَدِرِينَ إِلَى الْمُهَاجَرَةِ؛ فَتَاهُوا بَيْنَ أُمَمٍ غَرِيبَةٍ.
26
الْخَاطِئُ الَّذِي يَتَهَافَتُ عَلَى الكَفَالَةِ، وَيَصْبُو إِلَى الْمُعَامَلاَتِ يَقَعُ تَحْتَ الأَقْضِيَةِ.
27
أَمْدِدْ قَرِيبَكَ بِقَدْرِ طَاقَتِكَ، وَاحْذَرْ عَلَى نَفْسِكَ أَنْ تَسْقُطَ.
28
رَأْسُ الْمَعِيشَةِ الْمَاءُ وَالْخُبْزُ وَاللِّبَاسُ وَالْبَيْتُ السَّاتِرُ لِلسَّوْءَةِ.
29
عَيْشُ الْفَقِيرِ تَحْتَ سَقْفٍ مِنْ أَلْوَاحٍ، خَيْرٌ مِنَ الأَطْعِمَةِ الْفَاخِرَةِ فِي دَارِ الْغُرْبَةِ.
30
إِرْضَ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ؛ فَلاَ تَسْمَعَ تَعْيِيراً فِي أَمَرِ الْبَيْتِ.
31
بِئْسَ حَيَاةُ الإِنْسَانِ مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ، وَحَيْثُمَا ضَافَ لَمْ يَفْتَحْ فَاهُ.
32
تُطْعِمُ وَتَسْقِي جَاحِدِينَ لِجَمِيلِكَ، وَأَنْتَ ضَيْفُهُمْ، وَوَرَاءَ ذلِكَ تَسْمَعُ أَقْوَالاً مُرَّةً.
33
أَنْ قُمْ، يَا ضَيْفُ، جَهِّزِ الْمَائِدَةَ، وَإِنْ كَانَ بِيَدِكَ شَيْءٌ فَأَطْعِمْنِي.
34
انْصَرِفْ، يَا ضَيْفُ، مِنْ أَمَامِ شَخْصٍ كَرِيمٍ. إِنَّ أَخاً لِي يَتَضَيَّفُنِي؛ فَأَنَا مُحْتَاجٌ إِلَى الْبَيْتِ.
35
أَمْرَانِ يَسْتَثْقِلُهُمَا الإِنْسَانُ الْفَطِنُ: الاِنْتِهَارُ فِي أَمَرِ الْبَيْتِ، وَتَعْيِيرُ الْمُقْرِضِ.
الاصحاح الثلاثون
1
مَنْ أَحَبَّ ابْنَهُ، أَكْثَرَ مِنْ ضَرْبِهِ، لِكَيْ يُسَرَّ فِي آخِرَتِهِ.
2
مَنْ أَدَّبَ ابْنَهُ، يَجْتَنِي ثَمَرَ تَأْدِيبِهِ، وَيَفْتَخِرُ بِهِ بَيْنَ الْوُجَهَاءِ.
3
مَنْ عَلَّمَ ابْنَهُ، يُغِيرُ عَدُوَّهُ، وَيَبْتَهِجُ بِهِ أَمَامَ أَصْدِقَائِهِ.
4
إِذَا تُوِفِّيَ أَبُوهُ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ، لأَنَّهُ خَلَّفَ مَنْ هُوَ نَظِيرُهُ.
5
فِي حَيَاتِهِ رَأَى و فَرِحَ، وَعِنْدَ وَفَاتِهِ لَمْ
6
خَلَّفَ مُنْتَقِماً مِنَ الأَعْدَاءِ، وَمُكَافِئاً لِلأَصْدِقَاءِ بِالْجَمِيلِ.
7
مَنْ دَلَّلَ ابْنَهُ فَسَيَضْمِدُ جِرَاحَهُ، وَعِنْدَ كُلِّ صُرَاخٍ تَضْطَرِبُ أَحْشَاؤُهُ.
8
الْفَرَسُ الَّذِي لَمْ يُرَضْ، يَصِيرُ جَمُوحاً وَالاِبْنُ الَّذِي لَمْ يُضْبَطُ يَصِيرُ سَفِيهاً.
9
إِنْ دَلَّلْتَ ابْنَكَ رَوَّعَكَ، وَإِنْ لاَعَبْتَهُ حَزَنَكَ.
10
لاَ تُضَاحِكْهُ لِئَلاَّ يَغُمَّكَ، وَفِي أَوَاخِرِكَ يَأْخُذُكَ صَرِيفُ الأَسْنَانِ.
11
لاَ تَجْعَلْ لَهُ سُلْطَاناً فِي صَبَائِهِ وَلاَ تُهْمِلْ جَهَالاَتِهِ.
12
احْنِ رَقَبَتَهُ فِي صَبَائِهِ وَارْضُضْ أَضْلاَعَهُ مَا دَامَ صَغِيراً، لِئَلاَّ يَتَصَلَّبَ فَيَعْصِيَكَ؛ فَيَأْخُذَكَ وَجَعُ الْقَلْبِ.
13
أَدِّبِ ابْنَكَ، وَاجْتَهِدْ فِي تَهْذِيبِهِ، لِئَلاَّ يَسْقُطَ فِيمَا يُخْجِلُكَ.
14
فَقِيرٌ ذُو عَافِيَةٍ وَصَحِيحُ الْبِنْيَةِ، خَيْرٌ مِنْ غَنِيٍّ مَنْهُوكٍ بِالأَسْقَامِ.
15
الْعَافِيَةُ وَصِحَّةُ الْبِنْيَةِ خَيْرٌ مِنْ كُلِّ الذَّهَبِ، وَقُوَّةُ الْجِسْمِ أَفْضَلُ مِنْ نَشَبٍ لاَ يُحْصَى.
16
لاَ غِنَى خَيْرٌ مِنْ عَافِيَةِ الْجِسْمِ، وَلاَ سُرُورَ يَفُوقُ فَرَحَ الْقَلْبِ.
17
الْمَوْتُ أَفْضَلُ مِنَ الْحَيَاةِ الْمُرَّةِ، أَوِ السَّقَمِ الْمُلاَزِمِ.
18
الْخَيْرَاتُ الْمَسْكُوبَةُ عَلَى فَمٍ مُغْلَقٍ، كَالأَطْعِمَةِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى قَبْرٍ.
19
أَيُّ مَنْفَعَةٍ لِلصَّنَمِ بِالْقُرْبَانِ؛ فَإِنَّهُ لاَ يَأْكُلُ وَلاَ يَشَمُّ.
20
هكَذَا مَنْ يُرْهِقُهُ الرَّبُّ، وَيُجَازِيهِ عَلَى آثَامِهِ.
21
يَرَى بِعَيْنَيْهِ وَيَتَنَهَّدُ، كَالْخَصِيِّ الَّذِي يُعَانِقُ عَذْرَاءَ ثُمَّ يَتَنَهَّدُ.
22
لاَ تَغُمَّ نَفْسَكَ، وَلاَ تُضَيِّقْ صَدْرَكَ بِأَفْكَارِكَ.
23
سُرُورُ الْقَلْبِ حَيَاةُ الإِنْسَانِ، وَابْتِهَاجُ الرَّجُلِ طُولُ الأَيَّامِ.
24
أَحْبِبْ نَفْسَكَ، وَفَرِّجْ عَنْ قَلْبِكَ، وَانْفِ الْحُزْنَ عَنْكَ بَعِيداً؛
25
فَإِنَّ الْحُزْنَ قَتَلَ كَثِيرِينَ، وَلَيْسَ فِيهِ ثَمَرَةٌ.
26
الْغَيْرَةُ وَالْغَضَبُ يُقَلِّلاَنِ الأَيَّامَ، وَالْغُمَّةُ تَأْتِي بِالشَّيْخُوخَةِ قَبْلَ الأَوَانِ.
27
الْقَلْبُ الْبَهِجُ الصَّالِحُ لاَ يَزَالُ فِي الْوَلاَئِمِ، وَمَآدِبُةُ مُعَدَّةٌ بِاهْتِمَامٍ.
الاصحاح الحادي والثلاثون
1
السَّهَرُ لأَجْلِ الْغِنَى يُذِيبُ الْجِسْمَ، وَالاِهْتِمَامُ بِهِ يَنْفِي النَّوْمَ.
2
سَهَرُ الاِهْتِمَامِ يَحْرِمُ الْوَسَنَ، وَالْمَرَضُ الشَّدِيدُ يُذْهِبُهُ النَّوْمُ.
3
يَجِدُّ الْغَنِيُّ فِي جَمْعِ الأَمْوَالِ، وَفِي رَاحَتِهِ يَشْبَعُ مِنَ اللَّذَّاتِ،
4
يَجِدُّ الْفَقِيرُ فِي حَاجَةِ الْعَيْشِ، وَفِي رَاحَتِهِ يُمْسِي مُعْوِزاً.
5
مَنْ أَحَبَّ الذَّهَبَ لاَ يُزَكَّى، وَمَنْ اتَّبَعَ الْفَسَادَ يَشْبَعُ مِنْهُ.
6
كَثِيرُونَ سَقَطُوا لأَجْلِ الذَّهَبِ، فَأَضْحَى هَلاَكُهُمْ أَمَامَ وُجُوهِهِمْ.
7
الذَّهَبُ عُودُ عِثَارٍ لِلَّذِينَ يَذْبَحُونَ لَهُ، وَكُلُّ جَاهِلٍ يُصْطَادُ بِهِ.
8
طُوبَى لِلْغَنِيِّ الَّذِي وُجِدَ بِغَيْرِ عَيْبٍ، وَلَمْ يَسْعَ وَرَاءَ الذَّهَبِ.
9
مَنْ هُوَ فَنُغَبِّطَهُ؟ لأَنَّهُ صَنَعَ عَجَائِبَ فِي شَعْبِهِ.
10
مَنِ الَّذِي امْتُحِنَ بِهِ فَوُجِدَ كَامِلاً؟ بِهِ فَلْيُفْتَخَرْ. مَنِ الَّذِي قَدَرَ أَنْ يَتَعَدَّى فَلَمْ يَتَعَدَّ، وَأَنْ يَصْنَعَ الشَّرَّ وَلَمْ يَصْنَعْ؟
11
سَتَكُونُ خَيْرَاتُهُ ثَابِتَةً، وَتُخْبِرُ الْجَمَاعَةُ بِصَدَقَاتِهِ.
12
إِذَا جَلَسْتَ عَلَى مَائِدَةٍ حَافِلَةٍ؛ فَلاَ تَفْتَحْ لَهَا حَنْجَرَتَكَ،
13
وَلاَ تَقُلْ مَا أَكْثَرَ مَا عَلَيْهَا.
14
اُذْكُرْ أَنَّ الْعَيْنَ الشِّرِّيرَةَ سُوءٌ عَظِيمٌ.
15
أَيُّ شَيْءٍ خُلِقَ أَسْوَأَ مِنَ الْعَيْنِ؛ فَلِذلِكَ هِيَ تَدْمَعُ مِنْ كُلِّ شَخْصٍ.
16
حَيْثُمَا لَحَظَتْ؛ فَلاَ تَمْدُدْ إِلَيْهِ يَدَكَ،
17
وَلاَ تُزَاحِمْهَا فِي الصَّحْفَةِ.
18
اِفْهَمْ مَا عِنْدَ الْقَرِيبِ مِمَّا عِنْدَكَ، وَتَأَمَّلْ فِي كُلِّ أَمْرٍ.
19
كُلْ مِمَّا وُضِعَ أَمَامَكَ، كَمَا يَأْكُلُ الإِنْسَانُ، وَلاَ تَكُنْ لَهِماً لِئَلاَّ تُكْرَهَ.
20
وَكُنْ أَوَّلَ مَنْ أَمْسَكَ مُرَاعَاةً لِلأَدَبِ، وَلاَ تَتَضَلَّعْ لِئَلاَّ يُنْكَرَ عَلَيْكَ.
21
وَإِذَا اتَّكَأْتَ بَيْنَ كَثِيرِينَ؛ فَلاَ تَمْدُدْ يَدَكَ قَبْلَهُمْ.
22
مَا أَقَلَّ مَا يَكْتَفِي بِهِ الإِنْسَانُ الْمُتَأَدِّبُ، وَمِثْلُ هذَا لاَ تَأْخُذُهُ الْكِظَّةُ عَلَى فِرَاشِهِ.
23
السُّهَادُ وَالْهَيْضَةُ وَالْمَغْصُ لِلْرَّجُلِ الشَّرِهِ.
24
رُقَادُ الصِّحَّةِ لِقَنُوعِ الْجَوْفِ. يَقُومُ بَاكِراً وَهُوَ مَالِكُ نَفْسِهِ.
25
وَإِذَا أُكْرِهْتَ عَلَى الأَكْلِ؛ فَاعْتَزِلْ مِنْ بَيْنِ الْجَمَاعَةِ فَتَسْتَرِيحَ.
26
اِسْمَعْ لِي يَا بُنَيَّ، وَلاَ تَسْتَخِفَّ بِي، وَأَخِيراً تَخْتَبِرُ أَقْوَالِي.
27
فِي جَمِيعِ أَعْمَالِكَ كُنْ نَشِيطاً؛ فَلاَ يَلْحَقَ بِكَ سَقَمٌ.
28
مَنْ سَخَا بِالطَّعَامِ تُبَارِكُهُ الشِّفَاهُ، وَيُشْهَدُ بِكَرَمِهِ شَهَادَةَ صِدْقٍ.
29
مَنْ شَحَّ بِالطَّعَامِ تَتَذَمَّرُ عَلَيْهِ الْمَدِينَةُ، وَيُشْهَدُ بِلُؤْمِهِ شَهَادَةَ يَقِينٍ.
30
لاَ تَكُنْ ذَا بَأْسٍ تُجَاهَ الْخَمْرِ؛ فَإِنَّ الْخَمْرَ أَهْلَكَتْ كَثِيرِينَ.
31
الأَتُونُ يَمْتَحِنُ الْحَدِيدَ الْمُمْهَى، وَالْخَمْرُ تَمْتَحِنُ قُلُوبَ الْمُتَجَبِّرِينَ فِي الْقِتَالِ.
32
الْخَمْرُ حَيَاةٌ لِلإِنْسَانِ، إِذَا اقْتَصَدْتَ فِي شُرْبِهَا.
33
أَيُّ عَيْشٍ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ خَمْرٌ؟
34
أَيُّ شَيْءٍ يُعْدِمُ الْحَيَاةَ؟ الْمَوْتُ.
35
الْخَمْرُ مِنَ الْبَدْءِ خُلِقَتْ، لِلاِنْبِسَاطِ لاَ لِلسُّكْرِ.
36
الْخَمْرُ ابْتِهَاجُ الْقَلْبِ وَسُرُورُ النَّفْسِ، لِمَنْ شَرِبَ مِنْهَا فِي وَقْتِهَا مَا كَفَى.
37
الشُّرْبُ بِالرِّفْقِ صِحَّةٌ لِلنَّفْسِ وَالْجَسَدِ.
38
الإِفْرَاطُ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ خُصُومَةٌ وَنِزَاعٌ.
39
الإِفْرَاطُ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ مَرَارَةٌ لِلنَّفْسِ.
40
السُّكْرُ يُهَيِّجُ غَضَبَ الْجَاهِلِ لِمَصْرَعِهِ، وَيُقَلِّلُ الْقُوَّةَ وَيُكْثِرُ الْجِرَاحَ.
41
فِي مَجْلِسِ الْخَمْرِ لاَ تُوَبِّخِ الْقَرِيبَ، وَلاَ تَحْتَقِرْهُ فِي سُرُورِهِ.
42
لاَ تُخَاطِبْهُ بِكَلاَمِ تَعْيِيرٍ، وَلاَ تُضَايِقْهُ فِي الْمُطَالَبَةِ.
الاصحاح الثاني والثلاثون
1
إِذَا جَعَلُوكَ رَئِيساً فَلاَ تَتَكَبَّرْ، بَلْ كُنْ بَيْنَهُمْ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ.
2
اهْتَمَّ بِهِمْ ثُمَّ اجْلِسْ، وَبَعْدَ قَضَائِكَ مَا عَلَيْكَ اتَّكِئْ،
3
لِكَيْ تَفْرَحَ بِهِمْ، وَتَأْخُذَ الإِكْلِيلَ زِينَةً، وَتُكْرَمَ بِهَدَايَاهُمْ.
4
تَكَلَّمَ، يَا شَيْخُ؛ فَإِنَّكَ أَهْلُ ذلِكَ.
5
لكِنْ عَنْ دِقَّةِ عِلْمٍ، وَلاَ تَمْنَعِ الْغِنَاءَ.
6
لاَ تُطْلِقْ كَلاَمَكَ عِنْدَ السَّمَاعِ، وَلاَ تَأْتِ بِالْحِكْمَةِ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا.
7
أَلْحَانُ الْمُغَنِّينَ فِي مَجْلِسِ الْخَمْرِ، كَفَصٍّ مِنْ يَاقُوتٍ فِي حَلْيٍ مِنْ ذَهَبٍ.
8
أَنْغَامُ الْمُغَنِّينَ عَلَى خَمْرٍ لَذِيذَةٍ، كَفَصٍّ مِنْ زُمُرُّدٍ فِي مَصُوغٍ مِنْ ذَهَبٍ.
9
اسْمَعْ وَأَنْتَ سَاكِتٌ، فَبِاحْتِشَامِكَ تَنَالُ الْحُظْوَةَ.
10
تَكَلَّمَ، يَا شَابُّ، لكِنْ نَادِراً، مَتَى دَعَتْكَ الْحَاجَةُ.
11
إِنْ سُئِلْتَ مَرَّتَيْنِ؛ فَجَاوِبْ بِالإِيجَازِ،
12
مُعَبِّراً عَنِ الْكَثِيرِ بِالْقَلِيلِ، وَكُنْ كَمَنْ يَعْلَمُ وَيَصْمُتُ.
13
فِي جَمَاعَةِ الْعُظَمَاءِ لاَ تُسَاوِ نَفْسَكَ بِهِمْ، وَبَيْنَ الشُّيُوخِ لاَ تَكُنْ كَثِيرَ الْهَذَرِ.
14
قُدَّامَ الرَّعْدِ يَنْطَلِقُ الْبَرْقُ، وَقُدَّامَ الْمُحْتَشِمِ تَسْبِقُ الْحُظْوَةُ.
15
إِذَا آنَ الْوَقْتُ؛ فَقُمْ لاَ تَتَأَخَّرْ. أَسْرِعْ إِلَى بَيْتِكَ لاَ تَتَهَاوَنْ. هُنَاكَ تَنَزَّهْ،
16
وَاِصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ، وَلاَ تَخْطَأْ بِكَلاَمِ الْكِبْرِيَاءِ.
17
وَعَلَى هذِهِ كُلِّهَا بَارِكْ صَانِعَكَ الَّذِي يُسْكِرُكَ مِنْ طَيِّبَاتِهِ.
18
مَنِ اتَّقَى الرَّبَّ يَقْبَلُ تَأْدِيبَهُ، وَالْمُبْتَكِرُونَ إِلَيْهِ يَجِدُونَ مَرْضَاتَهُ.
19
مَنِ ابْتَغَى الشَّرِيعَةَ يَمْتَلِئُ مِنْهَا، وَالْمُرَائِي يَعْثُرُ فِيهَا.
20
الَّذِينَ يَتَّقُونَ الرَّبَّ يَجِدُونَ الْعَدْلَ، وَيُوقِدُونَ مِنَ الأَحْكَامِ مِصْبَاحاً لَهُمْ.
21
الإِنْسَانُ الْخَاطِئُ يُجَانِبُ التَّوْبِيخَ، وَيَجِدُ حُجَجاً تُوَافِقُ مُبْتَغَاهُ.
22
صَاحِبُ الْمَشُورَةِ لاَ يُهْمِلُ التَّأَمُّلَ، أَمَّا الْمُتَكَبِّرُ مِمَّنْ لَيْسَ كَذلِكَ؛ فَلاَ يَأْخُذُهُ الْخَوْفُ،
23
وَلاَ بَعْدَمَا عَمِلَ بِهَوَاهُ عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ.
24
لاَ تعْمَلْ شَيْئاً عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ؛ فَلاَ تَنْدَمَ عَلَى عَمَلِكَ.
25
لاَ تَسِرْ فِي طَرِيقِ الْهَلَكَةِ؛ فَلاَ تَعْثُرَ بِالْحِجَارَةِ. لاَ تَرْمِ نَفْسَكَ فِي طَرِيقٍ لَمْ تَخْتَبِرْهُ؛ فَلاَ تَجْعَلَ لِنَفْسِكَ مَعْثَرَةً.
26
اِحْتَرِزْ حَتَّى مِنْ بَنِيكَ، وَتَحَفَّظْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ.
27
فِي جَمِيعِ أَعْمَالِكَ اقْتَدِ بِضَمِيرِكَ؛ فَإِنَّ ذلِكَ هُوَ حِفْظُ الْوَصَايَا.
28
الَّذِي يَقْتَدِي بِالشَّرِيعَةِ، يَرْعَى الْوَصَايَا، وَالَّذِي يَتَّكِلُ عَلَى الرَّبِّ لاَ يَخْسَرُ.
الاصحاح الثالث والثلاثون
1
مَنِ اتَّقَى الرَّبَّ لاَ يَلْقَى ضُرًّا، بَلْ عِنْدَ التَّجْرِبَةِ يَحْفَظُهُ الرَّبُّ، وَيُنَجِّيهِ مِنَ الشُّرُورِ.
2
الرَّجُلُ الْحَكِيمُ لاَ يُبْغِضُ الشَّرِيعَةَ، أَمَّا الَّذِي يُرَائِي فِيهَا فَهُوَ كَسَفِينَةٍ فِي الزَّوْبَعَةِ.
3
الإِنْسَانُ الْعَاقِلُ يُؤْمِنُ بِالشَّرِيعَةِ، وَالشَّرِيعَةُ أَمِينَةٌ لَهُ.
4
هَيِّئْ كَلاَمَكَ، كَمَا يَفْعَلُ الصِّدِّيقُونَ فِي مَسَائِلِهِمْ؛ فَتُسْمَعَ. انْظِمْ مَعَانِيَ عِلْمِكَ وَجَاوِبْ.
5
أَحْشَاءُ الأَحْمَقِ كَمَحَالَةِ الْعَجَلَةِ، وَفِكْرُهُ مِثْلُ الْمِحْوَرِ الْخَفِيفِ الدَّوَرَانِ.
6
الصَّدِيقُ الْمُسْتَهْزِئُ كَفَحْلِ الْخَيْلِ الَّذِي يَصْهِلُ تَحْتَ كُلِّ رَاكِبٍ.
7
لِمَاذَا يُفْضَّلُ يَوْمٌ عَلَى يَوْمٍ، وَنُورُ كُلِّ يَوْمٍ فِي السَّنَةِ مِنَ الشَّمْسِ؟
8
عَلْمُ الرَّبِّ مَيَّزَ بَيْنَهَا، إِذْ صُنِعَتِ الشَّمْسُ الَّتِي تَحْفَظُ الرَّسْمَ،
9
وَخَالَفَ بَيْنَ الأَزْمِنَةِ؛ فَعُيِّدَتِ الأَعْيَادُ فِي السَّاعَةِ الْمُعَيَّنَةِ.
10
فَمِنْهَا مَا أَعْلاَهُ وَقَدَّسَهُ، وَمِنْهَا مَا جَعَلَهُ فِي عِدَادِ الأَيَّامِ. وَكَذَا الْبَشَرُ كُلُّهُمْ مِنَ التُّرَابِ وَآدَمُ صُنِعَ مِنَ الأَرْضِ،
11
لكِنَّ الرَّبَّ مَيَّزَ بَيْنَهُمْ بِسَعَةِ عِلْمِهِ، وَخَالَفَ بَيْنَ طُرُقِهِمْ.
12
فَمِنْهُمْ مَنْ بَارَكَهُ وَأَعْلاَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّسَهُ وَقَرَّبَهُ إِلَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَعَنَهُ وَخَفَضَهُ وَنَكَسَهُ مِنْ مَقَامِهِ.
13
كَمَا يَكُونُ الطِّينُ فِي يَدِ الْخَزَّافِ، وَتَجْرِي جَمِيعُ أَحْوَالِهِ بِحَسَبِ مَرْضَاتِهِ،
14
كَذلِكَ النَّاسُ فِي يَدِ صَانِعِهِمْ، وَهُوَ يُجَازِيهِمْ بِحَسَبِ قَضَائِهِ.
15
بِإِزَاءِ الشَّرِّ الْخَيْرُ، وَبِإِزَاءِ الْمَوْتِ الْحَيَاةُ، كَذلِكَ بِإِزَاءِ الْتَّقِيِّ الْخَاطِئُ. وَهكَذَا تَأَمَّلْ فِي جَمِيعِ أَعْمَالِ الْعَلِيِّ، تَجِدْهَا اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ الْوَاحِدُ بِإِزَاءِ الآخَرِ.
16
إِنِّي أَنَا الأَخِيرَ قَدِ اسْتَيْقَظْتُ، وَوَرِثْتُ هذِهِ كَمَا كَانَتْ مُنْذُ الْبَدْءِ.
17
كَمَنْ يَلْتَقِطُ وَرَاءَ الْقَطَّافِينَ أَقْبَلْتُ بِبَرَكَةِ الرَّبِّ؛ فَمَلأْتُ الْمَعْصَرَةَ كَالَّذِي قَطَفَ.
18
فَانْظُرُوا كَيْفَ لَمْ يَكُنِ اجْتِهَادِي لِي وَحْدِي، بَلْ أَيْضاً لِجَمِيعِ الَّذِينَ يَلْتَمِسُونَ التَّأْدِيبَ.
19
اسْمَعُونِي يَا عُظَمَاءَ الشَّعْبِ، وَأَصْغُوا إِلَيَّ يَا رُؤَسَاءَ الْجَمَاعَةِ.
20
لاَ تُوَلِّ عَلَى نَفْسِكَ فِي حَيَاتِكَ ابْنَكَ أَوِ امْرَأَتَكَ أَوْ أَخَاك أَوْ صَدِيقَكَ، وَلاَ تُعْطِ لآخَرَ أَمْوَالَكَ، لِئَلاَّ تَنْدَمَ فَتَتَضَرَّعَ إِلَيْهِ بِهَا.
21
مَا حَيِيتَ وَمَا دَامَ فِيكَ نَفَسٌ، لاَ تُسَلِّمْ نَفْسَكَ إِلَى أَحَدٍ مِنَ الْبَشَرِ،
22
لأَنَّهُ خَيْرٌ أَنْ يَطْلُبَ بَنُوكَ مِنْكَ، مِنْ أَنْ تَنْظُرَ أَنْتَ إِلَى أَيْدِي بَنِيكَ.
23
فِي جَمِيعِ أُمُورِكَ احْفَظْ لِنَفْسِكَ مَزِيَّتَهَا،
24
وَلاَ تَجْعَلْ عَيْباً فِي كَرَامَتِكَ. قَسِّمْ مِيرَاثَكَ عِنْدَ انْقِضَاءِ أَيَّامِ حَيَاتِكَ حِينَ يَحْضُرُ الْمَوْتُ.
25
الْعَلَفُ وَالْعَصَا وَالْحِمْلُ لِلْحِمَارِ، وَالْخُبْزُ وَالتَّأْدِيبُ وَالْعَمَلُ لِلْعَبْدِ.
26
إِشْغَلِ الْغُلاَمَ بِالْعَمَلِ فَتَسْتَرِيحَ. أَرْخِ يَدَيْكَ عَنْهُ فَيَلْتَمِسَ الْعِتْقَ.
27
النِّيرُ وَالسُّيُورُ تَحْنِي الرِّقَابَ، وَمُواظَبَةُ الْعَمَلِ تُخْضِعُ الْعَبْدَ.
28
لِلْعَبْدِ الشِّرِّيرِ التَّنْكِيلُ وَالْعَذَابُ. اقْسُرْهُ عَلَى الْعَمَلِ لِئَلاَّ يَتَفَرَّغَ،
29
فَإِنَّ الْفَرَاغَ يُعَلِّمُ ضُرُوبَ الْخُبْثِ.
30
أَلْزِمْهُ الأَعْمَالَ كَمَا يَلِيقُ بِهِ؛ فَإِنْ لَمْ يُطِعْ فَثَقِّلْ عَلَيْهِ الْقُيُودَ، لكِنْ لاَ تُفْرِطْ فِي عِقَابِ ذِي جَسَدٍ، وَلاَ تَصْنَعْ شَيْئاً بِغَيْرِ تَمْيِيزٍ.
31
إِنْ كَانَ لَكَ عَبْدٌ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ كَنَفْسِكَ؛ فَإِنَّكَ اكْتَسَبْتَهُ بِالدَّمِ. إِنْ كَانَ لَكَ عَبْدٌ فَعَامِلْهُ كَنَفْسِكَ؛ فَإِنَّكَ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ احْتِيَاجَكَ إِلَى نَفْسِكَ.
32
إِنْ آذَيْتَهُ أَبَقَ،
33
وَإِذَا فَرَّ ذَاهِباً فَفِي أَيِّ طَرِيقٍ تَطْلُبُهُ؟
الاصحاح الرابع والثلاثون
1
الآمَالُ الْفَارِغَةُ الْكَاذِبَةُ لِذِي السَّفَهِ، وَالأَحْلاَمُ يَطِيرُ بِهَا الْجُهَّالُ.
2
مَثَلُ الْمُلْتَفِتِ إِلَى الأَحْلاَمِ؛ مَثَلُ الْقَابِضِ عَلَى الظِّلِّ وَالْمُتَطَلِّبِ لِلرِّيحِ.
3
رُؤْيَا الأَحْلاَمِ هِيَ هذَا بِإِزَاءِ هذَا: شِبْهُ الشَّخْصِ أَمَامَ الشَّخْصِ.
4
بِالنَّجِسِ مَاذَا يُطَهَّرُ؟ وَبِالْكَذِبِ مَاذَا يُصَدَّقُ؟
5
الْعِرَافَةُ وَالتَّطَيُّرُ وَالأَحْلاَمُ بَاطِلَةٌ.
6
كَخَيَالاَتِ قَلْبِ الْمَاخِضِ. إِنْ لَمْ تُرْسَلْ هذِهِ مِنْ عِنْدِ الْعَلِيِّ فِي افْتِقَادٍ مِنْهُ؛ فَلاَ تُوَجَّهْ إِلَيْهَا قَلْبَكَ،
7
فَإِنَّ كَثِيرِينَ أَضَلَّتْهُمُ الأَحْلاَمُ فَسَقَطُوا لاِعْتِمَادِهِمْ عَلَيْهَا.
8
الشَّرِيعَةُ تُتَمَّمُ بِغَيْرِ تِلْكَ الأَكَاذِيبِ، وَالْحِكْمَةُ فِي الْفَمِ الصَّادِقِ كَمَالٌ.
9
الرَّجُلُ الْمُتَأَدِّبُ يَعْلَمُ كَثِيراً، وَالْكَثِيرُ الْخِبْرَةِ يُحَدِّثُ بِعَقْلٍ.
10
الَّذِي لَمْ يَخْتَبِرْ يَعْلَمُ قَلِيلاً، أَمَّا الَّذِي جَالَ فَهُوَ كَثِيرُ الْحِيلَةِ.
11
الَّذِي لَمْ يُمْتَحَنْ مَاذَا يَعْلَمُ؟ أَمَّا الَّذِي ضَلَّ فَهُوَ كَثِيرُ الدَّهَاءِ.
12
إِنِّي رَأَيْتُ فِي مَطَافِي أُمُوراً كَثِيرَةً، وَأَكْثَرُ أَقْوَالِي مِمَّا اخْتَبَرْتُ.
13
وَقَدْ طَالَمَا خَاطَرْتُ بِنَفْسِي فِي هذَا الطَّلَبِ، حَتَّى إِلَى الْمَوْتِ ثُمَّ نَجَوْتُ.
14
رُوحُ الْمُتَّقِينَ لِلرَّبِّ يَحْيَا،
15
لأَنَّ رَجَاءَهُمْ فِي مُخَلِّصِهِمْ.
16
مَنِ اتَّقَى الرَّبَّ فَلاَ يَخَافُ وَلاَ يَفْزَعُ، لأَنَّهُ هُوَ رَجَاؤُهُ.
17
مَنِ اتَّقَى الرَّبَّ فَطُوبَى لِنَفْسِهِ.
18
إِلَى مَنْ يَتَوَجَّهُ وَمَنْ عُمْدَتُهُ؟
19
إِنَّ عَيْنَيِ الرَّبِّ إِلَى مُحِبِّيهِ، هُوَ مُجِيرٌ قَدِيرٌ وَعُمْدَةٌ قَوِيَّةٌ. سِتْرٌ مِنَ الْحَرِّ و ظِلٌّ مِنَ
20
صِيَانَةٌ مِنَ الْعِثَارِ وَمَعُونَةٌ عِنْدَ السُّقُوطِ. هُوَ يُعْلِي النَّفْسَ وَيُنِيرُ الْعَيْنَيْنِ. يَمْنَحُ الشِّفَاءَ وَالْحَيَاةَ وَالْبَرَكَةَ.
21
الذَّابِحُ مِنْ كَسْبِ الظُّلْمِ يُسْتَهْزَأُ بِتَقْدِمَتِهِ، وَاسْتِهْزَاءَاتُ الأُثَمَاءِ لَيْسَتْ بِمَرْضِيَّةٍ.
22
الرَّبُّ وَحْدَهُ لِلَّذِينَ يَنْتَظِرُونَهُ فِي طَرِيقِ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ.
23
لَيْسَتْ مَرْضَاةُ الْعَلِيِّ بِتَقَادِمِ الْمُنَافِقِينَ، وَلاَ بِكَثْرَةِ ذَبَائِحِهِمْ يَغْفِرُ خَطَايَاهُمْ.
24
مَنْ قَدَّمَ ذَبِيحَةً مِنْ مَالِ الْمَسَاكِينِ، فَهُوَ كَمَنْ يَذْبَحُ الاِبْنَ أَمَامَ أَبِيهِ.
25
خُبْزُ الْمُعْوِزِينَ حَيَاتُهُمْ؛ فَمَنْ أَمْسَكَهُ عَلَيْهِمْ فَإِنَّمَا هُوَ سَافِكُ دِمَاءٍ.
26
مَنْ يَخْطَفْ مَعَاشَ الْقَرِيبِ يَقْتُلْهُ.
27
مَنْ يُمْسِكْ أُجْرَةَ الأَجِيرِ يَسْفِكْ دَمَهُ.
28
وَاحِدٌ بَنَى وَآخَرُ هَدَمَ؛ فَمَاذَا انْتَفَعَا سِوَى التَّعَبِ؟
29
وَاحِدٌ صَلَّى وَآخَرُ لَعَنَ؛ فَأَيُّهُمَا يَسْتَجِيبُ الرَّبُّ لِدُعَائِهِ؟
30
مَنِ اغْتَسَلَ مِنْ لَمْسِ الْمَيْتِ ثُمَّ لَمَسَهُ؛ فَمَاذَا نَفَعَهُ غُسْلُهُ؟
31
كَذلِكَ الإِنْسَانُ الَّذِي يَصُومُ عَنْ خَطَايَاهُ ثُمَّ يَعُودُ يَفْعَلُهَا، مَنْ يَسْتَجِيبُ لِصَلاَتِهِ، وَمَاذَا نَفَعَهُ اتِّضَاعُهُ؟
الاصحاح الخامس والثلاثون
1
مَنْ حَفِظَ الشَّرِيعَةَ؛ فَقَدْ قَدَّمَ ذَبَائِحَ كَثِيرَةً.
2
مَنْ رَعَى الْوَصَايَا؛ فَقَدْ ذَبَحَ ذَبِيحَةَ الْخَلاَصِ.
3
وَمَنْ أَقْلَعَ عَنِ الإِثْمِ؛ فَقَدْ ذَبَحَ ذَبِيحَةَ الْخَطِيئَةِ، وَكَفَّرَ ذُنُوبَهُ.
4
مَنْ قَدَّمَ السَّمِيذَ فَقَدْ وَفَى بِالشُّكْرِ، وَمَنْ تَصَدَّقَ؛ فَقَدْ ذَبَحَ ذَبِيحَةَ الْحَمْدِ.
5
مَرْضَاةُ الرَّبِّ الإِقْلاَعُ عَنِ الشَّرِّ، وَتَكْفِيرُ الذُّنُوبِ الرُّجُوعُ عَنِ الإِثْمِ.
6
لاَ تَحْضُرَ أَمَامَ الرَّبِّ فَارِغاً؛
7
فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تُجْرَى طَاعَةً لِلْوَصِيَّةِ.
8
تَقْدِمَةُ الصِّدِّيقِ تُدَسِّمُ الْمَذْبَحَ، وَرَائِحَتُهَا طَيِّبَةٌ أَمَامَ الْعَلِيِّ.
9
ذَبِيحَةُ الرَّجُلِ الصِّدِّيقِ مَرْضِيَّةٌ، وَذِكْرُهَا لاَ يُنْسَى.
10
مَجْدُ الرَّبِّ عَنْ قُرَّةِ عَيْنٍ، وَلاَ تُنَقِّصْ مِنْ بَوَاكِيرِ يَدَيْكَ.
11
كُنْ مُتَهَلِّلَ الْوَجْهِ فِي كُلِّ عَطِيَّةٍ، وَقَدِّسِ الْعُشُورَ بِفَرَحٍ.
12
أَعْطِ الْعَلِيَّ عَلَى حَسَبِ عَطِيَّتِهِ، وَقَدِّمْ كَسْبَ يَدِكَ عَنْ قُرَّةِ عَيْنٍ.
13
فَإِنَّ الرَّبَّ مُكَافِئٌ؛ فَيُكَافِئُكَ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ.
14
لاَ تُقَدِّمْ هَدَايَا بِهَا عَيْبٌ؛ فَإِنَّ الرَّبَّ لاَ يَقْبَلُهَا.
15
وَلاَ تَعْتَمِدْ عَلَى ذَبِيحَةٍ أَثِيمَةٍ؛ فَإِنَّ الرَّبَّ دَيَّانٌ، وَلاَ يَلْتَفِتُ إِلَى كَرَامَةِ الْوُجُوهِ.
16
لاَ يُحَابِي الْوُجُوهَ فِي حُكْمِ الْفَقِيرِ، بَلْ يَسْتَجِيبُ صَلاَةَ الْمَظْلُومِ.
17
لاَ يُهْمِلُ الْيَتِيمَ الْمُتَضَرِّعَ إِلَيْهِ، وَلاَ الأَرْمَلَةَ إِذَا سَكَبَتْ شَكْوَاهَا.
18
أَلَيْسَتْ دُمُوعُ الأَرْمَلَةِ تَسِيلُ عَلَى خَدَّيْهَا، أَمَا هِيَ صُرَاخٌ عَلَى الَّذِي أَسَالَهَا؟
19
إِنَّهَا مِنْ خَدَّيْهَا تَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ، وَالرَّبُّ الْمُسْتَجِيبُ لاَ يَتَلَذَّذُ بِهَا.
20
إِنَّ الْمُتَعَبِّدَ يُقْبَلُ بِمَرْضَاةٍ، وَصَلاَتُهُ تَبْلُغُ إِلَى الْغُيُومِ.
21
صَلاَةُ الْمُتَوَاضِعِ تَنْفُذُ الْغُيُومَ، وَلاَ تَسْتَقِرُّ حَتَّى تَصِلَ، وَلاَ تَنْصَرِفُ حَتَّى يَفْتَقِدَ الْعَلِيُّ وَيَحْكُمَ بِعَدْلٍ وَيُجْرِيَ الْقَضَاءَ.
22
فَالرَّبُّ لاَ يُبْطِئُ وَلاَ يُطِيلُ أَنَاتَهُ عَلَيْهِمْ، حَتَّى يَحْطِمَ صُلْبَ الَّذِينَ لاَ رَحْمَةَ فِيهِمْ.
23
وَيَنْتَقِمُ مِنَ الأُمَمِ حَتَّى يَمْحُوَ قَوْمَ الْمُتَجَبِّرِينَ، وَيَحْطِمَ صَوَالِجَةَ الظَّالِمِينَ.
24
حَتَّى يُكَافِئَ الإِنْسَانَ عَلَى حَسَبِ أَفْعَالِهِ، وَيَجْزِيَ الْبَشَرَ بِأَعْمَالِهِمْ عَلَى حَسَبِ نِيَّاتِهِمْ.
25
حَتَّى يُجْرِيَ الْحُكْمَ لِشَعْبِهِ، وَيُفَرِّجَ عَنْهُمْ بِرَحْمَتِهِ.
26
الرَّحْمَةُ تَجْمُلُ فِي أَوَانِ الضِّيقِ، كَسَحَابِ الْمَطَرِ فِي أَوَانِ الْقَحْطِ.
الاصحاح السادس والثلاثون
1
أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ الْجَمِيعِ، ارْحَمْنَا وَانْظُرْ إِلَيْنَا وَأَرِنَا نُورَ مَرَاحِمِكَ.
2
وَأَلْقِ رُعْبَكَ عَلَى جَمِيعِ الأُمَمِ الَّذِينَ لَمْ يَلْتَمِسُوكَ، لِيَعْلَمُوا أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ وَيُخْبِرُوا بِعَظَائِمِكَ.
3
ارْفَعْ يَدَكَ عَلَى الأُمَمِ الْغَرِيبَةِ، وَلِيَعْرِفُوا عِزَّتَكَ.
4
كَمَا قَدْ ظَهَرَتْ فِينَا قَدَاسَتُكَ أَمَامَهُمْ، هكَذَا فَلْتَظْهَرْ عَظَمَتُكَ فِيهِمْ أَمَامَنَا.
5
وَلْيَعْرِفُوكَ كَمَا عَرَفْنَا نَحْنُ: أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ يَا رَبُّ.
6
اسْتَأْنِفِ الآيَاتِ، وَأَحْدِثِ الْعَجَائِبَ.
7
مَجِّدْ يَدَكَ، وَذِرَاعَكَ الْيُمْنَى.
8
أَثِرْ غَضَبَكَ، وَصُبَّ سُخْطَكَ.
9
دَمِّرِ الْمُقَاوِمَ، وَاحْطِمِ الْعَدُوَّ.
10
عَجِّلِ الزَّمَانَ، وَاذْكُرِ الْمِيثَاقَ، وَلْيُخْبَرْ بِعَظَائِمِكَ.
11
لِتَأْكُلْ نَارُ الْغَضَبِ النَّاجِيَ، وَلْيَلْقَ مُضَايِقُو شَعْبِكَ الْهَلاَكَ.
12
اهْشِمْ رُؤُوسَ قَادَةِ الأَعْدَاءِ الْقَائِلِينَ: «لَيْسَ غَيْرُنَا».
13
اجْمَعْ كُلَّ أَسْبَاطِ يَعْقُوبَ، وَاتَّخِذْهَا مِيرَاثاً لَكَ، كَمَا كَانَتْ فِي الْبَدْءِ.
14
أَيُّهَا الرَّبُّ، ارْحَمِ الشَّعْبَ الَّذِي دُعِيَ بِاسْمِكَ، وَإِسْرَائِيلَ الَّذِي أَنْزَلْتَهُ مَنْزِلَةَ بِكْرِكَ.
15
أَشْفِقْ عَلَى مَدِينَةِ قُدْسِكَ أُورُشَلِيمَ، مَدِينَةِ رَاحَتِكِ.
16
امْلأْ صِهْيُوْنَ لِكَيْ تُنَادِيَ بِأَقْوَالِكَ. امْلأْ شَعْبَكَ مِنْ مَجْدِكَ.
17
اشْهَدْ لِلَّذِينَ هُمْ خَلْقُكَ مُنْذُ الْبَدْءِ، وَأَيْقِظِ النُّبُوءَاتِ الَّتِي بِاسْمِكَ.
18
أَعْطِ الَّذِينَ يَنْتَظِرُونَكَ الثَّوَابَ، وَلْيَتَبَيَّنْ صِدْقُ أَنْبِيَائِكَ. اسْتَجِبْ، أَيُّهَا الرَّبُّ، لِصَلاَةِ الْمُتَضَرِّعِينَ إِلَيْكَ،
19
عَلَى حَسَبِ بَرَكَةِ هَارُونَ عَلَى شَعْبِكَ؛ فَيَعْلَمَ جَمِيعُ سُكَّانِ الأَرْضِ، أَنَّكَ أَنْتَ الرَّبُّ إِلهُ الدُّهُورِ.
20
الْجَوْفُ يَتَنَاوَلُ كُلَّ طَعَامٍ، لكِنَّ مِنَ الطَّعَام مَا هُوَ أَطْيَبُ مِنْ غَيْرِهِ.
21
الْحَلْقُ يُمَيِّزُ أَطْعِمَةَ الصَّيْدِ، وَالْقَلْبُ الْفَهِمُ يُمَيِّزُ الأَقْوَالَ الْكَاذِبَةَ.
22
الْقَلْبُ الْخَبِيثُ يُورِثُ الْغَمَّ، وَالرَّجُلُ الْكَثِيرُ الْخِبْرَةِ يُكَافِئُهُ.
23
الْمَرْأَةُ تَتَزَوَّجُ أَيَّ رَجُلٍ كَانَ، لكِنَّ فِي الْبَنَاتِ مَنْ تُفَضَّلُ عَلَى غَيْرِهَا.
24
جَمَالُ الْمَرْأَةِ يُبْهِجُ الْوَجْهَ، وَيَفُوقُ جَمِيعَ مُنَى الإِنْسَانِ.
25
وَإِنْ كَانَ فِي لِسَانِهَا رَحْمَةٌ وَوَدَاعَةٌ؛ فَلَيْسَ رَجُلُهَا كَسَائِرِ بَنِي الْبَشَرِ.
26
مَنْ حَازَ امْرَأَةً؛ فَهِيَ لَهُ رَأْسُ الْغِنَى وَعَوْنٌ بِإِزَائِهِ وَعَمُودٌ يَسْتَرِيحُ إِلَيْهِ.
27
حَيْثُ لاَ سِيَاجَ يُنْتَهَبُ الْمَلِكُ، وَحَيْثُ لاَ امْرَأَةَ يَنُوحُ التَّائِهُ.
28
مَنْ ذَا يَأْمَنُ اللِّصَّ الْمَشْدُودَ، الأَزْرِ الْهَائِمَ مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى مَدِينَةٍ؟ هكَذَا حَالُ الرَّجُلِ الَّذِي لاَ وَكْرَ لَهُ فَيَأْوِي حَيْثُمَا أَمْسَى.
الاصحاح السابع والثلاثون
1
كُلُّ صَدِيقٍ يَقُولُ: «لِي مَعَ فُلانٍ صَدَاقَةٌ»، لكِنْ رُبَّ صَدِيقٍ إِنَّمَا هُوَ صَدِيقٌ بِالاِسْمِ. أَلاَ يُورِثُ الْغَمَّ حَتَّى الْمَوْتِ،
2
كُلُّ صَاحِبٍ وَصَدِيقٍ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْعَدَاوَةِ!
3
أَيُّهَا الاِخْتِرَاعُ الْمُوبِقُ، مِنْ أَيْنَ هَبَطْتَ فَغَطَّيْتَ الْيَبَسَ خِيَانَةً؟
4
رُبَّ صَاحِبٍ يَتَنَعَّمُ مَعَ صَدِيقِهِ فِي السَّرَّاءِ، وَعِنْدَ الضَّرَّاءِ يُضْحِي لَهُ عَدُوًّا.
5
رُبَّ صَاحِبٍ لأَجْلِ بَطْنِهِ يَجِدُّ مَعَ صَدِيقِهِ، وَيَحْمِلُ التُّرْسَ فِي الْحَرْبِ.
6
لاَ تَنْسَ صَدِيقَكَ فِي قَلْبِكَ، وَلاَ تَتَغَاضَ عَنْهُ وَأَنْتَ مُوسِرٌ.
7
لاَ تَسْتَشِرْ مَنْ يَرْصُدُكَ، وَاكْتُمْ مَشُورَتَكَ عَمَّنْ يَحْسُدُكَ.
8
كُلُّ مُشِيرٍ يُبْدِي مَشُورَةً، لكِنْ رُبَّ مُشِيرٍ إِنَّمَا يُشِيرُ لِنَفْسِهِ.
9
الْحَذَرَ لِنَفْسِكَ مِنَ الْمُشِيرِ، وَاسْتَخْبِرْ أَوَّلاً عَنْ حَاجَتِهِ؛ فَإِنَّهُ يُشِيرُ بِمَا يَنْفَعُهُ،
10
لِئَلاَّ يُلْقِيَ الْقُرْعَةَ عَلَيْكَ، وَيَقُولَ لَكَ:
11
«سَبِيلُكَ حَسَنٌ»، ثُمَّ يَقِفَ تُجَاهَكَ يَنْظُرُ مَاذَا يَحِلُّ بِكَ.
12
لاَ تَسْتَشِرِ الْمُنَافِقَ فِي التَّقْوَى، وَلاَ الظَّالِمَ فِي الْعَدْلِ، وَلاَ الْمَرْأَةَ فِي ضَرَّتِهَا، وَلاَ الْجَبَانَ فِي الْحَرْبِ، وَلاَ التَّاجِرَ فِي التِّجَارَةِ، وَلاَ الْمُبْتَاعَ فِي الْبَيْعِ، وَلاَ الْحَاسِدَ فِي شُكْرِ الْمَعْرُوفِ،
13
وَلاَ الْجَافِيَ فِي الرِّقَّةِ، وَلاَ الْكَسْلاَنَ فِي شَيْءٍ مِنَ الشُّغْلِ،
14
وَلاَ الأَجِيرَ الْمُسَاكِنَ فِي إِنْجَازِ الشُّغْلِ، وَلاَ الْبَطَّالَ فِي كَثْرَةِ الْعَمَلِ. لاَ تَلْتَفِتْ إِلَى هؤُلاَءِ لِشَيْءٍ مِنَ الْمَشُورَةِ.
15
لكِنِ ائْلَفِ الرَّجُلَ الْتَّقِيّ؛ مِمَّنْ عَلِمْتَهُ يَحْفَظُ الْوَصَايَا،
16
وَنَفْسُهُ كَنَفْسِكَ، وَإِذَا سَقَطْتَ يَتَوَجَّعُ لَكَ.
17
وَاعْقِدِ الْمَشُورَةَ مَعَ الْقَلْبِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكَ مُشِيرٌ أَنْصَحُ مِنْهُ،
18
لأَنَّ نَفْسَ الرَّجُلِ قَدْ تُخْبِرُ بِالْحَقِّ، أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةِ رُقَبَاءَ يَرْقُبُونَ مِنْ مَوْضِعٍ عَالٍ.
19
وَفِي كُلِّ هذِهِ تَضَرَّعْ إِلَى الْعَلِيِّ، لِيَهْدِيَكَ بِالْحَقِّ فِي الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ.
20
الْكَلاَمُ مَبْدَأُ كُلِّ عَمَلٍ، وَالْمَشُورَةُ قَبْلَ الْفِعْلِ.
21
الْوَجْهُ يَدُلُّ عَلَى تَغَيُّرِ الْقَلْبِ. أَرْبَعَةٌ تَصْدُرُ مِنَ الْقَلْبِ: الْخَيْرُ وَالشَّرُّ وَالْحَيَاةُ وَالْمَوْتُ، وَالْمُتَسَلِّطُ عَلَى هذِهِ فِي كُلِّ حِينٍ هُوَ اللِّسَانُ.
22
مِنَ النَّاسِ مَنْ هُوَ ذُو دَهَاءٍ، مُؤَدِّبٌ لِكَثِيرِينَ، لكِنَّهُ لاَ يَنْفَعُ نَفْسَهُ شَيْئاً.
23
وَمِنْهُمْ مَنْ يَدَّعِي الْحِكْمَةَ، وَكَلاَمُهُ مَكْرُوهٌ. فَمِثْلُ هذَا يُحْرَمُ كُلَّ قُوتٍ،
24
لأَنَّهُ لَمْ يُؤْتَ الْحُظْوَةَ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ، إِذْ لَيْسَ مِنَ الْحِكْمَةِ عَلَى شَيْءٍ.
25
وَمِنْهُمْ مَنْ حِكْمَتُهُ لِنَفْسِهِ، وَثِمَارُ عَقْلِهِ صَالِحَةٌ فِي الْفَمِ.
26
الرَّجُلُ الْحَكِيمُ يُعَلِّمُ شَعْبَهُ، وَثِمَارُ عَقْلِهِ صَالِحَةٌ.
27
الرَّجُلُ الْحَكِيمُ يَمْتَلِئُ بَرَكَةً وَيُغَبِّطُهُ كُلُّ مَنْ يَرَاهُ.
28
حَيَاةُ الرَّجُلِ أَيَّامٌ مَعْدُودَةٌ، أَمَّا أَيَّامُ إِسْرَائِيلَ فَلاَ عَدَدَ لَهَا.
29
الْحَكِيمُ يَرِثُ ثِقَةَ شَعْبِهِ، وَاسْمُهُ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ.
30
يَا بُنَيَّ، جَرِّبْ نَفْسَكَ فِي حَيَاتِكَ، وَانْظُرْ مَاذَا يَضُرُّهَا، وَامْنَعْهَا عَنْهُ.
31
فَإِنَّهُ لَيْسَ كُلُّ شَيْءٍ يَنْفَعُ كُلَّ أَحَدٍ، وَلاَ كُلُّ نَفْسٍ تَرْضَى بِكُلِّ أَمْرٍ.
32
لاَ تَشْرَهْ إِلَى كُلِّ لَذَّةٍ، وَلاَ تَنْصَبَّ عَلَى الأَطْعِمَةِ.
33
فَإِنَّ كَثْرَةَ الأَكْلِ تَهِيضُ الآكِلَ، وَالشَّرَهَ يَبْلُغُ إِلَى الْمَغْصِ.
34
كَثِيرُونَ هَلَكُوا مِنَ الشَّرَهِ، أَمَّا الْقَنُوعُ فَيَزْدَادُ حَيَاةً.
الاصحاح الثامن والثلاثون
1
أَعْطِ الطَّبِيبَ كَرَامَتَهُ، لأَجْلِ فَوَائِدِهِ فَإِنَّ الرَّبَّ خَلَقَهُ.
2
لأَنَّ الطِّبَّ آتٍ مِنْ عِنْدِ الْعَلِيِّ، وَقَدْ أُفْرِغَتْ عَلَيْهِ جَوَائِزُ الْمُلُوكِ.
3
عِلْمُ الطَّبِيبِ يُعْلِي رَأْسَهُ، فَيُعْجَبُ بِهِ عِنْدَ الْعُظَمَاءِ.
4
الرَّبُّ خَلَقَ الأَدْوِيَةَ مِنَ الأَرْضِ، وَالرَّجُلُ الْفَطِنُ لاَ يَكْرَهُهَا.
5
أَلَيْسَ بِعُودٍ تَحَوَّلَ الْمَاءُ عَذْباً، حَتَّى تُعْرَفَ قُوَّتُهُ؟
6
إِنَّ الْعَلِيَّ أَلْهَمَ النَّاسَ الْعِلْمَ، لِكَيْ يُمَجَّدَ فِي عَجَائِبِهِ.
7
بِتِلْكَ يَشْفِي وَيُزِيلُ الأَوْجَاعَ، وَمِنْهَا يَصْنَعُ الْعَطَّارُ أَمْزِجَةً، وَصَنَعْتُهُ لاَ نِهَايَةَ لَهَا.
8
فَيَحِلُّ السَّلاَمُ مِنَ الرَّبِّ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ.
9
يَا بُنَيَّ، إِذَا مَرِضْتَ فَلاَ تَتَهَاوَنْ، بَلْ صَلِّ إِلَى الرَّبِّ فَهُوَ يَشْفِيكَ.
10
أَقْلِعْ عَنْ ذُنُوبِكَ، وَقَوِّمْ أَعْمَالَكَ، وَنَقِّ قَلْبَكَ مِنْ كُلِّ خَطِيئَةٍ.
11
قَرِّبْ رَائِحَةً مَرْضِيَّةً وَتَذْكَارَ السَّمِيذِ، وَاسْتَسْمِنِ التَّقْدِمَةَ، كَأَنَّكَ لَسْتَ بِكَائِنٍ.
12
ثُمَّ اجْعَلْ مَوْضِعاً لِلطَّبِيبِ؛ فَإِنَّ الرَّبَّ خَلَقَهُ، وَلاَ يُفَارِقْكَ؛ فَإِنَّكَ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ.
13
إِنَّ لِلأَطِبَّاءِ وَقْتاً، فِيهِ الْنُّجْحُ عَلَى أيْدِيهِمْ،
14
لأَنَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ إِلَى الرَّبِّ، أَنْ يُنْجِحَ عِنَايَتَهُمْ بِالرَّاحَةِ وَالشِّفَاءِ، لاِسْتِرْجَاعِ الْعَافِيَةِ.
15
مَنْ خَطِئَ أَمَامَ صَانِعِهِ؛ فَلْيَقَعْ فِي يَدَيِ الطَّبِيبِ.
16
يَا بُنَيَّ، اذْرِفِ الدُّمُوعَ عَلَى الْمَيْتِ، وَاشْرَِعْ فِي النِّيَاحَةِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِذِي مُصِيبَةٍ شَدِيدَةٍ، وَكَفِّنْ جَسَدَهُ كَمَا يَحِقُّ، وَلاَ تَتَهَاوَنْ بِدَفْنِهِ.
17
لِيَكُنْ بُكَاؤُكَ مُرًّا، وَتَوَهَّجْ فِي النَّحِيبِ.
18
أَقِمِ الْمَنَاحَةَ بِحَسَبِ مَنْزِلَتِهِ، يَوْماً أَوْ يَوْمَيْنِ دَفْعاً لِلْغِيبَةِ، ثُمَّ تَعَزَّ عَنِ الْحُزْنِ.
19
فَإِنَّ الْحُزْنَ يَجْلُبُ الْمَوْتَ، وَغُمَّةَ الْقَلْبِ تَحْنِي الْقُوَّةَ.
20
فِي الاِنْفِرَادِ الْحُزْنُ يَتَشَدَّدُ، وَحَيَاةُ الْبَائِسِ هِيَ عَلَى حَسَبِ قَلْبِهِ.
21
لاَ تُسَلِّمْ قَلْبَكَ إِلَى الْحُزْنِ، بَلِ اصْرِفْهُ ذَاكِراً الأَوَاخِرَ.
22
لاَ تَنْسَ؛ فَإِنَّهُ لاَ رُجُوعَ مِنْ هُنَاكَ، وَلَسْتَ تَنْفَعُهُ، وَلكِنَّكَ تَضُرُّ نَفْسَكَ.
23
اُذْكُرْ أَنَّ مَا قُضِيَ عَلَيْهِ يُقْضَى عَلَيْكَ. لِي أَمْسِ وَلَكَ الْيَوْمُ.
24
إِذَا اسْتَرَاحَ الْمَيْتُ، فَاسْتَرِحْ مِنْ تَذَكُّرِهِ، وَتَعَزَّ عَنْهُ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ.
25
الْكَاتِبُ يَكْتَسِبُ الْحِكْمَةَ فِي أَوَانِ الْفَرَاغِ، وَالْقَلِيلُ الاِشْتِغَالِ يَحْصُلُ عَلَيْهَا.
26
كَيْفَ يَحْصُلُ عَلَى الْحِكْمَةِ الَّذِي يُمْسِكُ الْمِحْرَاثَ، وَيَفْتَخِرُ بِالْمِنْخَسِ، وَيَسُوقُ الْبَقَرَ، وَيَتَرَدَّدُ فِي أَعْمَالِهَا، وَحَدِيثُهُ فِي أَوْلاَدِ الثِّيرَانِ؟
27
قَلْبُهُ فِي خُطْوطِ الْمِحْرَاثِ، وَسَهَرُهُ فِي تَسْمِينَ الْعِجَالِ.
28
كَذلِكَ كُلُّ صَانِعٍ وَمُهَنْدِسٍ مِمَّنْ يَقْضِي اللَّيْلَ كَالنَّهَارِ، وَالْحَافِرُونَ نُقُوشَ الْخَوَاتِمِ، الْجَاهِدُونَ فِي تَنْوِيعِ الأَشْكَالِ، الَّذِينَ قُلُوبُهُمْ فِي تَمْثِيلِ الصُّورَةِ بِأَصْلِهَا، وَسَهَرُهُمْ فِي اسْتِكْمَالِ صَنْعَتِهِمْ.
29
وَكَذلِكَ الْحَدَّادُ الْجَالِسُ عِنْدَ السَّنْدَانِ، الْمُكِبُّ عَلَى صَوْغِ حَدِيدَةٍ ضَخْمَةٍ، يُصَلِّبُ وَهَجُ النَّارِ لَحَمَهُ، وَهُوَ يُكَافِحُ حَرَّ الْكِيرِ.
30
صَوْتُ الْمِطْرَقَةِ يَتَتَابَعُ عَلَى أُذُنَيْهِ، وَعَيْنَاهُ إِلَى مِثَالِ الْمَصْنُوعِ.
31
قَلْبُهُ فِي إِتْمَامِ الْمَصْنُوعَاتِ، وَسَهَرُهُ فِي تَزْيِينِهَا إِلَى التَّمَامِ.
32
وَهكَذَا الْخَزَّافُ الْجَالِسُ عَلَى عَمَلِهِ، الْمُدِيرُ دُولاَبَهُ بِرِجْلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ لاَ يَزَالُ مُهْتَمًّا بِعَمَلِهِ، وَيُحْصِي جَمِيعَ مَصْنُوعَاتِهِ.
33
بِذِرَاعِهِ يَعْرُكُ الطِّينَ، وَأَمَامَ قَدَمَيْهِ يَحْنِي قُوَّتَهُ.
34
قَلْبُهُ فِي إِتْقَانِ الدِّهَانِ، وَسَهَرُهُ فِي تَنْظِيفِ الأَتُونِ.
35
هؤُلاَءِ كُلُّهُمْ يَتَوَكَّلُونَ عَلَى أيْدِيهِمْ، وَكُلٌّ مِنْهُمْ حَكِيمٌ فِي صِنَاعَتِهِ.
36
بِدُونِهِمْ لاَ تُعْمَرُ مَدِينَةٌ.
37
لاَ يَأْوُونَ الْمُدُنَ، وَلاَ يَتَمَشَّوْنَ وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَمَاعَةَ،
38
وَلاَ يَجْلِسُونَ عَلَى مِنْبَرِ الْقَاضِي، وَلاَ يَفْقَهُونَ فُنُونَ الدَّعَاوِي، وَلاَ يَشْرَحُونَ الْحُكْمَ وَالْقَضَاءَ، وَلاَ يَضْرِبُونَ الأَمْثَالَ.
39
لكِنَّهُمْ يُصْلِحُونَ الأَشْيَاءَ الدَّهْرِيَّةَ، وَدُعَاؤُهُمْ لأَجْلِ عَمَلِ صِنَاعَتِهِمْ، خِلاَفاً لِمَنْ يُسَلِّمُ نَفْسَهُ إِلَى التَّأَمُّلِ فِي شَرِيعَةِ الْعَلِيِّ.
الاصحاح التاسع والثلاثون
1
فَإِنَّهُ يَبْحَثُ عَنْ حِكْمَةِ جَمِيعِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَيَتَفَرَّغُ لِلنُّبُوءَاتِ.
2
يَحْفَظُ أَحَادِيثَ الرِّجَالِ الْمَشْهُورِينَ، وَيَدْخُلُ فِي أَفَانِينَ الأَمْثَالِ.
3
يَبْحَثُ عَنْ خَفَايَا الأَقْوَالِ السَّائِرَةِ، وَيَتَبَحَّرُ فِي أَلْغَازِ الأَحَاجِيِّ.
4
يَخْدِمُ بَيْنَ أَيْدِي الْعُظَمَاءِ، وَيَقِفُ أَمَامَ الرَّئِيسِ.
5
يَجُولُ فِي أَرْضِ الأُمَمِ الْغَرِيبَةِ؛ فَيَخْتَبِرُ فِي النَّاسِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ.
6
يُوَجِّهُ قَلْبَهُ إِلَى الاِبْتِكَارِ، أَمَامَ الرَّبِّ صَانِعِهِ، وَيَتَضَرَّعُ إِلَى الْعَلِيِّ،
7
وَيَفْتَحُ فَاهُ بِالصَّلاَةِ، وَيَسْتَغْفِرُ لِخَطَايَاهُ.
8
فَإِنْ شَاءَ الرَّبُّ الْعَظِيمُ، يَمْلأُهُ مِنْ رُوحِ الْفَهْمِ.
9
فَيُمْطُرُ بِأَقْوَالِ حِكْمَتِهِ، وَفِي الصَّلاَةِ يَعْتَرِفُ لِلرَّبِّ.
10
يَسْتَهْدِي بِمَشُورَتِهِ وَعِلْمِهِ، وَيَتَأَمَّلُ فِي خَفَايَاهُ.
11
يُبَيِّنُ تَأْدِيبَ إِرْشَادِهِ، وَيَفْتَخِرُ بِشَرِيعَةِ عَهْدِ الرَّبِّ.
12
كَثِيرُونَ يَمْدَحُونَ حِكْمَتَهُ، وَهِيَ لاَ تُمْحَى إِلَى الأَبَدِ.
13
ذِكْرُهُ لاَ يَزُولُ، وَاسْمُهُ يَحْيَا إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ.
14
تُحَدِّثُ الأُمَمُ بِحِكْمَتِهِ، وَتُشِيدُ الْجَمَاعَةُ بِحَمْدِهِ.
15
إِنْ بَقِيَ، خَلَّفَ اسْماً أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ، وَإِنْ دَخَلَ إِلَى الرَّاحَةِ، أَفَادَ نَفْسَهُ.
16
إِنِّي أَسْتَمِرُّ عَلَى بَيَانِ أَفْكَارِي، لأَنِّي امْتَلأْتُ كَبَدْرِ تِمٍّ.
17
اسْمَعُونِي، أَيُّهَا الْبَنُونَ الأَصْفِيَاءُ. انْبُتُوا كَوَرْدٍ مَغْرُوسٍ عَلَى نَهْرِ الصَّحْرَاءِ،
18
وَأَفِيحُوا عَرْفَكُمْ كَاللُّبَانِ،
19
وَأَزْهِرُوا كَالْزَّنْبَقِ. انْشُرُوا عَرْفَكُمْ، وَسَبِّحُوا بِتَرْنِيمِكُمْ. بَارِكُوا الرَّبَّ عَلَى جَمِيعِ أَعْمَالِهِ،
20
وَعَظِّمُوا اسْمَهُ. اِعْتَرِفُوا لَهُ بِالتَّسْبِيحِ بِتَرَانِيمِ الشِّفَاهِ وَبِالْكِنَّارَةِ، وَقُولُوا هكَذَا بِالاِعْتِرَافِ.
21
أَعْمَالُ الرَّبِّ كُلُّهَا حَسَنَةٌ جِدًّا، وَجَمِيعُ أَوَامِرِهِ تُجْرَى فِي أَوْقَاتِهَا، وَكُلُّهَا تُطْلَبُ فِي آوِنَتِهَا.
22
بِكَلِمَتِهِ وَقَفَ الْمَاءُ كَرِبْوَةٍ، وَقَفَتْ حِيَاضُ الْمِيَاهِ بِقَوْلِ فَمِهِ.
23
فِي أَمْرِهِ كُلُّ مَرْضَاةٍ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يَمْنَعُ تَمَامَ خَلاَصِهِ.
24
أَعْمَالُ كُلِّ ذِي جَسَدٍ أَمَامَهُ، وَلاَ شَيْءَ يَخْفَى عَنْ عَيْنَيْهِ.
25
يَنْظُرُ مِنْ دَهْرٍ إِلَى دَهْرٍ، وَلَيْسَ شَيْءٌ عَجِيباً أَمَامَهُ.
26
لَيْسَ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: «مَا هذَا؟» أَوْ: «لِمَ هذَا؟» لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ خُلِقَ لِفَوَائِدَ تَخْتَصُّ بِهِ.
27
فَاضَتْ بَرَكَتُهُ كَنَهْرٍ،
28
وَرَوَّتِ الْيَبَسَ كَطُوفَانٍ. كَذلِكَ يُورِثُ الأُمَمَ غَضَبَهُ،
29
كَمَا حَوَّلَ الْمِيَاهَ إِلَى يَبَسٍ. طُرُقُهُ مُسْتَقِيمَةٌ لِلْقِدِّيسِينَ، كَذلِكَ هِيَ مَعَاثِرُ لِلأُثَمَاءِ.
30
الصَّالِحَاتُ خُلِقَتْ لِلصَّالِحِينَ مُنْذُ الْبَدْءِ، كَذلِكَ الشُّرُورُ لِلأَشْرَارِ.
31
رَأْسُ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ حَيَاةُ الإِنْسَانِ: الْمَاءُ وَالنَّارُ وَالْحَدِيدُ وَالْمِلْحُ وَسَمِيذُ الْحِنْطَةِ وَالْعَسَلُ وَاللَّبَنُ وَدَمُ الْعِنَبِ وَالزَّيْتُ وَاللِّبَاسُ.
32
كُلّ هذِهِ خَيْرَاتٌ لِلأَتْقِيَاءِ، وَكَذلِكَ هِيَ تَتَحَوَّلُ لِلْخَطَأَةِ شُرُوراً.
33
مِنَ الأَرْوَاحِ أَرْوَاحٌ خُلِقَتْ لِلاِنْتِقَامِ، وَهذِهِ فِي غَضَبِهَا تُشَدَّدُ سِيَاطَهَا.
34
وَفِي وَقْتِ الاِنْقِضَاءِ تَصُبُّ قُوَّتَهَا، وَتُسَكِّنُ غَضَبَ صَانِعِهَا.
35
النَّارُ وَالْبَرَدُ وَالْجُوعُ وَالْمَوْتُ، كُلُّ هذِهِ خُلِقَتْ لِلاِنْتِقَامِ.
36
أَنْيَابُ السِّبَاعِ وَالْعَقَارِبُ وَالأَفَاعِي وَالسَّيْفُ، تَنْتَقِمُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ بِإِهْلاَكِهِمْ.
37
هذِهِ تَفْرَحُ بِوَصِيَّتِهِ، وَعَلَى الأَرْضِ تَسْتَعِدُّ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ، وَفِي أَزْمِنَتِهَا لاَ تَتَعَدَّى كَلِمَتَهُ.
38
فَلِذلِكَ تَرَسَّخْتُ مُنْذُ الْبَدْءِ، وَتَأَمَّلْتُ وَرَسَمْتُ فِي كِتَابِي،
39
أَنَّ جَمِيعَ أَعْمَالِ الرَّبِّ صَالِحَةٌ، فَتُؤْتِي كُلَّ فَائِدَةٍ فِي سَاعَتِهَا،
40
وَلَيْسَ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: «إِنَّ هذَا شَرٌّ مِنْ هذَا»، فَإِنَّ كُلَّ أَمْرٍ يُسْتَحْسَنُ فِي وَقْتِهِ.
41
فَالآنَ سَبِّحُوا بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ وَأَفْوَاهِكُمْ، وَبَارِكُوا اسْمَ الرَّبِّ.
الاصحاح الأربعون
1
جَهْدٌ عَظِيمٌ خُلِقَ لِكُلِّ إِنْسَانٍ، وَنِيرٌ ثَقِيلٌ وُضِعَ عَلَى بَنِي آدَمَ، مِنْ يَوْمِ خُرُوجِهِمْ مِنْ أَجْوَافِ أُمَّهَاتِهِمْ إِلَى يَوْمِ دَفْنِهِمْ فِي الأَرْضِ أُمِّ الْجَمِيعِ.
2
فَإِنِّ عِنْدَهُمُ انْزِعَاجَ الأَفْكَارِ، وَرَوْعَ الْقَلْبِ وَقَلَقَ الاِنْتِظَارِ وَيَوْمَ الاِنْقِضَاءِ.
3
مِنَ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ فِي الْمَجْدِ، إِلَى الْمُتَّضِعِ عَلَى التُّرَابِ وَالرَّمَادِ.
4
مِنَ اللاَّبِسِ السَّمَنْجُونِيِّ وَالتَّاجِ، إِلَى الْمُلْتَفِّ بِالْكَتَّانِ الْخَشِنِ. وَزِدْ عَلَى ذلِكَ الْغَضَبَ وَالْغَيْرَةَ وَالاِضْطِرَابَ وَالْجَزَعَ وَخَوْفَ الْمَوْتِ وَالْحِقْدَ وَالْخُصُومَةَ.
5
وَفِي وَقْتِ الرَّاحَةِ عَلَى الْفِرَاشِ نَوْمَ اللَّيْلِ، الَّذِي يُكَدِّرُ خَاطِرَ الإِنْسَانِ.
6
فَهُوَ فِي رَاحَةٍ قَلِيلَةٍ كَلاَ شَيْءٍ، وَبَعْدَ ذلِكَ فِي الأَحْلاَمِ كَمَا فِي يَوْمِ الْمُرَاقَبَةِ.
7
يَرْتَعِدُ مِنْ رُؤْيَا قَلْبِهِ، كَالْمُنْهَزِمِ مِنْ وَجْهِ الْحَرْبِ، وَعِنْدَ نَجَاتِهِ يَهُبُّ وَيَتَعَجَّبُ مِنْ زَوَالِ خَوْفِهِ.
8
هذَا حَالُ كُلِّ ذِي جَسَدٍ مِنَ الإِنْسَانِ إِلَى الْبَهِيمَةِ، وَلِلْخَطَأَةِ مِنْ ذلِكَ سَبْعَةُ أَضْعَافٍ.
9
الْمَوْتُ وَالدَّمُ وَالْخُصُومَةُ وَالسَّيْفُ وَالنَّوَائِبُ وَالْجُوعُ وَالسَّحْقُ وَالسَّوْطُ،
10
كُلُّ ذلِكَ خُلِقَ لِلأُثَمَاءِ، وَلأَجْلِهِمْ أَتَى الطُّوفَانُ.
11
كُلُّ مَا هُوَ مِنَ الأَرْضِ؛ فَإِلَى الأَرْضِ يَعُودُ، وَكُلُّ مَا هُوَ مِنَ الْمِيَاهِ؛ فَإِلَى الْبَحْرِ يَنْثَنِي.
12
كُلُّ رُشْوَةٍ وَمَظْلِمَةٍ تُمْحَى، وَالأَمَانَةُ تَبْقَى إِلَى الأَبَدِ.
13
أَمْوَالُ الظَّالِمِينَ تَجِفُّ كَالسَّيْلِ، وَتَدْوِي كَالرَّعْدِ الشَّدِيدِ عِنْدَ الْمَطَرِ.
14
يَفْرَحُ الظَّالِمُ عِنْدَ بَسْطِ يَدَيْهِ، لكِنَّ الْمُعْتَدِينَ يَضْمَحِلُّونَ فِي الاِنْقِضَاءِ.
15
أَعْقَابُ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَأْتُونَ بِفُرُوعٍ كَثِيرَةٍ، وَلاَ الأُصُولُ النَّجِسَةُ الَّتِي عَلَى الصَّخْرِ الصُّلْبِ.
16
الْخَضِرُ الَّذِي عَلَى كُلِّ مَاءٍ وَشَطِّ نَهْرٍ يُقْلَعُ قَبْلَ كُلِّ عُشْبٍ.
17
النِّعْمَةُ كَجَنَّةِ بَرَكَاتٍ، وَالرَّحْمَةُ تَسْتَمِرُّ إِلَى الأَبَدِ.
18
حَيَاةُ الْعَامِلِ الْقَنُوعِ تَحْلُو، لكِنَّ الَّذِي يَجِدُ كَنْزاً هُوَ فَوْقَ كِلَيْهِمَا.
19
النَّسْلُ وَابْتِنَاءُ مَدِينَةٍ يُخَلِّدَانِ الاِسْمَ، لكِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي لاَ عَيْبَ فِيهَا، تُحْسَبُ فَوْقَ كِلَيْهِمَا.
20
الْخَمْرُ وَالْغِنَاءُ يَسُرَّانِ الْقَلْبَ، لكِنَّ حُبَّ الْحِكْمَةِ فَوْقَ كِلَيْهِمَا.
21
الْمِزْمَارُ وَالْعُودُ يُطَيِّبَانِ الَّلحْنَ، لكِنَّ اللِّسَانَ الْعَذْبَ فَوْقَ كِلَيْهِمَا.
22
الْبَهَاءُ وَالْجَمَالُ تَشْتَهِيهِمَا عَيْنُكَ، لكِنَّ خَضِرَ الْمَزْرَعَةِ فَوْقَ كِلَيْهِمَا.
23
الصَّدِّيقُ وَالصَّاحِبُ لَهُمَا لِقَاءُ وِفَاقٍ، لكِنَّ الْمَرْأَةَ مَعَ رَجُلِهَا فَوْقَ كِلَيْهِمَا.
24
الإِخْوَةُ وَالْعَوْنُ لِسَاعَةِ الضِّيقِ، لكِنَّ نُصْرَةَ الرَّحْمَةِ فَوْقَ كِلَيْهِمَا.
25
الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ يُثَبِّتَانِ الْقَدَمَ، لكِنَّ الْمَشُورَةَ تُفَضَّلُ عَلَى كِلَيْهِمَا.
26
الْغِنَى وَالْقُوَّةُ يُعِزَّانِ الْقَلْبَ، لكِنَّ مَخَافَةَ الرَّبِّ فَوْقَ كِلَيْهِمَا.
27
لَيْسَ فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ افْتِقَارٌ، وَلاَ يَحْتَاجُ صَاحِبُهَا إِلَى نُصْرَةٍ.
28
مَخَافَةُ الرَّبِّ كَجَنَّةِ بَرَكَةٍ، وَقَدْ أُلْبِسَتْ مَجْداً يَفُوقُ كُلَّ مَجْدٍ.
29
يَا بُنَيَّ، لاَ تَعِشْ عَيْشَ الاِسْتِعْطَاءِ؛ فَإِنَّ الْمَوْتَ خَيْرٌ مِنَ التَّكَفُّفِ.
30
الرَّجُلُ الَّذِي يَتَرَصَّدُ مَائِدَةَ الْغَرِيبِ، عَيْشُهُ لاَ يُعَدُّ عَيْشاً، وَنَفْسُهُ تَتَنَجَّسُ بِأَطْعِمَةٍ غَرِيبَةٍ.
31
الرَّجُلُ الأَرِيبُ الْمُتَأَدِّبُ يَتَحَفَّظُ مِنْ ذلِكَ.
32
يَحْلُو الاِسْتِعْطَاءُ فِي فَمِ الْوَقِحِ وَفِي جَوْفِهِ تَتَّقِدُ النَّارُ.
الاصحاح الحادي والأربعون
1
أَيُّهَا الْمَوْتُ، مَا أَشَدَّ مَرَارَةَ ذِكْرِكَ عَلَى الإِنْسَانِ الْمُتَقَلِّبِ فِي السَّلاَمِ فِيمَا بَيْنَ أَمْوَالِهِ.
2
عَلَى الرَّجُلِ الَّذِي لاَ تَتَجَاذَبُهُ الْهُمُومُ الْمُوَفَّقِ فِي كُلِّ أَمْرٍ، الْقَادِرِ عَلَى التَّلَذُّذِ بِالطَّعَامِ.
3
أَيُّهَا الْمَوْتُ، حَسَنٌ قَضَاؤُكَ لِلإِنْسَانِ الْمُعْوِزِ الضَّعِيفِ الْقُوَّةِ،
4
الْهَرِمِ الَّذِي يَتَجَاذَبُهُ كُلُّ هَمٍّ، الْقَنِطِ الْفَاقِدِ الصَّبْرِ.
5
لاَ تَخْشَ قَضَاءَ الْمَوْتِ. اذْكُرْ أَوَائِلَكَ وَأَوَاخِرَكَ. هذَا هُوَ قَضَاءُ الرَّبِّ عَلَى كُلِّ ذِي جَسَدٍ.
6
وَمَاذَا تَرْفُضُ مِمَّا هُوَ مَرْضَاةُ الْعَلِيِّ عَشْرَ سِنِينَ كَانَتْ مَرْضَاتُهُ أَمْ مِئَةً أَمْ أَلْفاً؟
7
إِنَّهُ لَيْسَ فِي الْجَحِيمِ حِسَابٌ عَلَى الْعُمرِ.
8
بَنُو الْخَطَأَةِ بَنُو رِجْسٍ، وَكَذلِكَ الَّذِينَ يَتَرَدَّدُونَ إِلَى بُيُوتِ الْمُنَافِقِينَ.
9
بَنُو الْخَطَأَةِ يَهْلِكُ مِيرَاثُهُمْ، وَيُلاَزِمُ ذُرِّيَّتَهُمُ الْعَارُ.
10
الأَبُ الْمُنَافِقُ يَتَشَكَّى مِنْهُ بَنُوهُ، لأَنَّهُمْ بِسَبَبِهِ يَلْحَقُهُمُ الْعَارُ.
11
وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الرِّجَالُ الْمُنَافِقُونَ، النَّابِذُونَ لِشَرِيعَةِ الإِلهِ الْعَلِيِّ،
12
فَإِنَّكُمْ إِذْ وُلِدْتُمْ إِنَّمَا وُلِدْتُمْ لِلَّعْنَةِ، وَمَتَى مُتُّمْ فَاللَّعْنَةُ هِيَ نَصِيبُكُمْ.
13
كُلُّ مَا هُوَ مِنَ الأَرْضِ يَذْهَبُ إِلَى الأَرْضِ، كَذلِكَ الْمُنَافِقُونَ يَذْهَبُونَ مِنَ اللَّعْنَةِ إِلَى الْهَلاَكِ.
14
النَّاسُ يَنُوحُونَ عَلَى أَجْسَادِهِمْ، لكِنَّ اسْمَ الْخَطَأَةِ يُمْحَى.
15
لِيَكُنِ اهْتِمَامُكَ بِالاِسْمِ؛ فَإِنَّهُ أَدْوَمُ لَكَ مِنْ أَلْفِ كَنْزٍ عَظِيمٍ مِنَ الذَّهَبِ.
16
الْحَيَاةُ الصَّالِحَةُ أَيَّامٌ مَعْدُودَاتٌ، أَمَّا الاِسْمُ الصَّالِحُ فَيَدُومُ إِلَى الأَبَدِ.
17
اِحْفَظُوا التَّأْدِيبَ فِي السَّلاَمِ، أَيُّهَا الْبَنُونَ، أَمَّا الْحِكْمَةُ الْمَكْتُومَةُ وَالْكَنْزُ الْمَدْفُونُ فَأَيَّةُ مَنْفَعَةٍ فِيهِمَا؟
18
الإِنْسَانُ الَّذِي يَكْتُمُ حَمَاقَتَهُ، خَيْرٌ مِنَ الإِنْسَانِ الَّذِي يَكْتُمُ حِكْمَتَهُ.
19
اِسْتَحْيُوا مِمَّا أَقُولُ لَكُمْ.
20
فَإِنَّهُ لَيْسَ بِحَسَنٍ الْخَجَلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَلاَ كُلُّ أَمْرٍ مِمَّا يُصْنَعُ بِرُشْدٍ يُعْجِبُ كُلَّ
21
اخْجَلُوا أَمَامَ الأَبِ وَالأُمِّ مِنَ الزِّنَا، وَأَمَامَ الرَّئِيسِ وَالْمُقْتَدِرِ مِنَ الْكَذِبِ.
22
وَأَمَامَ الْقَاضِي وَالأَمِيرِ مِنَ الزَّلَّةِ. وَأَمَامَ الْمَجْمَعِ وَالشَّعْبِ مِنَ الإِثْمِ.
23
وَأَمَامَ الشَّرِيكِ وَالصَّدِيقِ مِنَ الظُّلْمِ. وَأَمَامَ بَلَدِ سُكْنَاكَ مِنَ السَّرِقَةِ.
24
وَمِنْ مُخَالَفَةِ حَقِّ اللهِ وَعَهْدِهِ. وَمِنْ اتِّكَاءِ الْمِرْفَقِ عَلَى الْخُبْزِ. وَمِنَ الْخِيَانَةِ فِي الأَخْذِ وَالْعَطَاءِ.
25
وَمِنَ السُّكُوتِ أَمَامَ الَّذِينَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْكَ. وَمِنَ النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ الْبَغِيِّ.
26
وَمِنْ إِعْرَاضِ وَجْهِكَ عَنْ نَسِيبِكَ، وَمِنْ سَلْبِ النَّصِيبِ وَالْعَطَاءِ.
27
وَمِنَ التَّفَرُّسِ فِي امْرَأَةٍ ذَاتِ بَعْلٍ، وَمِنْ مُرَاوَدَةِ جَارِيَتِهَا، وَعَلَى سَرِيرِهَا لاَ تَقِفْ.
28
وَمِنْ كَلاَمِ التَّعْيِيرِ أَمَامَ الأَصْدِقَاءِ. وَمِنَ الاِمْتِنَانِ بَعْدَ الْعَطَاءِ. وَمِنْ نَقْلِ الْكَلاَمِ الْمَسْمُوعِ وَإِفْشَاءِ مَا قِيلَ فِي السِّرِّ.
الاصحاح الثاني والأربعون
1
حِينَئِذٍ يَكُونُ خَجَلُكَ فِي مَحَلِّهِ، وَتَنَالُ حُظْوَةً أَمَامَ كُلِّ إِنْسَانٍ. أَمَّا هذِهِ فَلاَ تَخْجَلْ فِيهَا وَلاَ تُحَابِ الْوُجُوهَ لِتَخْطَأَ فِيهَا:
2
شَرِيعَةُ الْعَلِيِّ وَالْمِيثَاقُ وَالْقَضَاءُ بِحَيْثُ لاَ يُبَرَّأُ الْمُنَافِقُ،
3
وَدَعْوَى صَاحِبِكَ مَعَ الْمُتَغَرِّبِينَ وَاقْتِسَامُ الْمِيرَاثِ بَيْنَ الأَصْدِقَاءَ،
4
وَعَدْلُ الْمِيزَانِ وَالْمِعْيَارِ وَالْمَكْسِبُ كَثُرَ أَمْ قَلَّ،
5
وَالاِعْتِدَالُ فِي الْبَيْعِ بَيْنَ الْمُشْتَرِينَ، وَالْمُبَالَغَةُ فِي تَأْدِيبِ الْبَنِينَ، وَضَرْبُ الْعَبْدِ الشِّرِّيرِ حَتَّى تَدْمِيَ جَنْبَهُ،
6
وَالْخَتْمُ عَلَى الْمَرْأَةِ الشِّرِّيرَةِ أَلْيَقُ بِهَا.
7
وَحَيْثُ تَكُونُ الأَيْدِي الْكثِيرَةُ أَقْفِلْ، وَمَتَى قَسَّمْتَ فَبِالْعَدَدِ وَالْوَزْنِ. وَالْعَطَاءُ وَالأَخْذُ كُلُّ شَيْءٍ لِيَكُنْ فِي دَفْتَرٍ.
8
وَلاَ تَخْجَلْ فِي تَأْدِيبِ الْجَاهِلِ وَالأَحْمَقِ وَالْهَرِمِ الْمُتَحَاكِمِ إِلَى الشُّبَّانَ. حِينَئِذٍ تَكُونُ مُتَأَدِّباً فِي الْحَقِيقَةِ، وَمَمْدُوحاً أَمَامَ كُلِّ حَيٍّ.
9
الْبِنْتُ سُهَادٌ خَفِيٌّ لأَبِيهَا، وَهَمٌّ يَسْلُبُهُ النَّوْمَ مَخَافَةً مِنَ الْعُنُوسِ إِذَا شَبَّتْ، وَالصَّلَفِ إِذَا تَزَوَّجَتْ.
10
وَفِي عُذْرَتِهَا مِنَ التَّدَنُّسِ، وَالْعُلُوقِ فِي بَيْتِ أَبِيهَا. وَفِي الزَّوَاجِ مِنَ التَّعَدِّي عَلَى رَجُلِهَا أَوِ الْعُقْمِ.
11
وَاظِبْ عَلَى مُرَاقَبَةِ الْبِنْتِ الْقَلِيلَةِ الْحَيَاءِ، لِئَلاَّ تَجْعَلَكَ شَمَاتَةً لأَعْدَائِكَ وَحَدِيثاً فِي الْمَدِينَةِ وَمَذَمَّةً لَدَى الشَّعْبِ؛ فَتُخْزِيَكَ فِي الْمَلإِ الْكَثِيرِ.
12
لاَ تَتَفَرَّسْ فِي جَمَالِ أَحَدٍ، وَلاَ تَجْلِسْ بَيْنَ النِّسَاءِ.
13
فَإِنَّهُ مِنَ الثِّيَابِ يَتَوَلَّدُ السُّوسُ، وَمِنَ المَرْأَةِ الْخُبْثُ.
14
رَجُلٌ يُسِيءُ، خَيْرٌ مِنِ امْرَأَةٍ تُحْسِنُ، ثُمَّ تَجْلُبُ الْخِزْيَ وَالْفَضِيحَةَ.
15
إِنِّي أَذْكُرُ أَعْمَالَ الرَّبِّ، وَأُخْبِرُ بِمَا رَأَيْتُ. إِنَّ فِي أَقْوَالِ الرَّبِّ أَعْمَالَهُ.
16
عَيْنُ الشَّمْسِ الْمُنِيرَةُ تُبْصِرُ كُلَّ شَيْءٍ، وَعَمَلُ الرَّبِّ مَمْلُوءٌ مِنْ مَجْدِهِ.
17
أَلَمْ يُنْطِقِ الرَّبُّ الْقِدِّيسِينَ بِجَمِيعِ عَجَائِبِهِ، الَّتِي أَثْبَتَهَا الرَّبُّ الْقَدِيرُ، لِكَيْ يَثْبُتَ كُلُّ الْخَلْقِ فِي مَجْدِهِ؟
18
إِنَّهُ بَحَثَ الْغَمْرَ وَالْقَلْبَ، وَفَطِنَ لِكُلِّ دَهَاءٍ.
19
عَلِمَ الرَّبُّ كُلَّ عِلْمٍ، وَاطَّلَعَ عَلَى عَلاَمَةِ الدَّهْرِ، مُخْبِراً بِالْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ، وَكَاشِفاً عَنْ آثَارِ الْخَفَايَا.
20
لاَ يَفُوتُهُ فِكْرٌ، وَلاَ يَخْفَى عَلَيْهِ كَلاَمٌ.
21
وَقَدْ زَيَّنَ عَظَائِمَ حِكْمَتِهِ، وَهُوَ الدَّائِمُ مُنْذُ الدَّهْرِ وَإِلَى الدَّهْرِ. وَلَمْ يُزَدْ شَيْئاً،
22
وَلَمْ يُنْقَصْ وَلاَ يَحْتَاجُ إِلَى مَشُورَةٍ.
23
مَا أَشْهَى جَمِيعَ أَعْمَالِهِ، وَالَّذِي يُرَى مِنْهَا مِثْلُ شَرَارَةٍ.
24
كُلُّ هذِهِ تَحْيَا، وَتَبْقَى إِلَى الأَبَدِ لِكُلِّ فَائِدَةٍ، وَجَمِيعُهَا تُطِيعُهُ.
25
كُلُّ شَيْءٍ اثْنَانِ؛ وَاحِدٌ بِإِزَاءِ الآخَرِ وَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئاً نَاقِصاً،
26
بَلِ الْوَاحِدُ يُؤَيِّدَ مَزَايَا الآخَرِ. فَمَنِ الَّذِي يَشْبَعُ مِنَ النَّظَرِ إِلَى مَجْدِهِ؟
الاصحاح الثالث والأربعون
1
الْجَلَدُ الطَّاهِرُ فَخْرُ الْعَلاَءِ، وَمَنْظَرُ السَّمَاءِ مَرْأَى الْمَجْدِ.
2
الشَّمْسُ عِنْدَ خُرُوجِهَا تُبَشِّرُ بِمَرْآهَا. هِيَ آلَةٌ عَجِيبَةٌ صُنْعُ الْعَلِيِّ.
3
عِنْدَ هَاجِرَتِهَا تُيَبِّسُ الْبُقْعَةَ؛ فَمَنْ يَقُومُ أَمَامَ حَرِّهَا؟ الشَّمْسُ كَنَافِخٍ فِي الأَتُّونِ، لِمَا يُصْنَعُ فِي النَّارِ.
4
تُحْرِقُ الْجِبَالَ ثَلاَثَةَ أَضْعَافٍ، وَتَبْعَثُ أَبْخِرَةً نَارِيَّةً، وَتَلْمَعُ بِأَشِعَّةٍ تَجْهَرُ الْعُيُونَ.
5
عَظِيمٌ الرَّبُّ صَانِعُهَا، الَّذِي بِأَمْرِهِ تُسْرِعُ فِي سَيْرِهَا.
6
وَالْقَمَرُ بِجَمِيعِ أَحْوَالِهِ الْمُوَقَّتَةِ، هُوَ نَبَأُ الأَزْمِنَةِ وَعَلاَمَةُ الدَّهْرِ.
7
مِنَ الْقَمَرِ عَلاَمَةُ الْعِيدِ. هُوَ نَيِّرٌ، يَنْقُصُ عِنْدَ التَّمَامِ.
8
بِاسْمِهِ سُمِّيَ الشَّهْرُ، وَفِي تَغَيُّرِهِ يَزْدَادُ زِيَادَةً عَجِيبَةً.
9
إِنَّ فِي الْعَلاَءِ مَحَلَّةَ عَسْكَرٍ تَتَلأْلأُ فِي جَلَدِ السَّمَاءِ.
10
هُنَاكَ بَهَاءُ السَّمَاءِ وَمَجْدُ النُّجُومِ وَعَالَمٌ مُتَأَلِّقٌ، وَالرَّبُّ فِي الأَعَالِي.
11
عِنْدَ كَلاَمِ الْقُدُّوسِ تَقُومُ لإِجْرَاءِ أَحْكَامِهِ، وَلاَ يَأْخُذُهَا فِي مَحَارِسِهَا فُتُورٌ.
12
اُنْظُرْ إِلَى قَوْسِ الْغَمَامِ، وَبَارِكْ صَانِعَهَا. إِنَّ رَوْنَقَهَا فِي غَايَةِ الْجَمَالِ.
13
تُنَطِّقُ السَّمَاءَ مِنْطَقَةَ مَجْدٍ، وَيَدَا الْعَلِيِّ تَمُدَّانِهَا.
14
بِأَمْرِهِ عَجَّلَ الثَّلْجَ، وَرَشَقَ بُرُوقَ قَضَائِهِ.
15
وَبِهِ انْفَتَحَتِ الْكُنُوزُ، وَطَارَتِ الْغُيُومُ كَذَوَاتِ الأَجْنِحَةِ.
16
بِعَظَمَتِهِ شَدَّدَ الْغُيُومَ؛ فَانْقَضَّتْ حِجَارَةُ الْبَرَدِ.
17
بِلَحَظَاتِهِ تَتَزَلْزَلُ الْجِبَالُ، وَبِإِرَادَتِهِ تَهُبُّ الْجَنُوبُ.
18
عِنْدَ صَوْتِ رَعْدِهِ تَتَمَخَّضُ الأَرْضُ، عِنْدَ عَاصِفَةِ الشَّمَالِ وَزَوْبَعَةِ الرِّيحِ.
19
يَذْرِي الثَّلْجَ كَمَا يَتَطَايَرُ ذَوَاتُ الأَجْنِحَةِ، وَانْحِدَارُهُ كَنُزُولِ الْجَرَادِ.
20
تَعْجَبُ الْعَيْنُ مِنْ حُسْنِ بَيَاضِهِ، وَيَنْذَهِلُ الْقَلْبُ مِنْ مَطَرِهِ.
21
وَيَسْكُبُ الصَّقِيعَ كَالْمِلْحِ عَلَى الأَرْضِ، وَإِذَا جَمَدَ صَارَ كَأَطْرَافِ الأَوْتَادِ.
22
تَهُبُّ رِيحُ الشَّمَالِ الْبَارِدَةُ؛ فَيَجْمُدُ الْمَاءُ. يَسْتَقِرُّ الْجَلِيدُ عَلَى كُلِّ مُجْتَمَعِ الْمِيَاهِ، وَيُلْبِسُ الْمِيَاهَ دِرْعاً.
23
تَأْكُلُ الْجِبَالَ وَتُحْرِقُ الصَّحْرَاءَ، وَتُتْلِفُ الْخَضِرَ كَالنَّارِ.
24
يُسْرِعُ الْغَمَامُ فَيَشْفِي كُلَّ شَيْءٍ، وَالنَّدَى النَّاشِئُ مِنَ الْحَرِّ يُعِيدُ الْبَهْجَةَ.
25
بِكَلاَمِهِ طَأْمَنَ الْغَمْرَ، وَأَنْبَتَ فِيهِ الْجَزَائِرَ.
26
الَّذِينَ يَرْكَبُونَ الْبَحْرَ يُحَدِّثُونَ بِهَوْلِهِ. نَسْمَعُ بِآذَانِنَا فَنَتَعَجَّبُ.
27
هُنَاكَ الْمَصْنُوعَاتُ الْعَجِيبَةُ الْغَرِيبَةُ: أَنْواعُ الْحَيَوَانَاتِ، خَلاَئِقُ الْحِيتَانِ.
28
بِهِ يُنْتَهَى إِلَى النَّجَاحِ، وَبِكَلِمَتِهِ يَقُومُ الْجَمِيعُ.
29
إِنَّا نُكْثِرُ الْكَلاَمَ وَلاَ نَسْتَقْصِي، وَغَايَةُ مَا يُقَالُ أَنَّهُ هُوَ الْكُلُّ.
30
مَاذَا نَسْتَطِيعُ مِنْ تَمْجِيدِهِ، وَهُوَ الْعَظِيمُ فَوْقَ جَمِيعِ مَصْنُوعَاتِهِ.
31
مَرْهُوبٌ الرَّبُّ وَعَظِيمٌ جِدًّا وَقُدْرَتُهُ عَجِيبَةٌ.
32
ارْفَعُوا الرَّبَّ فِي تَمْجِيدِهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ؛ فَلاَ يَزَالُ أَرْفَعَ.
33
بَارِكُوا الرَّبَّ وَارْفَعُوهُ مَا قَدَرْتُمْ؛ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ مَدْحٍ.
34
بَالِغُوا فِي رَفْعِهِ قَدْرَ طَاقَتِكُمْ. لاَ تَكِلُّوا فَإِنَّكُمْ لَنْ تُدْرِكُوهُ.
35
مَنْ رَآهُ فَيُخْبِرَ؟ وَمَنْ يُكْبِرُهُ كَمَا هُوَ؟
36
وَهُنَاكَ خَفَايَا كَثِيرَةٌ أَعْظَمُ مِنْ هذِهِ؛ فَإِنَّ الَّذِي رَأَيْنَاهُ مِنْ أَعْمَالِهِ هُوَ الْقَلِيلُ.
37
إِنَّ الرَّبَّ صَنَعَ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَتَى الأَتْقِيَاءَ الْحِكْمَةَ.
الاصحاح الرابع والأربعون
1
لِنَمْدَحِ الرِّجَالَ النُّجَبَاءَ، آبَاءَنَا الَّذِينَ وُلِدْنَا مِنْهُمْ.
2
فِيهِمْ أَنْشَأَ الرَّبُّ مَجْداً كَثِيراً، وَأَبْدَى عَظَمَتَهُ مُنْذُ الدَّهْرِ.
3
وَقَدْ كَانُوا ذَوِي سُلْطَانٍ فِي مَمَالِكِهِمْ، رِجَالَ اسْمٍ وَبَأْسٍ، مُؤْتَمِرِينَ بِفِطْنَتِهِمْ، نَاطِقِينَ بِالنُّبُوءَاتِ،
4
أَئِمَّةَ الشَّعْبِ بِمَشُورَاتِهِمْ، وَبِفَهْمِ كُتُبِ أُمَّتِهِمْ.
5
قَدْ ضَمَّنُوا تَأْدِيبَهُمْ أَقْوَالَ الْحِكْمَةِ، وَبَحَثُوا فِي أَلْحَانِ الْغِنَاءِ، وَأَنْشَدُوا قَصَائِدَ الْكِتَابِ.
6
رِجَالَ غِنًى وَاقْتِدَارٍ، فَاعِلِي سَلاَمَةٍ فِي بُيُوتِهِمْ.
7
أُولئِكَ كُلُّهُمْ نَالُوا مَجْداً فِي أَجْيَالِهِمْ، وَكَانَتِ أَيَّامُهُمْ أَيَّامَ فَخْرٍ.
8
فَمِنْهُمْ مَنْ خَلَّفُوا اسْماً يُخْبِرُ بِمَدَائِحِهِمْ.
9
وَمِنْهُمْ مَنْ لاَ ذِكْرَ لَهُمْ، وَقَدْ هَلَكُوا كَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا قَطُّ، وَوُلِدُوا كَأَنَّهُمْ لَمْ يُولَدُوا هُمْ وَبَنُوهُمْ بَعْدَهُمْ.
10
أَمَّا أُولئِكَ فَهُمْ رِجَالُ رَحْمَةٍ وَبِرُّهُمْ لاَ يُنْسَى.
11
الْمِيرَاثُ الصَّالِحُ يَدُومُ مَعَ ذُرِّيَّتِهِمْ، وَأَعْقَابُهُمْ يَبْقَوْنَ عَلَى الْمَوَاعِيدِ.
12
تَثْبُتُ ذُرِّيَّتُهُمْ وَبَنُوهُمْ لأَجْلِهِمْ.
13
إِلَى الأَبَدِ تَدُومُ ذُرِّيَّتُهُمْ، وَلاَ يُمْحَى مَجْدُهُمْ.
14
أَجْسَامُهُمْ دُفِنَتْ بِالسَّلاَمِ، وَأَسْمَاؤُهُمْ تَحْيَا مَدَى الأَجْيَالِ.
15
الشُّعُوبُ يُحَدِّثُونَ بِحِكْمَتِهِمْ، وَالْجَمَاعَةُ تُخْبِرُ بِمِدْحَتِهِمْ.
16
أَخْنُوخُ أَرْضَى الرَّبَّ فَنُقِلَ، وَسَيُنَادِي الأَجْيَالَ إِلَى التَّوْبَةِ.
17
نُوحٌ وُجِدَ بَرًّا كَامِلاً، وَبِهِ كَانَتِ الْمُصَالَحَةُ فِي زَمَانِ الْغَضَبِ.
18
فَلِذلِكَ أُبْقِيَتْ بَقِيَّةٌ عَلَى الأَرْضِ، حِينَ كَانَ الطُّوفَانُ،
19
وَأُقِيمَتْ مَعَهُ عُهُودٌ، لِكَيْ لاَ يُهْلَكَ بِالطُّوفَانِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ.
20
إِبْرَاهِيمُ كَانَ أَباً عَظِيماً لأُمَمٍ كَثِيرَةٍ، وَلَمْ يُوجَدْ نَظِيرُهُ فِي الْمَجْدِ. وَقَدْ حَفِظَ شَرِيعَةَ الْعَلِيِّ فَعَاهَدَهُ عَهْداً،
21
وَجَعَلَ الْعَهْدَ فِي جَسَدِهِ وَعِنْدَ الاِمْتِحَانِ وُجِدَ أَمِيناً.
22
فَلِذلِكَ حَلَفَ لَهُ أَنَّ الأُمَمَ سَيُبَارَكُونَ فِي نَسْلِهِ، وَأَنَّهُ يُكَثِّرُ نَسْلَهُ كَتُرَابِ الأَرْضِ،
23
وَيُعْلِي ذُرِّيَّتَهُ كَنُجُومٍ، وَيُوَرِّثُهُمْ مِنَ الْبَحْرِ إِلَى الْبَحْرِ، وَمِنَ النَّهْرِ إِلَى أَقْصَى الأَرْضِ.
24
وَكَذلِكَ جَعَلَ فِي إِسْحَاقَ لأَجْلِ إِبْرَاهِيمَ أَبِيهِ،
25
بَرَكَةَ جَمِيعِ النَّاسِ وَالْعَهْدَ، ثُمَّ أَقَرَّهُمَا عَلَى رَأْسِ يَعْقُوبَ.
26
آثَرَهُ بِبَرَكَاتِهِ وَوَرَّثَهُ الْمِيرَاثَ. مَيَّزَ حُظُوظَهُ، وَقَسَمَهَا عَلَى الأَسْبَاطِ الاِثْنَيْ عَشَرَ.
27
وَأَقَامَ مِنْهُ رَجُلَ رَحْمَةٍ، قَدْ نَالَ حُظْوَةً أَمَامَ كُلِّ بَشَرٍ.
الاصحاح الخامس والأربعون
1
مُوسَى كَانَ مَحْبُوباً عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ، مُبَارَكَ الذِّكْرِ،
2
فَآتَاهُ مَجْداً كَمَجْدِ الْقِدِّيسِينَ، وَجَعَلَهُ عَظِيماً مَرْهُوباً عِنْدَ الأَعْدَاءِ. بِكَلاَمِهِ أَزَالَ الآيَاتِ.
3
وَمَجَّدَهُ أَمَامَ الْمُلُوكِ. أَوْصَاهُ بِشَعْبِهِ، وَأَرَاهُ مَجْدَهُ.
4
قَدَّسَهُ بِإِيمَانِهِ وَوَدَاعَتِهِ، وَاصْطَفَاهُ مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ الْبَشَرِ.
5
أَسْمَعَهُ صَوْتَهُ، وَأَدْخَلَهُ فِي الْغَمَامِ.
6
أَعْطَاهُ الْوَصَايَا مُوَاجَهَةً شَرِيعَةَ الْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ، لِيُعَلِّمَ يَعْقُوبَ الْعَهْدَ، وَإِسْرَائِيلَ أَحْكَامَهُ.
7
أَعْلَى هَارُونَ الْقِدِّيسَ، نَظِيرَهُ أَخَاهُ مِنْ سِبْطِ لاَوِي.
8
جَعَلَ لَهُ عَهْدَ الدَّهْرِ، وَأَعْطَاهُ كَهَنُوتَ الشَّعْبِ. أَسْعَدَهُ فِي الْبَهَاءِ،
9
وَنَطَّقَهُ حُلَّةَ مَجْدٍ. أَلْبَسَهُ كَمَالَ الْفَخْرِ، وَأَيَّدَهُ بِأَدَوَاتِ الْعِزَّةَ:
10
السَّرَاوِيلِ وَالثَّوْبِ السَّابِغِ وَالأَفُودِ، وَجَعَلَ حَوْلَهُ الرُّمَّانَاتِ مِنْ ذَهَبٍ، مَعَ جَلاَجِلَ كَثِيرَةٍ مِنْ حَوْلِهِ،
11
لِيَرِنَّ صَوْتُهَا عِنْدَ خَطْوِهِ، لِيُسْمَعَ الصَّلِيلُ فِي الْهَيْكَلِ، ذِكْراً لِبَنِي شَعْبِهِ.
12
وَأَعْطَاهُ الْحُلَّةَ الْمُقَدَّسَةَ مِنْ ذَهَبٍ وَسَمَنْجُونِيٍّ وَأُرْجُوَانٍ صَنْعَةَ نَسَّاجٍ حَاذِقٍ صُدْرَةَ الْقَضَاءِ، الَّتِي فِيهَا النُّورُ وَالْحَقُّ.
13
نَسِيجُهَا مِنْ قِرْمِزٍ مَشْزُورٍ، صَنْعَةُ عَامِلٍ حَاذِقٍ، وَعَلَيْهَا حِجَارَةٌ كَرِيمَةٌ كَنَقْشِ الْخَاتَمِ، مُرَصَّعَةٌ فِي الذَّهَبِ، صَنْعَةُ نَقَّاشِ الْجَوْهَرِ، مَنْقُوشٌ عَلَيْهَا أَسْمَاءُ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ ذِكْراً.
14
وَكَانَ عَلَى الْعِمَامَةِ إِكْلِيلٌ مِنْ ذَهَبٍ، مَنْقُوشٌ عَلَيْهِ عُنْوَانُ الْقَدَاسَةِ. وَكَانَ زِينَةَ كَرَامَةٍ صَنْعَةَ بَرَاعَةٍ، تَعْشَقُهَا الْعُيُونُ لِحُسْنِهَا.
15
كُلُّ هذِهِ كَانَتْ فِي غَايَةِ الْجَمَالِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مَثِيلٌ فِي الدَّهْرِ.
16
لَمْ يَلْبَسْهَا إِلاَّ مَنْ هُوَ مِنْ عَشِيرَتِهِ، بَنُوهُ وَأَعْقَابُهُ فِي كُلِّ عَهْدٍ.
17
ذَبَائِحُهُ تُحْرَقُ بِالنَّارِ كُلَّ يَوْمٍ، مَرَّتَيْنِ بِلاَ انْقِطَاعٍ.
18
كَرَّسَ مُوسَى يَدَيْهِ، وَمَسَحَهُ بِالدُّهْنِ الْمُقَدَّسِ،
19
فَصَارَ ذلِكَ عَهْداً أَبَدِيًّا، لَهُ وَلِذُرِّيَّتِهِ مَا دَامَتِ السَّمَاءُ، لِيَخْدِمَ لِلرَّبِّ، وَيُمَارِسَ الْكَهَنُوتَ، وَيُبَارِكَ شَعْبَهُ بِاسْمِهِ.
20
اصْطَفَاهُ مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ الأَحْيَاءِ، لِيُقَرِّبَ التَّقْدِمَةَ لِلرَّبِّ، الْبَخُورَ وَالرَّائِحَةَ الطَّيِّبَةَ، ذِكْراً وَتَكْفِيراً عَنْ شَعْبِهِ.
21
أَقَامَهُ عَلَى وَصَايَاهُ، وَأَعْطَاهُ سُلْطَاناً عَلَى عُهُودِ الأَحْكَامِ، لِيُعَلِّمَ يَعْقُوبَ الشَّهَادَاتِ، وَيُنِيرَ إِسْرَائِيلَ بِشَرِيعَتِهِ.
22
اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْغُرَبَاءُ وَحَسَدُوهُ فِي الْبَرِّيَّةِ، رِجَالُ دَاثَانَ وَأَبِيرَامَ وَجَمَاعَةُ قُورَحَ بِالْحِدَّةِ وَالْغَضَبِ.
23
نَظَرَ الرَّبُّ فَلَمْ يَرْضَ، فَأَبَادَهُمْ بِحِدَّةِ غَضَبِهِ.
24
أَجْرَى بِهِمْ عَجَائِبَ، وَأَفْنَاهُمْ بِنَارِ لَهِيبِهِ.
25
وَزَادَ هَارُونَ مَجْداً، وَأَعْطَاهُ مِيرَاثاً. جَعَلَ لَهُمْ بَوَاكِيرَ ثِمَارِ الأَرْضِ،
26
وَهَيَّأَ لَهُمْ قَبْلَ غَيْرِهِمْ شِبْعَهُمْ مِنَ الْخُبْزِ. فَهُمْ يَأْكُلُونَ مِنْ ذَبَائِحِ الرَّبِّ، الَّتِي أَعْطَاهَا لَهُ وَلِذُرِّيَّتِهِ.
27
إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَرِثْ فِي أَرْضِ الشَّعْبِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ فِيمَا بَيْنَهُمْ، لأَنَّهُ هُوَ نَصِيبُهُ وَمِيرَاثُهُ.
28
وَفِينْحَاسُ ابْنُ أَلِعَازَارَ هُوَ الثَّالِثُ فِي الْمَجْدِ، لأَجْلِ غَيْرَتِهِ فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ،
29
وَلأَنَّهُ قَامَ عِنْدَ ارْتِدَادِ الشَّعْبِ بِصَلاَحِ نَشَاطِ نَفْسِهِ، وَكَفَّرَ عَنْ إِسْرَائِيلَ.
30
لِذلِكَ أَعْطَاهُ الرَّبُّ عَهْدَ سَلاَمِهِ، لِكَيْ يَكُونَ إِمَامَ شَعْبِهِ فِي الأَقْدَاسِ، وَتَبْقَى لَهُ وَلِنَسْلِهِ عَظَمَةُ الْكَهَنُوتِ مَدَى الدُّهُورِ.
31
وَعَاهَدَ دَاوُدَ بْنَ يَسَّى مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا، عَلَى مِيرَاثِ الْمُلْكِ مِنِ ابْنٍ إِلَى ابْنٍ فِي ذُرِّيَّتِهِ، كَالْمِيرَاثِ لِهَارُونَ وَنَسْلِهِ. لِيُعْطِيكُمُ الْحِكْمَةَ فِي قُلُوبِكُمْ، لِكَيْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ فِي شَعْبِهِ، فَلاَ تَزُولَ خَيْرَاتُهُمْ وَمَجْدُهُمْ مَدَى
الاصحاح السادس والأربعون
1
كَانَ يَشُوعُ بْنُ نُونٍ رَجُلَ بَأْسٍ فِي الْحُرُوبِ، خَلِيفَةَ مُوسَى فِي النُّبُوءَاتِ.
2
وَكَانَ كَاسْمِهِ عَظِيماً فِي خَلاَصِ مُخْتَارِيهِ، شَدِيدَ الاِنْتِقَامِ عَلَى الأَعْدَاءِ الْمُقَاوِمِينَ، لِكَيْ يُوَرِّثَ إِسْرَائِيلَ.
3
مَا أَعْظَمَ مَجْدَهُ عِنْدَ رَفْعِ يَدَيْهِ، وَتَسْدِيدِ حَرْبَتِهِ عَلَى الْمُدُنِ.
4
مَنْ قَامَ نَظِيرَهُ مِنْ قَبْلِهِ؟ إِنَّ الرَّبَّ نَفْسَهُ دَفَعَ إِلَيْهِ الأَعْدَاءَ.
5
أَلَمْ تَرْجِعِ الشَّمْسُ إِلَى الْوَرَاءِ عَلَى يَدِهِ، وَصَارَ الْيَوْمُ نَحْواً مِنْ يَوْمَيْنِ؟
6
دَعَا الْعَلِيَّ الْقَدِيرَ إِذْ كَانَ يَهْزِمُ الأَعْدَاءَ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، فَاسْتَجَابَ لَهُ الرَّبُّ الْعَظِيمُ بِحِجَارَةِ بَرَدٍ عَظِيمَةِ الثِّقَلِ.
7
أَغَارَ عَلَى الأُمَّةِ بِالْقِتَالِ، وَفِي الْمُنْهَبَطِ أَهْلَكَ الْمُقَاوِمِينَ،
8
لِكَيْ تَعْرِفَ الأُمَمُ كَمَالَ عُدَّتِهِمْ، وَأَنَّ حَرْبَهُ أَمَامَ الرَّبِّ، لأَنَّهُ مُنْقَادٌ لِلْقَدِيرِ.
9
وَفِي أَيَّامِ مُوسَى صَنَعَ رَحْمَةً، هُوَ وَكَالِبُ بْنُ يَفُنَّا، إِذْ قَامَا عَلَى الْعَدُوِّ، وَرَدَّا الشَّعْبَ عَنِ الْخَطِيئَةِ، وَسَكَّنَا تَذَمُّرَ السُّوءِ.
10
وَهُمَا وَحْدَهُمَا أُبْقِيَا مِنَ السِّتِّ مِئَةَ أَلْفِ رَاجِلٍ، لِيُدْخِلاَهُمْ إِلَى الْمِيرَاثِ، إِلَى أَرْضٍ تَدُرُّ لَبَناً وَعَسَلاً.
11
وَأَتَى الرَّبُّ كَالِبَ قُوَّةً، وَبَقِيَتْ مَعَهُ إِلَى شَيْخُوخَتِهِ؛ فَصَعِدَ إِلَى ذلِكَ الْمَوْضِعِ الْمُرْتَفِعِ مِنَ الأَرْضِ، الَّذِي نَالَتْهُ ذُرِّيَّتُهُ مِيرَاثاً،
12
لِكَيْ يَعْلَمَ جَمِيعُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّ الاِنْقِيَادَ لِلرَّبِّ حَسَنٌ.
13
وَالْقُضَاةُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِاسْمِهِ، الَّذِينَ لَمْ تَزْنِ قُلُوبُهُمْ عَلَى الرَّبِّ، وَلَمْ يَرْتَدُّوا عَنْهُ.
14
لِيَكُنْ ذِكْرُهُمْ مُبَارَكاً، وَلْتُزْهِرْ عِظَامُهُمْ مِنْ مَوَاضِعِهَا.
15
وَلْيَتَجَدَّدِ اسْمُهُمْ، وَلِيُمَجِّدْهُمْ بَنُوهُمْ.
16
صَمُوئِيلُ الْمَحْبُوبُ عِنْدَ الرَّبِّ، نَبِيُّ الرَّبِّ، سَنَّ الْمُلْكَ، وَمَسَحَ رُؤَسَاءَ شَعْبِهِ.
17
قَضَى لِلْجَمَاعَةِ بِحَسَبِ شَرِيعَةِ الرَّبِّ، وَافْتَقَدَ الرَّبُّ يَعْقُوبَ.
18
بِإِيمَانِهِ اخْتُبِرَ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَبِإِيمَانِهِ عُلِمَ أَنَّهُ صَادِقُ الرُّؤْيَا.
19
دَعَا الرَّبَّ الْقَدِيرَ، عِنْدَمَا كَانَ أَعْدَاؤُهُ يُضَيِّقُونَ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، وَأَصْعَدَ حَمَلاً رَضِيعاً.
20
فَأَرْعَدَ الرَّبُّ مِنَ السَّمَاءِ، وَبِقَصِيفٍ عَظِيمٍ أَسْمَعَ صَوْتَهُ،
21
وَحَطَّمَ رُؤَسَاءَ الصُّورِيِّينَ، وَجَمِيعَ أَقْطَابِ فَلَسْطِينَ.
22
وَقَبْلَ رُقَادِهِ عَنِ الدَّهْرِ، شَهِدَ أَمَامَ الرَّبِّ وَمَسِيحِهِ، إِنِّي لَمْ آخُذْ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْبَشَرِ مَالاً بَلْ وَلاَ حِذَاءً، وَلَمْ يَشْكُهُ إِنْسَانٌ.
23
وَمِنْ بَعْدِ رُقَادِهِ تَنَبَّأَ، وَأَخْبَرَ الْمَلِكَ بِوَفَاتِهِ، وَرَفَعَ مِنَ الأَرْضِ صَوْتَهُ بِالنُّبُوءَةِ لِمَحْوِ إِثْمِ الشَّعْبِ.
الاصحاح السابع والأربعون
1
وَبَعْدَ ذلِكَ قَامَ نَاثَانُ، وَتَنَبَّأَ فِي أَيَّامِ دَاوُدَ.
2
كَمَا يُفْصَلُ الشَّحْمُ مِنْ ذَبِيحَةِ الْخَلاَصِ، هكَذَا فُصِلَ دَاوُدُ مِنْ بَيْنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
3
لاَعَبَ الأُسُودَ مُلاَعَبَتَهُ الْجِدَاءَ وَالأَدْبَابَ، كَأَنَّهَا حُمْلاَنُ الضَّأْنِ.
4
أَلَمْ يَقْتُلِ الْجَبَّارَ وَهُوَ شَابٌّ؟ أَلَمْ يَرْفَعِ الْعَارَ عَنْ شَعْبِهِ،
5
إِذْ رَفَعَ يَدَهُ بِحَجَرِ الْمِقْلاَعِ، وَحَطَّ صَلَفَ جُلْيَاتَ؟
6
لأَنَّهُ دَعَا الرَّبَّ الْعَلِيَّ؛ فَأَعْطَى يَمِينَهُ قُوَّةً، لِيقْتُلَ رَجُلاً شَدِيدَ الْقِتَالِ، وَيُعْلِيَ قَرْنَ شَعْبِهِ.
7
فَأَعْطَاهُ الرَّبُّ مَجْدَ قَاتِلِ رِبْوَاتٍ، وَمَدَحَهُ بِبَرَكَاتِهِ، إِذْ نَقَلَ إِلَيْهِ تَاجَ الْمَجْدِ.
8
فَإِنَّهُ حَطَمَ الأَعْدَاءَ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، وَأَفْنَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ الْمُنَاصِبِينَ، وَحَطَّمَ قَرْنَهُمْ إِلَى يَوْمِنَا هذَا.
9
فِي جَمِيعِ أَعْمَالِهِ اعْتَرَفَ لِلْقُدُّوسِ الْعَلِيِّ بِكَلاَمِ مَجْدٍ.
10
بِكُلِّ قَلْبِهِ سَبَّحَ، وَأَحَبَّ صَانِعَهُ.
11
أَقَامَ الْمُغَنِّينَ أَمَامَ الْمَذْبَحِ، وَلَقَّنَهُمْ أَلْحَاناً لَذِيذَةَ السَّمَاعِ.
12
جَعَلَ لِلأَعْيَادِ رَوْنَقاً، وَلِلْمَوَاسِمِ زِينَةً إِلَى الاِنْقِضَاءِ، لِكَيْ يُسَبَّحَ اسْمُهُ الْقُدُّوسُ، وَيُرَنَّمَ فِي قُدْسِهِ مُنْذُ الصَّبَاحِ.
13
الرَّبُّ غَفَرَ خَطَايَاهُ، وَأَعْلَى قَرْنَهُ إِلَى الأَبَدِ. عَاهَدَهُ عَلَى الْمُلْكِ وَعَرْشِ الْمَجْدِ فِي إِسْرَائِيلَ.
14
بَعْدَهُ قَامَ ابْنٌ حَكِيمٌ، وَعَلَى يَدِهِ اسْتَرَاحَ فِي الرُّحْبِ.
15
مَلَكَ سُلَيْمَانُ أَيَّامَ سَلاَمٍ، وَأَرَاحَهُ اللهُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، لِكَيْ يُشَيِّدَ بَيْتاً لاِسْمِهِ، وَيُهَيِّئَ قُدْساً إِلَى الأَبَدِ.
16
مَا أَعْظَمَ حِكْمَتَكَ فِي صَبَائِكَ وَفِطْنَتَكَ، الَّتِي طَفَحْتَ بِهَا مِثْلَ النَّهْرِ. فَإِنَّ قَرِيحَتَكَ عَمَّتِ الأَرْضَ،
17
فَمَلأْتَهَا مِنْ أَمْثَالِ الأَحَاجِي. بَلَغَ اسْمُكَ إِلَى الْجَزَائِرِ الْبَعِيدَةِ، وَأُحْبِبْتَ لأَجْلِ سَلاَمِكَ.
18
أُعْجِبَتِ الآفَاقُ بِمَا لَكَ مِنَ الأَغَانِيِّ وَالأَمْثَالِ وَالأَلْغَازِ وَالتَّفَاسِيرِ،
19
بِاسْمِ الرَّبِّ الإِلهِ الْمَوْصُوفِ بِإِلهِ إِسْرَائِيلَ.
20
جَمَعْتَ الذَّهَبَ كَالْقِصْدِيرِ، وَالْفِضَّةَ كَالرَّصَاصِ.
21
أَمَلْتَ فَخِذَيْكَ إِلَى النِّسَاءِ؛ فَاسْتَوْلَيْنَ عَلَى جَسَدِكَ.
22
جَعَلْتَ عَيْباً فِي مَجْدِكَ، وَنَجَّسْتَ نَسْلَكَ؛ فَجَلَبْتَ الْغَضَبَ عَلَى بَنِيكَ. لَقَدْ صَدَعَتْ قَلْبِي جَهَالَتُكَ.
23
حَتَّى قُسِمَ السُّلْطَانُ إِلَى قِسْمَيْنِ، وَنَشَأَ مِنْ أَفْرَايمَ مُلْكٌ مُتَمَرِّدٌ.
24
لكِنَّ الرَّبَّ لاَ يَتْرُكُ رَحْمَتَهُ، وَلاَ يُفْسِدُ مِنْ أَعْمَالِهِ شَيْئاً. لاَ يُدَمِّرُ أَعْقَابَ مُصْطَفَاهُ، وَلاَ يُهْلِكُ ذُرِّيَّةَ مُحِبِّهِ.
25
فَأَبْقَى لِيَعْقُوبَ بَقِيَّةً، وَلِدَاوُدَ جُرْثُومَةً مِنْهُ.
26
وَاسْتَرَاحَ سُلَيْمَانُ مَعَ آبَائِهِ،
27
وَخَلَّفَ بَعْدَهُ ذَا سَفَهٍ عِنْدَ الشَّعْبِ منْ نَسْلِهِ،
28
رَحَبْعَامَ السَّخِيفَ الرَّأْيِ، الَّذِي بَعَثَ بِمَشُورَتِهِ الشَّعْبَ عَلَى التَّمَرُّدِ،
29
وَيَارُبْعَامَ بْنَ نَابَاطَ الَّذِي آثَمَ إِسْرَائِيلَ، وَسَنَّ لأَفْرَايمَ طَرِيقَ الْخَطِيئَةِ. فَكَثُرَتْ خَطَايَاهُمْ جِدًّا،
30
حَتَّى أَجْلَتْهُمْ عَنْ أَرْضِهِمْ،
31
وَالْتَمَسُوا كُلَّ شَرٍّ، حَتَّى حَلَّ بِهِمِ الانْتِقَامُ.
الاصحاح الثامن والأربعون
1
وَقَامَ إِيلِيَّا النَّبِيُّ كَالنَّارِ، وَتَوَقَّدَ كَلاَمُهُ كَالْمِشْعَلِ.
2
بَعَثَ عَلَيْهِمِ الْجُوعَ، وَبِغَيْرَتِهِ رَدَّهُمْ نَفَراً قَلِيلاً.
3
أَغْلَقَ السَّمَاءَ بِكَلاَمِ الرَّبِّ، وَأَنْزَلَ مِنْهَا نَاراً ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
4
مَا أَعْظَمَ مَجْدَكَ، يَا إِيلِيَّا، بِعَجَائِبِكَ، وَمَنْ لَهُ فَخْرٌ كَفَخْرِكَ؟
5
أَنْتَ الَّذِي أَقَمْتَ مَيْتاً مِنَ الْمَوْتِ وَمِنَ الْجَحِيمِ، بِكَلاَمِ الْعَلِيِّ.
6
وَأَهْبَطْتَ الْمُلُوكَ إِلَى الْهَلاَكِ، وَالْمُفْتَخِرِينَ مِنْ أَسِرَّتِهِمْ.
7
وَسَمِعْتَ فِي سِينَاءَ الْقَضَاءَ، وَفِي حُورِيبَ أَحْكَامَ الاِنْتِقَامِ.
8
وَمَسَحْتَ مُلُوكاً لِلنِّقْمَةِ، وَأَنْبِياءَ خَلاَئِفَ لَكَ.
9
وَخُطِفْتَ فِي عَاصِفَةٍ مِنَ النَّارِ، فِي مَرْكَبَةِ خَيْلٍ نَارِيَّةٍ.
10
وَقَدِ اكْتَتَبَكَ الرَّبُّ لأَقْضِيَةٍ تُجْرَى فِي أَوْقَاتِهَا، وَلِتَسْكِينِ الْغَضَبِ قَبْلَ حِدَّتِهِ، وَرَدِّ قَلْبِ الأبِ إِلَى الاِبْنِ، وَإِصْلاَحِ أَسْبَاطِ يَعْقُوبَ.
11
طُوبَى لِمَنْ عَايَنَكَ، وَلِمَنْ حَازَ فَخْرَ مُصَافَاتِكَ.
12
إِنَّا نَحْيَا هذِهِ الْحَيَاةَ، وَبَعْدَ الْمَوْتِ لاَ يَكُونُ لَنَا مِثْلُ هذَا الاِسْمِ.
13
وَتَوَارَى إِيلِيَّا فِي الْعَاصِفَةِ؛ فَامْتَلأَ أَلِيشَاعُ مِنْ رُوحِهِ، وَفِي أَيَّامِهِ لَمْ يَتَزَعْزَعْ مَخَافَةً مِنْ ذِي سُلْطَانٍ، وَلَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهِ أَحَدٌ.
14
لَمْ يَغْلِبْهُ كَلاَمٌ، وَفِي رُقَادِ الْمَوْتِ، جَسَدُهُ تَنَبَّأَ.
15
صَنَعَ فِي حَيَاتِهِ الآيَاتِ، وَبَعْدَ مَوْتِهِ الأَعْمَالَ الْعَجِيبَةَ.
16
وَمَعَ هذِهِ كُلِّهَا لَمْ يَتُبِ الشَّعْبُ، وَلَمْ يُقْلِعُوا عَنِ الْخَطَايَا، إِلَى أَنْ طُرِدُوا مِنْ أَرْضِهِمْ، وَتَبَدَّدُوا فِي كُلِّ الأَرْضِ،
17
وَأُبْقِىَ شَعْبٌ قَلِيلٌ، وَرُؤَسَاءُ لِبَيْتِ دَاوُدَ،
18
بَعْضُهُمْ صَنَعُوا الْمَرْضِيَّ، وَبَعْضُهُمْ أَكْثَرُوا مِنَ الْخَطَايَا.
19
حِزْقِيَّا حَصَّنَ مَدِينَتَهُ، وَأَدْخَلَ إِلَيْهَا مَاءَ جِيحُونَ. حَفَرَ الصَّخْرَ بِالْحَدِيدِ، وَبَنَى آبَاراً لِلْمَاءِ.
20
فِي أَيَّامِهِ صَعِدَ سَنْحَارِيبُ، وَبَعَثَ رِبْشَاقاً؛ فَأَقْبَلَ وَرَفَعَ يَدَهُ عَلَى صِهْيَوْنَ، وَتَنَفَّخَ بِكِبْرِيَائِهِ.
21
حِينَئِذٍ ارْتَجَفَتْ قُلُوبُهُمْ وَأيْدِيهِمْ، وَتَمَخَّضُوا كَالْوَالِدَاتِ.
22
فَدَعَوُا الرَّبَّ الرَّحِيمَ، بَاسِطِينِ إِلَيْهِ أيْدِيَهُمْ؛ فَالْقُدُّوسُ مِنَ السَّمَاءِ اسْتَجَابَ لَهُمْ سَرِيعاً،
23
وَافْتَدَاهُمْ عَلَى يَدِ إِشَعْيَا.
24
ضَرَبَ مَحَلَّةَ أَشُّورَ، وَمَلاَكُهُ حَطَّمَهُمْ.
25
لأَنَّ حِزْقِيَّا صَنَعَ الْمَرْضِيَّ أَمَامَ الرَّبِّ، وَجَدَّ فِي السُّلُوكِ فِي طُرُقِ دَاوُدَ أَبِيهِ، الَّتِي أَوْصَاهُ بِهَا إِشَعْيَا النَّبِيُّ الْعَظِيمُ الصَّادِقُ فِي رُؤْيَاهُ.
26
فِي أَيَّامِهِ رَجَعَتِ الشَّمْسُ إِلَى الْوَرَاءِ، وَهُوَ زَادَ عَلَى عُمْرِ الْمَلِكِ.
27
بِرُوحٍ عَظِيمٍ رَأَى الْعَوَاقِبَ، وَعَزَّى النَّائِحِينَ فِي صِهْيَوْنَ.
28
كَشَفَ عَمَّا سَيَكُونُ عَلَى مَدَى الدُّهُورِ، وَعَنِ الْخَفَايَا قَبْلَ حُدُوثِهَا.
الاصحاح التاسع والأربعون
1
ذِكْرُ يُوشِيَّا مِزَاجُ طِيبٍ، قَدْ عُبِئَ بِصِنَاعَةِ الْعَطَّارِ.
2
فِي كُلِّ فَمٍ يَحْلُو كَالْعَسَلِ، وَهُوَ كَالْغِنَاءِ فِي مَجْلِسِ الْخَمْرِ.
3
أُقِيمَ لِيَتُوبَ الشَّعْبُ عَلَى يَدِهِ؛ فَرَفَعَ أَرْجَاسَ الإِثْمِ.
4
وَجَّهَ قَلْبَهُ إِلَى الرَّبِّ، وَفِي أَيَّامِ الأُثَمَاءِ وَطَّدَ التَّقْوَى.
5
كُلُّهُمْ أَجْرَمُوا مَا خَلاَ دَاوُدَ وَحِزْقِيَّا وَيُوشِيَّا.
6
تَرَكُوا شَرِيعَةَ الْعَلِيِّ. ارْتَدَّ مُلُوكُ يَهُوذَا.
7
دَفَعُوا قَرْنَهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ. وَمَجْدَهُمْ إِلَى أُمَّةٍ غَرِيبَةٍ.
8
أَحْرَقُوا بِالنَّارِ مَدِينَةَ الْقُدْسِ الْمُخْتَارَةَ، وَخَرَّبُوا طُرُقَهَا عَلَى يَدِ إِرْمِيَا.
9
فَإِنَّهُمْ أَسَاءُوا إِلَيْهِ، وَهُوَ قَدْ قُدِّسَ فِي جَوْفِ أُمِّهِ نَبِيًّا، لِيَسْتَأْصِلَ وَيُسِيءَ وَيُهْلِكَ، وَأَيْضاً لِيَبْنِيَ وَيَغْرِسَ.
10
وَرَأَى حِزْقِيَالُ رُؤْيَا الْمَجْدِ، الَّتِي أَرَاهُ إِيَّاهَا بِمَرْكَبَةِ الْكَرُوبِينَ.
11
أَنْذَرَ الأَعْدَاءَ بِالْمَطَرِ، وَوَعَدَ الْمُسْتَقِيمِينَ فِي طُرُقِهِمْ بِالإِحْسَانِ.
12
لِتُزْهِرْ عِظَامُ الأَنْبِيَاءِ الاِثْنَيْ عَشَرَ مِنْ مَكَانِهَا؛ فَإِنَّهُمْ عَزَّوْا يَعْقُوبَ، وَافْتَدَوْهُمْ بِإِيمَانِ الرَّجَاءِ.
13
كَيْفَ نُعَظِّمُ زَرُبَّابِلَ؟ إِنَّهُ كَخَاتَمٍ فِي الْيَدِ الْيُمْنَى.
14
كَذلِكَ يَشُوعُ بْنُ يُوصَادَاقَ؛ فَإِنَّهُمَا فِي أَيَّامِهِمَا بَنَيَا الْبَيْتَ، وَرَفَعَا شَأْنَ الشَّعْبِ الْمُقَدَّسِ لِلرَّبِّ الْمُهَيَّإِ لِمَجْدٍ أَبَدِيٍّ.
15
وَنَحَمْيَا يَكُونُ ذِكْرُهُ طُولَ الأَيَّامِ؛ فَإِنَّهُ أَقَامَ لَنَا السُّورَ الْمُنْهَدِمَ، وَنَصَبَ الأَبْوَابَ وَالْمَزَالِيجَ وَرَمَّ مَنَازِلَنَا.
16
لَمْ يُخْلَقْ عَلَى الأَرْضِ أَحَدٌ مِثْلَ أَخْنُوخَ، الَّذِي نُقِلَ عَنِ الأَرْضِ.
17
وَلَمْ يُولَد رَجُلٌ مِثْلُ يُوسُفَ، رَئِيسِ إِخْوَتِهِ وَعُمْدَةِ الشَّعْبِ.
18
عِظَامُهُ افْتُقِدَتْ، وَبَعْدَ مَوْتِهِ تَنَبَّأَتْ.
19
سَامٌ وَشِيثٌ مُمَجَّدَانِ بَيْنَ النَّاسِ، وَفَوْقَ كُلِّ نَفْسٍ فِي الْخَلْقِ آدَمُ.
الاصحاح الخمسون
1
سِمْعَانُ بْنُ أُونِيَّا الْكَاهِنُ الأَعْظَمُ رَمَّ الْبَيْتَ فِي حَيَاتِهِ، وَوَثَّقَ الْهَيْكَلَ فِي أَيَّامِهِ،
2
وَأَسَّسَ سَمْكاً مُضَاعَفاً، تَحْصِيناً شَامِخاً حَوْلَ الْهَيْكَلِ.
3
فِي أَيَّامِهِ اسْتُنْبِطَتْ آبَارُ الْمِيَاهِ، وَكَالْبَحْرِ تَنَاهَتْ فِي الْفَيَضَانِ.
4
هُوَ الَّذِي اهْتَمَّ بِشَعْبِهِ لِئَلاَّ يَهْلِكَ، وَحَصَّنَ الْمَدِينَةَ لِئَلاَّ تُفْتَحَ.
5
مَا أَمْجَدَهُ فِي تَصَرُّفِهِ بَيْنَ الشَّعْبِ، وَفِي خُرُوجِهِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابِ الْبَيْتِ.
6
مَثَلُهُ مَثَلُ كَوْكَبِ الصُّبْحِ بَيْنَ الْغَمَامِ، أَوِ الْبَدْرِ أَيَّامَ تَمَامِهِ،
7
أَوِ الشَّمْسِ الْمُشْرِقَةِ عَلَى هَيْكَلِ الْعَلِيِّ،
8
أَوِ الْقَوْسِ الْمُتَلأْلِئَةِ بَيْنَ سُحُبِ الْبَهَاءِ. أَوْ زَهَرِ الْوَرْدِ فِي أَيَّامِ الرَّبِيعِ، أَوِ الزَّنْبَقِ عَلَى مَجَارِي الْمِيَاهِ، أَوْ نَبَاتِ لُبْنَانَ فِي أَيَّامِ الصَّيْفِ.
9
أَوِ النَّارِ أَوِ اللُّبَانِ عَلَى الْمِجْمَرَةِ.
10
أَوْ إِنَاءِ الذَّهَبِ الْمُصْمَتِ الْمُزَيَّنِ بِكُلِّ حَجَرٍ كَرِيمٍ.
11
أَوِ الزَّيْتُونِ الْمُثْمِرِ أَوِ السَّرْوِ الْمُرْتَفِعِ إِلَى السُّحُبِ. إِذْ كَانَ يَأْخُذُ حُلَّةَ مَجْدِهِ وَيَلْبَسُ كَمَالَ زِينَتِهِ،
12
وَيَصْعَدُ إِلَى الْمَذْبَحِ الْمُقَدَّسِ كَانَ يَزِيدُ لِبَاسَ الْقُدْسِ بَهَاءً.
13
وَإِذْ كَانَ يَتَنَاوَلُ أَعْضَاءَ الذَّبِيحَةِ مِنْ أَيْدِي الْكَهَنَةِ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى مُوْقَدِ الْمَذْبَحِ، كَانَ يُحِيطُ بِهِ إِكْلِيلٌ مِنَ الإِخْوَةِ، إِحَاطَةَ الْفُرُوعِ بِأَرْزِ
14
وَالشَّطْبِ بِالنَّخْلِ. وَكَانَ جَمِيعُ بَنِي هَارُونَ فِي مَجْدِهِمْ،
15
وَتَقْدِمَةُ الرَّبِّ فِي أَيْدِيهِمْ أَمَامَ كُلِّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ. وَكَانَ هُوَ عِنْدَ إِتْمَامِ خِدْمَتِهِ عَلَى الْمَذْبَحِ، لِتَزْيِينِ تَقْدِمَةِ الْعَلِيِّ الْقَدِيرِ،
16
يَمُدُّ يَدَهُ عَلَى الْمَسْكَبِ، وَيَسْكُبُ مِنْ دَمِ الْعِنَبِ.
17
يَصُبُّهُ عَلَى أُسُسِ الْمَذْبَحِ، رَائِحَةً مَرْضِيَّةً أَمَامَ الْعَلِيِّ مَلِكِ الْجَمِيعِ.
18
حِينَئِذٍ كَانَ بَنُو هَارُونَ يَهْتِفُونَ بِالأَبْوَاقِ الْمَطْرُوقَةِ، وَيُسْمِعُونَ صَوْتاً عَظِيماً ذِكْراً أَمَامَ الْعَلِيِّ.
19
وَكَانَ عِنْدَ ذلِكَ كُلُّ الشَّعْبِ يُبَادِرُونَ مَعاً، وَيَخِرُّونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى الأَرْضِ، سَاجِدِينَ لِرَبِّهِمِ الْقَدِيرِ للهِ الْعَلِيِّ.
20
وَكَانَ الْمُغَنُّونَ يُسَبِّحُونَ بِأَصْوَاتِهِمْ، وَيُسْمِعُونَ فِي الْبَيْتِ الْمُعَظَّمِ أَلْحَانَهُمُ اللَّذِيذَةَ.
21
وَكَانَ الشَّعْبُ يَتَضَرَّعُونَ إِلَى الرَّبِّ الْعَلِيِّ بِصَلاَتِهِمْ أَمَامَ الرَّحِيمِ، إِلَى أَنْ يُفْرَغَ مِنْ إِكْرَامِ الرَّبِّ وَتَتِمَّ خِدْمَتُهُ.
22
ثُمَّ كَانَ يَنْزِلُ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ عَلَى كُلِّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، مُبَارِكاً الرَّبَّ بِشَفَتَيْهِ، وَمُفْتَخِراً بِاسْمِهِ،
23
وَيُكَرِّرُ سُجُودَهُ لِيُظْهِرَ أَنَّ الْبَرَكَةَ مِنْ لَدُنِ الْعَلِيِّ.
24
فَالآنَ، يَا جَمِيعَ النَّاسِ، بَارِكُوا اللهَ، الَّذِي يَصْنَعُ الْعَظَائِمَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَيَزِيدُ أَيَّامَنَا مُنْذُ الرَّحِمِ، وَيُعَامِلُنَا عَلَى حَسَبِ رَحْمَتِهِ.
25
لِيَمْنَحْنَا سُرُورَ الْقَلْبِ، وَالسَّلاَمَ فِي إِسْرَائِيلَ فِي أَيَّامِنَا، وَعَلَى مَدَى الدُّهُورِ،
26
مُقِرًّا عَلَيْنَا رَحْمَتَهُ، وَمُفْتَدِياً لَنَا فِي أَيَّامِهِ.
27
أُمَّتَانِ مَقَتَتْهُمَا نَفْسِي، وَالثَّالِثَةُ لَيْسَتْ بِأُمَّةٍ:
28
السَّاكِنُونَ فِي جَبَلِ السَّامِرَةِ، وَالْفِلِسْطِينِيُّونَ وَالشَّعْبُ الأَحْمَقُ السَّاكِنُ فِي شَكِيمَ.
29
قَدْ رَسَمَ تَأْدِيبَ الْعَقْلِ وَالْعِلْمِ فِي هذَا الْكِتَابِ يَشُوعُ بْنُ سِيرَاخُ الأُورُشَلِيمِيُّ، الَّذِي أَفَاضَ الْحِكْمَةَ مِنْ قَلْبِهِ.
30
طُوبَى لِمَنْ يُوَاظِبُ عَلَى هذِهْ؛ فَإِنَّ الَّذِي يَجْعَلُهَا فِي قَلْبِهِ يَكُونُ حَكِيماً،
31
وَإِذَا عَمِلَ بِهَا، يَقْدِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ نُورَ الرَّبِّ دَلِيلُهُ.
الاصحاح الحادي والخمسون
1
صَلاَةُ يَشُوعَ بْنِ سِيرَاخَ: أَعْتَرِفُ لَكَ أَيُّهَا الرَّبُّ الْمَلِكُ وَأُسَبِّحُ اللهَ مُخَلِّصِي.
2
أَعْتَرِفُ لاِسْمِكَ، لأَنَّكَ كُنْتَ لِي مُجِيراً وَنَصِيراً،
3
وَافْتَدَيْتَ جَسَدِي مِنَ الْهَلاَكِ، وَمِنْ شَرَكِ سِعَايَةِ اللِّسَانِ، وَمِنْ شِفَاهِ مُخْتَلِقِي الزُّورِ، وَكُنْتَ لِي نَاصِراً تُجَاهَ الْمُقَاوِمِينَ،
4
وَافْتَدَيْتَنِي بِرَحْمَتِكَ الْغَزِيرَةِ وَاسْمِكَ، مِنْ زَئِيرِ الْمُسْتَعِدِّينَ لِلاِفْتِرَاسِ.
5
مِنْ أَيْدِي طَالِبِي نَفْسِي، وَمِنْ مَضَايِقِيَ الْكثِيرَةِ.
6
مِنَ الاِخْتِنَاقِ بِاللَّهِيبِ الْمُحِيطِ بِي، وَمِنْ وَسَطِ النَّارِ حَتَّى لاَ أَصْلَى.
7
مِنْ عُمْقِ جَوْفِ الْجَحِيمِ، وَمِنَ اللِّسَانِ الدَّنِسِ، وَكَلاَمِ الزُّورِ، وَسِعَايَةِ اللِّسَانِ الجَائِرِ عِنْدَ الْمَلِكِ.
8
دَنَتْ نَفْسِي مِنَ الْمَوْتِ،
9
وَاقْتَرَبَتْ حَيَاتِي مِنْ عُمْقِ الْجَحِيمِ.
10
أُحِيطَ بِي مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، وَلاَ نَصِيرَ. اِلْتَفَتُّ لإِغَاثَةِ النَّاسِ فَلَمْ تَكُنْ.
11
فَتَذَكَّرْتُ رَحْمَتَكَ، أَيُّهَا الرَّبُّ، وَصَنِيعَكَ الَّذِي مُنْذُ الدَّهْرِ:
12
كَيْفَ تُنْقِذُ الَّذِينَ يَنْتَظِرُونَكَ، وَتُخَلِّصُهُمْ مِنْ أَيْدِي الأُمَمِ؟
13
فَرَفَعْتُ مِنَ الأَرْضِ صَلاَتِي، وَتَضَرَّعْتُ لأُنْقَذَ مِنَ الْمَوْتِ.
14
دَعَوْتُ الرَّبَّ أَبَا رَبِّي، لِئَلاَّ يَخْذُلَنِي فِي أَيَّامِ الضِّيقِ، فِي عَهْدِ الْمُتَكَبِّرِينَ الْخَاذِلِينَ لِي.
15
إِنِّي أُسَبِّحُ اسْمَكَ فِي كُلِّ حِينٍ، وَأُرَنِّمُ لَهُ بِالاِعْتِرَافِ، لأَنَّ صَلاَتِي قَدِ اسْتُجِيبَتْ.
16
فَإِنَّكَ قَدْ خَلَّصْتَنِي مِنَ الْهَلَكَةِ، وَأَنْقَذْتَنِي مِنْ زَمَانِ السُّوءِ.
17
فَلِذلِكَ أَعْتَرِفُ لَكَ وَأُسَبِّحُكَ، وَأُبَارِكُ اسْمَ الرَّبِّ.
18
فِي صَبَائِي قَبْلَ أَنْ أَتِيهَ، الْتَمَسْتُ الْحِكْمَةَ عَلاَنِيَةً فِي صَلاَتِي.
19
أَمَامَ الْهَيْكَلِ ابْتَهَلْتُ لأَجْلِهَا، وَإِلَى أَوَاخِرِي أَلْتَمِسُهَا. فَأَزْهَرَتْ كَبَاكُورَةِ الْعِنَبِ.
20
ابْتَهَجَ بِهَا قَلْبِي، وَدَرَجَتْ قَدَمِي فِي الاِسْتِقَامَةِ، وَمُنْذُ صَبَائِي جَدَدْتُ فِي إِثْرِهَا.
21
أَمَلْتُ أُذُنِي قَلِيلاً وَوَعَيْتُ،
22
فَوَجَدْتُ لِنَفْسِي تَأْدِيباً كَثِيراً، وَكَانَ لِي فِيهَا نُجْحٌ عَظِيمٌ.
23
إِنَّ الَّذِي أَتَانِي حِكْمَةً، أُوتِيهِ تَمْجِيداً،
24
فَإِنِّي عَزَمْتُ أَنْ أَعْمَلَ بِهَا، وَقَدْ حَرَصْتُ عَلَى الْخَيْرِ، وَلَسْتُ أَخْزَى.
25
جَاهَدَتْ نَفْسِي لأَجْلِهَا، وَفِي أَعْمَالِي لَمْ أَبْرَحْ مُتَنَطِّساً.
26
مَدَدْتُ يَدَيَّ إِلَى الْعَلاَءِ، وَبَكَيْتُ عَلَى جَهَالاَتِي.
27
وَجَّهْتُ نَفْسِي إِلَيْهَا، وَبِالطَّهَارَةِ وَجَدْتُهَا.
28
بِهَا مَلَكْتُ قَلْبِي مِنَ الْبَدْءِ؛ فَلِذلِكَ لاَ أُخْذَلُ.
29
وَجَوْفِيَ اضْطَرَبَ فِي طَلَبِهَا؛ فَلِذلِكَ اقْتَنَيْتُ قُنْيَةً صَالِحَةً.
30
أَعْطَانِيَ الرَّبُّ اللِّسَانَ جَزَاءً؛ فَبِهِ أُسَبِّحُهُ.
31
اُدْنُوا مِنِّي، أَيُّهَا الْغَيْرُ الْمُتَأَدِّبِينَ، وَامْكُثُوا فِي مَنْزِلِ التَّأْدِيبِ.
32
لِمَاذَا تَتَقَاعَدُونَ عَنْ هذِهْ، وَنُفُوسُكُمْ ظَامِئَةٌ جِدًّا؟
33
إِنِّي فَتَحْتُ فَمِي وَتَكَلَّمْتُ. دُونَكُمْ كَسْباً بِلاَ فِضَّةٍ.
34
أَخْضِعُوا رِقَابَكُمْ تَحْتَ النِّيرِ، وَلْتَتَّخِذْ نُفُوسُكُمُ التَّأْدِيبَ؛ فَإِنَّ وِجْدَانَهُ قَرِيبٌ.
35
اُنْظُرُوا بِأَعْيُنِكُمْ كَيْفَ تَعِبْتُ قَلِيلاً؛ فَوَجَدْتُ لِنَفْسِي رَاحَةً كَثِيرَةً.
36
نَالُوا التَّأْدِيبَ كَمِقْدَارٍ كَثِيرٍ مِنَ الْفِضَّةِ، وَاكْتَسِبُوا بِهِ ذَهَباً كَثِيراً.
37
لِتَبْتَهِجْ نُفُوسُكُمْ بِرَحْمَتِهِ، وَلاَ تَخْزَوْا بِمِدْحَتِهِ.
38
اِعْمَلُوا عَمَلَكُمْ قَبْلَ الأَوَانِ؛ فَيُؤْتِيَكُمْ ثَوَابَكُمْ فِي أَوَانِهِ.